طباعة
sada-elarab.com/343783
سأتعرض في هذا المقال إلى بعض القضايا التي ربما لها علاقة بالبحر والذي يمثل حياة المواطن البحريني على هذه الجزيرة الصغيرة، فلطالما كان البحر يمثل محور اهتمام الإنسان البحريني في العقود الماضية وما قبل النهضة الاقتصادية، ولعلنا سنعود للبحر مرة أخرى في المستقبل القريب ولكن اتمنى الا يكون ذلك بعد فوات الأوان.
رسالة البحر الأولى كانت من مواطن أرسل لي عدة صور ومقاطع فيديو صادمة للبحر وما يحمله من مخلفات بناء وأخشاب ومواد أخرى ضخمة تسببت في تعطل محرك الجتسكي الخاص به، وكان ذلك بالقرب من منطقة الجفير، حيث يمتد «جبل المخلفات» من جسر الشيخ خليفة بن سلمان بين منطقتي الجفير والحد، وكانت الجرافة تدفع بتلك المخلفات الى قاع البحر.
ويؤكد لي المواطن أن هذه المخلفات تأتي لتلك المنطقة بصفة دورية ولا يعلم مصدرها وكيفية تجمعها وتراكمها بهذه الضخامة، لكن علينا أولاً أن نتساءل عن مدى التلوث البيئي الذي تحمله تلك المخلفات للبحر ولبحريننا، وهل ستجدي الحملة الوطنية التي أطلقها المجلس الأعلى للبيئة الأسبوع الماضي في القضاء على هذا التلوث البري والبحري؟
الرسالة الثانية أيضا لمقطع فيديو من تصوير الفنان وسيم العبيدي في شاطئ سنابس مقابل حي الزور بجزيرة تاروت، وتظهر فيه طيور الفلامنجو تسلب العقل والقلب، وتؤكد أن جزيرتنا جميلة ولا تحتاج منا سوى بعض الاعتناء بها والعودة لحضن البحر مرة أخرى.
الرسالة الثالثة هي أن التغيرات المناخية التي تحدث بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري تؤكد أن البحرين في خطر داهم، وأن جزيرتنا ربما لن يكون لها وجود حال ارتفع منسوب البحار والمحيطات، والكلام هذا على لسان علماء المناخ الذين قالوا إن ارتفاع كل درجة مئوية واحدة من درجات الحرارة، سيؤدي إلى ارتفاع منسوب سطح البحر بنحو 2.3 متر، نتيجة لذوبان الجليد القاري.
الرسالة الرابعة تحمل إلينا تهديدًا بأن الثروة النفطية التي تمثل 80% من ميزانية البحرين، مآلها للزوال، وإن بقيت فلن يكون لها قيمة، حيث دخلت الطاقة الشمسية على مضمار سباق الطاقة في العالم، وتتقدم لتفوز قريبا على النفط وتصبح أعلى مصادر طاقة استخداما في العالم، ويقدر الخبراء حوالي 15 سنه لمنطقة الخليج، حتى تعود مرة أخرى لسابق عهد ما قبل النفط، وهنا لن يكون لنا إلا العودة للبحر مرة أخرى.. فلعله يقبلنا.
الرسالة الخامسة، من سكان البحر وكائناته الحية التي يتم تهجيرها بسبب أعمال الصيد الجائر والتجريف والردم، فقد اختفت أنواع كثيرة من الأسماك التي كنا نعرفها من قبل ونراها في السوق ولدى الصيادين، ولم يعد لدينا أمل في عودة الصيد الجميل بعدما قضينا على موائله، وأعلن بعض الصيادين إفلاسهم وبيع أدواتهم.
رسائل البحر إلينا كثيرة وتكاد تنطق وتنفجر في وجوهنا، لتحذرنا مما نفعله من تجاهل للبحر وإهانته وتحميله فوق طاقته، فما بين التحذيرات الدولية بارتفاع مستويات البحر، وبين ما نفعله من جرائم محلية مثل الردم والتجريف وإلقاء المخلفات، سيأتي اليوم الذي نندم على أفعالنا ونتذكر قول الله تعالى «وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون».