طباعة
sada-elarab.com/545221
بدأنا نسمع على لسان قادة ومنظمات دولية، والمؤسسات الخاصة والعامة ودول؛ الحاجة إلى التعاون للقضاء على فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وضرورة تكاتف الجهود للتقليل من آثاره المدمرة الصحية والاقتصادية والمالية والمجتمعية تارة، وبالإجراءات والحماية والاحتياطات الضرورية، وبالإسراع في إيجاد اللقاح المناسب والفعال، وإمكانية توزيعه على الجميع، تارة أخرى؛ لأن احتكاره يعني بقاء الحال على ما هو عليه.
منظمة الصحة العالمية تحتاج إلى مليارات الدولارات والدول وعلى رأسها المملكة العربية السعودية الشقيقة وبأمر سام من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية حفظه الله ورعاه تبرعت ماليًا، وكما جاء على لسان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية (أدهانوم غيبر يسوس) قد بلغت 500 مليون دولار لمساندة الجهود الدولية للتصدي لفيروس كورونا.
فالمملكة العربية السعودية الشقيقة ترأس مجموعة العشرين لعام 2020م، وهذا ليس بغريب على الشقيقة المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة.
التعاون الدولي صحيح مهم والشعور بالمسؤولية الجماعية افتقدناه منذ أن بدأ التفكير والشروع في الأعمال الإرهابية والحروب وسفك الدماء والاعتداء على حرمة الأوطان، والدسائس والمؤامرات التي لها أول ليس لها آخر.
ربما كان آخر ما كان يفكر فيه العالم هو التعاون في المجال الصحي، وخاصة مجال الأدوية واللقاحات، والسباق المحموم للاحتكار للشركات الكبرى التي كانت تترصد لأي محاولات للتصنيع خاصة من الدول الفقيرة أو النامية.
في مطلع التسعينات كنت مع عدد من الأخوة العرب والأفارقة ودول أوروبا الشرقية في زيارة عمل وتدريب للملكية الفكرية وبراءة الاختراع في الولايات المتحدة الأمريكية وقمنا بزيارات ميدانية لكل المؤسسات والشركات والهيئات الحكومية التي تهتم بهذه المواضيع، وعلى رأسها حقوق المؤلف، وحق الأداء العلني وبراءة الاختراع، وكان القلق الذي يساور شركات الدواء الكبرى هو التعدي على براءة الاختراع والحقوق في مجال الدواء وضربوا لنا أمثلة في دول متعددة بعضها متقدم، وبعضها نام وبعضها فقير، واعتبروا كل تلك المحاولات تعدي على حقوقهم في اختراع الدواء وأنهم من خلال «القرصنة» يخسرون الآلاف وربما الملايين من الدولارات.. وباعتبار أغلبية المشاركين من الدول النامية فقد كان النقاش معهم لماذا لا يتم توفير الدواء بأسعار مناسبة تراعي ظروف الدول واقتصادها النامي، إضافة إلى الحاجة الإنسانية لمواطني هذه الدول ومراعاة لظروفهم، أو على الأقل تدريبهم للاستفادة بما تجود به بيئتهم من أعشاب تدخل في الدواء وليس بالضرورة مشابه أو نسخة طبق الأصل من الدواء الذي تنتجه الشركات الكبرى ولكنه فعال ويؤدي نفس الغرض.
وهذا ما نلمسه الآن في الصيدليات حينما تطلب دواء من شركة يقول لك الصيدلاني: «لا يوجد نفس الدواء ولكن يوجد البديل من شركات أخرى ومفعوله نفس المفعول». فبالنسبة للمريض المفعول هو المهم وهو الغاية والمطلب وليس اسم الشركة المصنعة.
إذن نحن فيما نتعرض له من جائحة عالمية يلقي العبء على منظمة الصحة العالمية باعتبارها تمثل جميع الدول الصناعية الكبرى والدول النامية والفقيرة لإيجاد وسائل للتعاون فعالة، وبدأنا نسمع ونقرأ بضرورة إصلاح منظمة الصحة العالمية، والإصلاح قطعًا سوف لن يتم إلا بتعاون الدول الأعضاء جميعًا في التغلب على هذه الجائحة والحد منها ومواجهة أية أمراضي معدية مستقبلاً، وهذا الأمر يتطلب النظر في الأوضاع الصحية في العالم، فقد كشفت هذه الجائحة أن هناك قصورًا في بعض الدول بمختلف شرائحها في المرافق الصحية والخدمات العلاجية وشح المستشفيات وندرة العاملين في المجال الصحي، والحمد لله أننا في بلادنا مملكة البحرين ننعم بفضل توجه القيادة الرشيدة والحكيمة بالاهتمام بالخدمات الصحية والمستشفيات المتخصصة والمراكز الصحية في المدن والقرى، والاستعداد المبكر لمواجهة هذه الجائحة، وبأمر سامٍ من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه تم تشكيل فريق البحرين برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وعضوية مسؤولين بوزارة الصحة ومؤسسات ووزارات الدولة وفتح المجال للمتطوعين الذين لبوا نداء الوطن بسرعة تدعو إلى الفخر والاعتزاز.
المهمة كانت صعبة لكنها لم تكن مستحيلة بفضل حقيقة الشعار الذي رفع منذ الانطلاقة الأولى «مجتمع واعي» ولازلنا نراهن على ذلك ونؤكد عليه فالوعي هو الأساس لنجاح أي نشاط تضطلع به الدولة وأخذ ذلك بالحسبان في كل خطوة نخطوها.
العالم اليوم بحاجة إلى التعاون لمواجهة هذه الجائحة، ومن متابعتنا لما يبث في وسائل الإعلام المختلفة نرى أن أخبار هذه الجائحة تتصدر عناوين الأخبار والجرائد ووسائل التواصل الاجتماعي وبودنا قطعًا أن نرى ثمرة التعاون الدولي حاضرًا ومستقبلاً، وأن تقوم منظمة الصحة العالمية بدورها المأمول كإحدى منظمات الأمم المتحدة التي تجمعنا تحت رايتها كدول أعضاء لنا السيادة ولنا الكلمة والموقف الذي نتأمل من خلال هذه المنظمة والدول الأعضاء فيها أن يكون لديها الاستشعار المسبق لما يحدث من كوارث وويلات صحية وطرق الحماية والعلاج، فالتجربة الواقعية الحالية تقرع الجرس بضرورة الحاجة إلى التعاون الدولي في كل المجالات وعلى رأسها المجال الصحي والعلاجي.
وعلى الخير والمحبة نلتقي