طباعة
sada-elarab.com/570409
قيل في أمثالنا الحكيمة: «أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة» وهذا يعود إلى أن خبرة المرء منا تكتسب من خلال تجربته في الحياة، وما يتعرض له في أيامه من ظروف قد تكون مفرحة مبهجة وقد تكون محزنة وكئيبة، ولكنه قطعاً إن تأمل فيها بعد زوالها سيجد إنه اكتسب خبرة قد يبني عليها سلوكه وطريقة عيشه، ويضيف إلى رصيده ما يجعله القادر على تقييم الأمور والبناء عليها، والحقيقة أنه في زماننا المتسارع الخطى فإننا نعيش تجارب الحياة بكل تلاوينها بسرعة كل شيء في حياتنا وطبعاً بما فيها وسائل المواصلات المتعددة، ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة والمعاصرة.
كان الأقدمون يؤمنون بأن المرء صاحب الخبرة والتجربة يعول عليه في إنزال الناس منازلهم، وقدرته على إسداء النصيحة لمن يطلبها، قد لا يتبرع هو بالحديث عن تجربته لكنه قطعاً لن يبخل على أن يفيض في شرحها لمن ينشدها ويسعى جاهداً للاستفادة من دروس الحياة وهي كثيرة.
نمر في حياتنا اليومية بظروف متعددة اجتماعية، واقتصادية، وسياسية وثقافية قد تكون مفرحة وتدخل السرور إلى النفس وقد تكون غير ذلك، لكننا نتعايش معها ونحاول أن نتجاوز كل ما يكدر علينا حياتنا وهو أمر قد يكون في غاية الصعوبة لكننا لابد أن نتحلى بالصبر والجلد، ونسير في طريقنا نحو البناء والنماء، ونتعاون مع من نثق في قدرتهم على مساعدتنا والأخذ بيدنا.
نحن نعيش في زمن يحتاج الواحد منا للآخر في كثير من أمور حياتنا، وليعذر بعضنا بعضاً إن لم نتمكن من المساعدة لأن للمرء منا قدرات وطاقات ومعارف محدودة، وقديماً قال أبو الطيب المتنبي 303هـ -354هـ (915م – 965م)، هو أحمد بن الحسين الجعفي:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
ولذلك علينا أن نوطن النفس فنقبل الممكن وليعذر بعضنا بعضاً إن لم نتمكن من تحقيق أمانيهم ورغباتهم، فلكل شيء إذا ما تم نقصان، وهو ما قاله الشاعر الاندلسي أبو البقاء الرندي
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول
من سره زمن ساءته أزمانُ
والظروف التي نمر بها تزيدنا خبرة وتجربة ولا نستطيع أن نستغني عن الآخرين في دراسة تجاربهم وخبراتهم، وقد فرضت المعطيات الحياتية في زماننا ومنها جائحة كورونا أهمية التعاون الدولي، والإستفادة من خبرة العلماء والمختصين وتقدير جهودهم الرامية إلى الحد من خطر انتشار هذا الداء، ونحن أيضاً بحاجة أكبر إلى ما بعد هذه الجائحة خصوصاً في المجالات الصحية والاقتصادية والاجتماعية، والتعاون المفروض بين الدول المتقدمة والدول النامية مع قناعتنا بأن العالم أصبح بالفعل قرية كونية واحدة التأثير والتأثر بها قائماً لا محالة.
كم نحن على ثقة بقول أجدادنا وأبائنا: «أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة» فلنعش حياتنا بتعاوننا وتكاتفنا وتبادل الخبرات والتجارب فيما بيننا، فالحياة أخذ وعطاء وخيرنا من استفاد من تجارب الآخرين، ودرس بعناية فائقة ما يمر في حياته من تجارب وخبرات لا يستهان بها.
علينا ألا نقلل من تجارب وخبرات الآخرين فلكل عصر ثقافته.
وعلى الخير والمحبة نلتقي