حوارات
السفير حسين هريدى: العلاقات المصرية الأمريكية ستكون أقوى وأكثر استقراراً فى عهد جو بايدن
الأحد 24/يناير/2021 - 03:50 م
طباعة
sada-elarab.com/563404
مصر لعبت دوراً كبيراً فى تقدم العلاقات الأفريقية
الإدارة الأمريكية الجديدة ستعيد النظر فى ملف سد النهضة
سياسة مصر الخارجية فى عهد السيسى تحرص على العلاقات المتوازنة مع جميع دول العالم
قال السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، ان مصر لعبت دورا كبيرا فى تقدم العلاقات الإفريقية مما اسهم فى تسريع وتيرة قنوات التعاون الاقتصادى بناء على تفعيل اتفاقية التجارة الحرة التى دخلت حيز التنفيذ مع بداية هذا العام انطلاقا من اجندة 2063 التى وضعها الاتحاد الإفريقى كمرتكز لأهدافه الاقتصادية فى المرحلة القادمة وعقب هريدى فى حواره لـ"صدي العرب" على تنصيب جو بايد رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية بقوله إن العلاقات المصرية الأمريكية فى عهد «جو بايدن»، الرئيس الأمريكى الجديد، ستكون علاقات مؤسسية وان الطابع الرسمى هو الغالب والقنوات الدبلوماسية ستكون نشيطة للغاية أفضل مما كانت عليه فى عهد الرئيس دونالد ترامب، متوقعا أن تعيد الإدارة الأمريكية الجديدة النظر فى ملف سد النهضة. وأضاف «هريدي» فى حواره مع «السوق العربية المشتركة»، أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستكون أكثر تشددا مع السياسة التركية فى المنطقة، لافتا إلى أن الولايات المتحدة لم تعد تعطى لجماعة الإخوان اى أهمية بعد ان اكتشفت حقيقتهم مع مرور السنوات.
■ فى البداية.. ما توقعاتك لشكل العلاقات المصرية الأمريكية فى عهد جو بايدن؟
- العلاقات المصرية الأمريكية شهدت فى العام الماضى طفرة كبيرة، حيث إن التنسيق المصرى الأمريكى، يمثل جزءًا مهمًا فى استراتيجية التعاون مع القضايا والملفات، خاصةً فيما يتعلق بالملف الأهم والأكبر فى المنطقة، وهو الإرهاب الدولى، والتنظيمات الإرهابية، والأفكار المتطرفة التى تطورت بدورها فى الصراعات، حيث تمتلك مصر رؤية شاملة فى التعامل مع هذه الظواهر التى تتعلق بالإرهاب التى تقوم على التعامل من منصوص شامل ومواجهة عسكرية وأمنية وثقافية وتنموية، وتجفيف منابع الإرهاب، واتخاذ مواقف رادعة تجاه الدول التى تحتضن وتمول الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، والتعاون بين الدول الكبرى فى منع تسلل العناصر الإرهابية ومنع تدفق الأموال عبر الانترنت.
■ ماذا بعد رحيل ترامب؟
- أتوقع أن تكون العلاقة أفضل وأكثر استقرارا فجو بايدن رجل سياسى أمريكى مخضرم درس وعاش السياسة منذ سنوات فهو من الجيل القديم من الساسة الامريكيين وقد أمضى خمسة عقود فى الحياة العامة، وقد تم إعادة انتخابه 6 مرات فى مجلس الشيوخ، وامضى 15 عاما منهم رئيسا للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، ثم عمل لمدة 9 سنوات كنائب للرئيس الأمريكى الاسبق باراك أوباما. ومصر دولة محورية فى المنطقة ومهمة لكافة الاطراف الدولية ومن المعلوم ان الولايات المتحدة الأمريكية دولة مؤسسات، وأنا لازلت متفائلا بإدارة جو بايدن وتأثيرها الإيجابى على مسار العلاقات المصرية الأمريكية، لكن على مصر أن تتواصل مع الأجهزة الأمريكية ممثلة فى مجلس الأمن القومى بالكونجرس والخارجية والمراكز البحثية، لاستثمار دورها فى المنطقة، وأن تكون طرفا مؤثرا فى معادلة الشرق الأوسط، والعلاقات الأمريكية المصرية علاقات مؤسسية لا تعتمد على الرؤساء فهناك مراكز نافذة فى الولايات المتحدة تؤثر على القرار الأمريكى تجاه مصر، وهذا ما حدث عندما تم رفض منع المعونة الأمريكية لمصر عقب ثورة 30 يونيو، وعزل جماعة الإخوان المسلمين من الحكم، وأتوقع أن يكون هناك تركيز أكثر على قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، ليس فى مصر فقط ولكن فى أغلب دول العالم، وأنا أطالب ألا يكون ملف الإخوان المسلمين هو العنصر المسيطر على العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
■ كيف ترى الدور الذى قامت به الخارجية المصرية للحافظ على الامن القومى العربى فى الفترة الماضية؟
- نجحت الخارجية المصرية هذا العام بإشراف ومتابعة تامة من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى تحقيق انطلاقة جديدة على مختلف المحاور؛ وحققت انتصارات كبيرة فى مجالات شتى وبعلاقات جيدة على مستوى العالم فقد استطاعت مصر فى هذا العام حسم الكثير من الملفات التى ظلت معلقة لسنوات طويلة.
فقد كانت السياسة العامة لمصر منذ تولى الرئيس السيسى الحكم هى الحرص على إقامة علاقات متوازنة مع جميع دول العالم شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا. وعززت روابط عميقة مع مختلف البلدان سواء مع الدول العربية والإفريقية الشقيقة، أو مع القوى الكبرى، وفى مقدمتها الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، والانفتاح على قوى أخرى؛ مثل: روسيا والصين، ومن هذا المنطلق جاءت الزيارات الخارجية التى قام بها الرئيس السيسى، وحرصه على المشاركة فى القمم والمحافل الإقليمية والدولية بخلاف زياراته الثنائية لدول العالم لتصب فى مصلحة مصر سياسيًا واقتصاديًا وبدت فى هذا الإطار المواقف الثابتة التى تتبناها مصر، خاصةً حيال القضايا الإقليمية فى الشرق الأوسط وعلى رأسها الأزمة السورية وليبيا واليمن والعراق. فيما تظل القضية الفلسطينية تحتل مكانتها على رأس الأولويات المصرية،
■ بماذا تفسر النجاح الكبير الذى حققته مصر مع الاشقاء الافارقه فى الاعوام السابقة؟
- ما حققته الخارجية المصرية فى الشأن الإفريقى يدعو للفخر فالانتماء المصرى للقارة الإفريقية جعلها تأتى فى صدارة دوائر السياسية الخارجية؛ بل ويشكل أحد المعالم الرئيسة فى تاريخ مصر، فمنذ تولى الرئيس السيسى المسؤولية سعت مصر إلى لعب دور فاعل فى مختلف آليات العمل الإفريقى المشترك، من خلال تنشيط التعاون بين مصر والأشقاء الأفارقة فى كافة المجالات، وهو الأمر الذى انعكس فى القيام بالعديد من الزيارات واستقبال المسؤولين الأفارقة فى مصر، وما شهدته تلك الزيارات من توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية بين مصر والدول الإفريقية بهدف دعم التعاون الاقتصادى ومن انجازات الخارجية أيضا هذا العام ما شاركته مصر به من انهاء أزمة السودان وتحقيق اتفاق جوبا من خلال تكثيف التشاور الثنائى مع الأشقاء فى السودان والشركاء الدوليين لتأكيد دعم مصر للسودان خلال المرحلة الانتقالية. وفيما يتعلق بالتعاون مع دولة جنوب السودان رحبت مصر فى فبراير 2020 بالإعلان عن الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية فى جمهورية جنوب السودان.
كما أثمرت الزيارات الخارجية للرئيس عبدالفتاح السيسى، عن علاقات مصر الثنائية، وتقوية وتعزيز الدور الإقليمى لمصر، وتكريس تواجدها ومكانتها على الساحة الدولية.
■ كيف ترى التخوفات التى يثيرها البعض حول دعم بايدن وادارته للإخوان كما كان يفعل الديمقراطيون من قبل؟
- الإخوان هم الذين صنعوا هذا الوهم وهم من يكررونه وهذا الموضوع انتهى منذ عشر سنوات، و«جو بايدن» هو الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأمريكية بعد عشر سنوات من فشل الربيع العربى، وأعتقد أن كل الخبراء الأمريكيين استخرجوا الدروس المهمة من الربيع العربى، وأنا أعتقد أنه ستكون هناك توجهات جديدة وسياسات جديدة للرئيس المنتخب جو بايدن تختلف إلى حد ما عن بعض التوجهات التى كانت سائدة فى الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما. وستتم مناقشة كل الملفات بين البلدين بعيدا عن الإعلان وفى ثقة متبادلة، ولن تكون هناك خلافات رئيسية بين القاهرة وواشنطن حول جميع الملفات.
■ كيف تتوقع موقف الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن من ملف سد النهضة؟
- كانت إثيوبيا تتهم ترامب بالانحياز لمصر فى موضوع ملف سد النهضة وكانت هناك تصريحات للرئيس الأمريكى ترامب هاجم فيها الجانب الإثيوبى وتحدث فيها عن أن الأمر سوف ينتهى بمصر إلى تفجير السد مما اعتبره البعض ضوءا أخضر من جانب الرئيس الأمريكى لمصر بضرب سد النهضة.
اما الان فعلينا أن ننتظر، وأعتقد أن الإدارة الجديدة سوف تعيد النظر فى هذا الموضوع، وعلينا أن ننتظر القرار الذى سوف تتخذه الإدارة الأمريكية الجديدة فى هذا الشأن.
■ هل تعتقد أن عملية التطبيع العربى مع إسرائيل التى حدثت فى نهاية عهد ترامب ستستمر بنفس الطريقة؟
- هناك توقعات بأن يتم تجميد خطة السلام الخاصة بـ«ترامب»، ومن المتوقع أن تقوم إدارة «جو بايدن» باستئناف المساعدات للسلطة الفلسطينية والمساعدات الأمريكية لوكالة غوث للاجئين، مع تشجيع الجانب الفلسطيني على استئناف المفاوضات مع إسرائيل لتنفيذ حل الدولتين.
إدارة «جو بادين» ستجعل هذا الملف يأخذ مساره الطبيعى، ولن تمارس ضغوطًا على أى دولة عربية لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وهناك أيضا «عملية وارسو» التى كانت تؤطر لتعاون إقليمى ما بين إسرائيل والدول العربية السنية، فهل إدارة «جو بادين» سوف تلتزم بهذه المبادرة أم لا، ربما لا تضغط فى هذا الاتجاه، وسوف تربطه بتحقيق تقدم على صعيد القضية الفلسطينية.
■ كيف ترى الدور المصرى فى مجابهة التدخل التركى فى المنطقة؟
- ان مصر استطاعت ايقاف المشروع التركى عند حده سواء فى ليبيا أو مشكلة تقسيم الحدود البحرية فى المتوسط ومؤخرا دعت مصر لاجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية لجامعة الدول العربية لبحث العدوان التركى على الأراضى السورية والليبية 2020 حيث أدان الاجتماع الاعتداء التركى على سوريا وليبيا وخرجت من التوصيات لجنة باسم متابعة ورصد التدخلات التركية فى المنطقة وأعتقد أن إدارة «بايدن» سوف تتخذ موقفا أكثر تشددا إزاء السياسة الخارجية لأردوغان فى الشرق الأوسط، لأن «أردوغان» كان يتمتع بغطاء سياسى ودعم من الرئيس ترامب، الآن الأمور سوف تختلف، وبالتالى سوف ينعكس ذلك على توجهات السياسة الخارجية التركية.
■ هل تتوقع اذن حدوث تغيير فى الدور الأمريكى فى ليبيا فى عهد جو بايدن؟
- أعتقد أن الموقف الأمريكى فى الفترة الأخيرة كان يدفع بالحل السلمى وتنفيذ مخرجات مؤتمر برلين، وأعتقد أن إدارة «بايدن» ستسير فى نفس الاتجاه.
■ ماذا عن موقف مصر من الأزمة الليبية؟
- موقف مصر الثابت من الأزمة الليبية، هو الحرص على إنهاء الأزمة عبر التوصل لتسوية سياسية شاملة تحافظ على وحدة ليبيا وسلامتها الإقليمية، حيث تم إطلاق «إعلان القاهرة» فى 6 يونيو 2020، ومن خلال مبادرتها التى سبق وأن أطلقتها وعبّرت فيها عن موقفها الثابت من تطورات الأوضاع فى ليبيا، والتى ارتكزت على ثلاثة مبادئ تكمن فى «احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة أراضيها، وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية لليبيا».
■ أخيرا ما توقعاتك للعلاقات الأمريكية مع كل من الصين وروسيا وأوروبا والتى شهدت توترا كبيرا فى عهد ترامب؟
- أتوقع أن تتغير المنهجية الامريكية فى التعامل الخارجى وسوف يتم تعزيز العلاقات مع أوروبا وسوف يتم كذلك إصلاح الضرر الذى لحق بهذه العلاقات فى عهد «ترامب»، كما أتوقع أن يختلف أسلوب تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع الصين عن الأسلوب الذى اتبعه «ترامب» ولغة التهديد سوف تختفى.