طباعة
sada-elarab.com/519978
أيام قلائل ويرحل عنا شهر رمضان وتنقضي لياليه المضيئة بالذكر والصلوات وينفض سوق الخير والعمل الصالح ولا يبقى منه إلا ما قدمنا من طاعات وتقربات إلى المولى عز وجل.
والعاقل فينا هو من يستمر في أداء العمل الصالح وما كان يفعل من خير وقربات إلى الله في رمضان لان رب رمضان هو رب الأحد عشر شهرا الأخرى ويجب أن يكون شهر رمضان مخفزا ودافعا للخير طوال العام فهو بمثابة شحنة إيمانية ممتدة المفعول وهو ما يمكن أن نشبه ب"الباور بانك" الذي تستعين بها كلما ضعفت بطارية هاتفك المحمول كذلك رمضان طاقة إيمانية نستدعيها كلما خارت قوانا أمام ملذات الدنيا وزخرفها الزائل.
وإذا كان سنتوقف عن صيام الفريضة "الامتناع عن الأكل والشراب" بعد شهر رمضان جدير بنا أن نواصل الصوم عن الحسد والحقد والكراهية والضغينة وحب النفس والاستعلاء،فهذه الأمراض وإن كانت معنوية ونفسية ولكن سرعان ما تتحول إلى أفعال مادية مخالفة لمنهج رب الارص والسماء وتجلب على حاملها أوزارا وذنوبا تصل إلى حد أكبر الكبائر والعياذ بالله فالحسد والحقد هما الدافع الاساسي وراء أول جريمة قتل شهدتها البشرية،حيث قتل قابيل أخيه هابيل حسدا وحقدا لقربه من الله حيث يقول الله عز وجل "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لاقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين".
نفس الأمر انتهجه إخوة سيدنا يوسف عليه السلام الذين كرهوا محبة سيدنا يعقوب ليوسف أخيهم الأصغر ،فما كان منهم إلا اعدوا عدتهم للتخلص من طفل لا يملك لهم نفعا وضرا ولكن مشيئة الله كانت لهم بالمرصاد ،فيقول تعالى "وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وإذا كان الصوم في اللغة العربية يعني الامتناع عن الكلام كما ورد في آيات الذكر الحكيم "إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا" فعلينا جميعا أن نذر للرحمن صوما عن الكلام فيما حرم الله وندع قول الزور وشهادة الزور والخوض في الأعراض وإثارة الشائعات وترك الغيبة والنميمة والصوم عن ايذاء الآخرين بالقول "السخرية اللفظية" وهو تصف اخيك بما يكره والصوم عن ترديد الألفاظ الخارجة والأغاني الهابطة التي تغزو بيوتنا وشوارعنا والصوم عن المجادلة وإن كانت بالحق حبا لله وفي الله.
ولنا في رسول الله أسوة حسنة إذ يقول من كان يؤمن بالله واليوم الاخر وفليقل خيرا أو ليصمت، ويقول الحبيب ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذىء،ومن واحة الحكماء نقتطف القول الشهير خير الكلام ما قل ودل.
ولا شك إن هناك صنوف أنواع أخرى للصوم بعد رمضان لا يسعيني ذكرها في هذا المقال وتركت المجال لحضراتكم ليتحرى كل منا بحسب عمره وعمله وطبيعته المواضع التي يجب أن يصوم فيها وعنها حتى لا يقع في معصية ربه.