طباعة
sada-elarab.com/528813
عندما يتقدم بنا العمر، ماذا نطلب من هذه الدنيا غير الستر والصحبة الطيبة مع الأصدقاء والجيران، والمعارف الذين جمعتنا وإياهم ظروف الحياة في الوطن أو خارجه؟
كنت في نقاش مع أحد الزملاء عن الظروف الصحية التي نمر بها هذه الأيام، والجائحة التي قضت مضاجعنا، وأصبحنا نتحسس خطانا، ونشفق على بعضنا بعضًا، وأصبحت المسؤولية كبيرة على كل فرد منا؛ حماية لنفسه وحماية لأهل بيته وأبناء وطنه، فالمسؤولية تضامنية الكل يتحمل المسؤولية بما قيض الله له أن يكون وفي الموقع الذي وضعته المقادير فيه.
تكلمنا عن آبائنا وأجدادنا وشعورهم الإنساني الذي نتعاطف معه كثيرًا هذه الأيام، فقد كانت المساجد والجوامع بالنسبة لهم دور عبادة يقضون وقتهم في طاعة الله والاستغفار، ويشعرون بالراحة النفسية لأداء العبادات وفي نفس الوقت يلتقون بأصدقائهم ومعارفهم، فيشعرون من خلال الخمس الصلوات المفروضة أنهم الأقرب إلى بعضهم بعضًا وفي بيت من بيوت الله التي يجد المرء فيها كل الراحة النفسية والاطمئنان القلبي والرضا العقلي، فبيوت الله سبحانه وتعالى تلقى كل الإجلال والتقديس من أولئك الذين خبروا الحياة بكل تجاربها ووجدوا سلوتهم باللقاء الحميمي بينهم، ولهذه الظروف الصحية والصعبة بات عليهم الالتزام بالتحذيرات والتنبيهات والاحترازات التي نادت بها الجهات المختصة شعورًا منهم بالمسؤولية الوطنية والمجتمعية، فهم الحريصون على كل مواطن وسلامته، وبالتالي سلامة الجميع ككل، وهي لعمري مسؤولية كبيرة ومقدرة، فالتعاون والتكاتف والاستجابات الإيجابية من مسؤولية الجميع، كل في الموقع والمسؤولية التي هو يتولاها والمسؤول عنها.
كذلك وجد الآباء والأجداد أنفسهم بعيدين عن المجالس التي اعتبروها دائمًا ملاذًا للقائهم والتشاور فيما بينهم وتبادلهم الأحاديث والمسامرات وذكريات الزمن الذي مازالوا يؤمنون بجماله وروعته، فقد جمعتهم الظروف بكل قساوتها وحلوها ومرها، لكنهم تعاونوا على تجاوز ما اعترضهم من منغصات ومعوقات بتعاونهم وتفانيهم في خدمة مجتمعهم.
اليوم يجدون أنفسهم وقد خلت المجالس من روادها لما فيه مصلحة الناس والمجتمع والعذر عندهم مقدر، فالمصلحة العليا تقتضي الالتزام بالتعليمات والتنبيهات الصادرة من الجهات المختصة.
ولا يحسبن البعض أن هذا الأمر سهلاً على أولئك الرجال الذين اعتادوا أن يلتقوا بزملائهم ومحبيهم في الأيام والأمسيات الجميلة، ولكنهم لشعورهم الوطني الإنساني يدركون أن للضرورة أحكامًا، وأن الظروف تفرض نفسها على الجميع، وفي هذا التضامن رونق وبريق قد لا ندركه اليوم ولكنه سيظل في تاريخنا صفحات ناصعة من التعاون والتكاتف والاستجابة المجتمعية لنداء الوطن.
نحن على يقين بأن هذه الظروف الطارئة لن تدوم، وأنه لا بد لليل من آخر، وأن الفرج سيكون إن شاء الله بعد الشدة والله سبحانه وتعالى قادر على إزالة الغمة والبلاء عن مجتمعنا الإنساني.
الحياة مليئة بالتجارب، والظروف التي تواجه المجتمعات تقتضي منهم التأمل ودراسة الحلول والبدائل، وإذا كان اللبيب بالإشارة يفهم، فنحن أمام واقع ماثل ولسنا في موضع الإشارة، وبالتالي من المسؤولية المجتمعية والواجب الوطني أن تكون لنا الدراسات المعمقة، وإعمال الفكر والعقل لمواجهة آثار ذلك، والتقدم إلى الأمام، ونحن واثقون بأن القدرات التي يتمتع بها مجتمعنا والإرادة السياسية التي تتحلى بها قيادة هذا الوطن الرشيدة قادرة على دراسة الخطوات المقبلة ووضع الحلول متضامنين ومتعاونين مع بعضنا بعضًا، فالقدرة على الفعل الإيجابي من أخلاق الشعوب المحبة للخير والبناء، فقد عودنا هذا المجتمع على أن يتجاوز كل سلبيات الزمان ويبني للمستقبل، والرهان على شبابنا وعطائهم وبذلهم يزداد يومًا عن يوم، ولا شك أن تبادل الخبرات والتجارب، وتقدير كل جهد وطني سيسهم إن شاء الله في بناء المستقبل، فالمرء منا مهما احتل من موقع ومكان فله مسؤولية ودور يضطلع به، وعلينا أن نؤمن بقدرات وطاقات مجتمعنا ودراسة القوى الكامنة فيه لخير الجميع إن شاء الله.
وعلى الخير والمحبة نلتقي،،،