طباعة
sada-elarab.com/562577
تعوَّد أهل البحرين في الغربة أن يسعوا إلى لم شملهم ويتواصلوا مع كل من يفد إليهم لطلب الرزق أو الدراسة أو زيارة الأهل والأقارب أو لاكتشاف بلدان وشعوب أخرى..
عندما كنا طلبة ساعين لتلقي العلم الجامعي في مصر، وسوريا والعراق، ولبنان، والكويت، وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، كان الطلبة والطالبات يتواصلون مع بعضهم بعضًا، ويحاولون كل أسبوع الالتقاء على وجبة طعام وقضاء الأوقات في التسوق أو اكتشاف معالم للبلد التي وفدوا عليها. وكانت القيادة وحكام البحرين عندما يزورون بعض هذه البلدان يحرصون على الالتقاء بالطلبة والاستماع إليهم، وقد حفلت الأرشيفات مثل هذه اللقاءات الطيبة بين المواطنين الطلبة وحكام البحرين والعائلة الحاكمة الكريمة الذين لم يبخلوا عليهم بالنصح والإرشاد وتحفيزهم على الدراسة والجد والاجتهاد.
سفراؤنا في الخارج كان أيضًا لهم الدور الكبير في السعي لتجميع الجالية البحرينية في البلدان التي يمثلونها ويسعون لحضور الفاعليات التي ينظمها الطلبة في المناسبات الوطنية أو مناسبة الأعياد، وكان الحرص على التواصل هو الأساس في إقامة علاقات ودية وتذليل الصعاب وفي نفس الوقت إشعارهم أن التواصل مهم في التخفيف عن معاناة الغربة، وهو شعور إنساني يتعرض له كل مغترب عن وطنه، ولكن التواصل مع أبناء وطنه بمختلف مسؤولياتهم يضفي على الحياة معنى ومغزى ويشعرهم أنهم بين أهلهم وعشيرتهم وذويهم.
في السبعينات عندما كنا في دولة الكويت على الرغم من وجود أهلنا وجماعتنا في هذا البلد الشقيق، إلا أن التواصل كان قائمًا بين الطلبة والطالبات في مناسبات كثيرة ومن بينها الرحلة الجميلة لجزيرة فيلكا، وكان التواصل بين أهالي الطلبة والمرحوم صالح شهاب وكيل وزارة السياحة الكويتية الذي كان له الدور الكبير في إلحاق طلبة وطالبات البحرين بجامعة الكويت، مثواه الجنة، فقد كان يرحمه الله الحريص على التواصل مع أهالي الطلبة والمسؤولين في وزارة التربية والتعليم ونادي الخريجين بالبحرين، وكان شاعرًا أن للبحرين الدور الكبير في تعليمه هو وزملائه من الطلبة الكويتيين الذين درسوا في مدرسة الصناعة بالبحرين، وكان لسفارة البحرين فيما بعد أيضًا الدور الكبير والمؤثر في التواصل مع الطلبة وأهليهم والمسؤولين في وزارة التربية والتعليم..
وعندما توسعت مملكة البحرين في فتح سفارات لها في الخارج، كان للسفير وأركان السفارة والملحقيات الثقافية الدور الكبير في احتضان الطلبة والتسهيل عليهم، وتذليل العقبات التي قد تحول دون مواصلتهم للدراسة بيسر وسهولة.
كما كان للسفارات الدور الكبير في التواصل مع المواطنين المقيمين أو الذين يأتون زائرين لغرض السياحة أو التجارة أو العلاج. وكان المواطنون ولا يزالون يعتبرون السفارات المرجع الذي إليه يجدون ضالتهم، وكان ولا يزال السفراء والحمد لله عند حُسن الظن بهم. وعندما أمر حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، بالاحتفال يوم الرابع عشر من يناير سنويًا بالدبلوماسية البحرينية، فإن هذا عرفانًا وتكريمًا وتقديرًا من جلالته لدور الدبلوماسية البحرينية المميزة في الداخل والخارج ومنجزاتها الدبلوماسية وجهود منتسبيها، «وفي ذلك تأكيد على الدور الفاعل للدبلوماسية البحرينية وتعريف العالم كله بالهوية الرصينة لسياسة مملكة البحرين الخارجية الملتزمة بتعزيز التضامن العالمي والارتقاء بالأمن الإنساني».
سفراء كثر للبحرين كان لهم الدور المؤثر في جهود البحرين نحو التضامن والتكاتف ومعالجة القضايا التي تهم الأمة، بالإضافة إلى الإسهام في ترسيخ التعاون بين الأشقاء والأصدقاء في الدول التي مثلو البحرين فيها خير تمثيل، وخيرًا فعلت وزارة الخارجية بمملكة البحرين في تسجيل وتوثيق شخصيات السفراء، منهم من اختارهم الله إلى جواره ومنهم من تقاعد ومنهم من لا يزال يعطي ويبذل الجهود إخلاصًا وتفانيًا للوطن وإنجازاته، وهي جهود مقدرة من وزارة الخارجية بالمملكة وجهود سفرائنا في مختلف البلدان. سيظل دور السفارات والسفراء ناصعًا ومؤثرًا، فقد أثبتوا جدارة وإخلاصًا وتفانيًا، ووضعوا نصب أعينهم مصلحة الوطن والمواطنين..
فلسفرائنا في الخارج التحية والتقدير، كما أن للعاملين في وزارة الخارجية، وزيرًا ووكلاء وزارة ووكلاء مساعدين ومستشارين ومديرين وكافة رجال ونساء أركان وزارة الخارجية، الشكر والتقدير على ما يبذلونه من جهود مقدرة من أجل رفعة الوطن وعلو شأنه وتحقيق الإنجاز تلو الإنجاز، ومما يذكره تاريخ الدبلوماسية البحرينية: «إنه مرت المسيرة الدبلوماسية لمملكة البحرين التي انطلقت منذ صدور المرسوم الأميري رقم (1) لسنة 1969 من صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد الراحل، طيب الله ثراه، بإنشاء دائرة الخارجية عام 1971 ليكون رائد الدبلوماسية الأول سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء وزيرًا للخارجية، بالعديد من المحطات المهمة التي شكلت عبر أكثر من نصف قرن إرثًا دبلوماسيًا مهمًا، يفتح الآفاق نحو تحقيق المزيد من الإنجازات».
وعلى الخير والمحبة نلتقي..