الاشراف والقبائل العربية
علم الأنساب ومفهومه العلمي عبر الأديان وتاريخ الامم ..
أنَّ علم النسب، من العلوم الهامة، التي اختص الله بها الأمة، وليس الاهتمام بهذا العلم وليد عصر جديد، أو هو مختصًا ببلاد خاصة، فهو منذ خلق الله البسيطة وما عليها اختص العرب بمعرفة الأنساب، كما اختصت كل طائفة بعلم خاص لهم .
وقد ورد في ذلك أن للروم من العلوم الطب، ولأهل اليونان الحكمة والمنطق، ولأهل الهند التنجيم والحساب، وللفرس الآداب -ويقصد من ذلك آداب النفس والأخلاق-، ولأهل الصين الصنائع، وتميَّز العرب وبرزوا في الأمثال وعلم النسب، فقد عرف عنهم في العصور المتقدمة قبل الإسلام حفظهم لأنسابهم، فحفظوا أنسابهم إلى عدنان أو قحطان، أو إلى إسماعيل أو إلى آدم عليهما السلام .
وبذلك ظلت أنسابهم محفوظة نقية، خالصة من الشك والشبهة، والعرب هم الذين اهتموا بعلم النسب، فحفظوه وضبطوه وأصلوه وفرعوه، وكانوا إذا فرغوا من المناسك حضروا سوق عكاظ، وعرضوا أنسابهم على الحاضرين، ورأوا ذلك من تمام الحج، والعرب أمة قديمة جدًّا، وقد تم تقسيمهم إلى ثلاث طبقات تاريخية :
1- العرب البائدة: وهم القبائل العربية التي ضاعت حقائق أخبارها وبادت، وإليها تنسب قبائل طسم وجديس، وبعض الدول العربية القديمة .
2- العرب العاربة: وهم القبائل العربية الخالصة التي تسللت من العرب البائدة، وحافظت على عروبتها، وتجددت في التاريخ بدور الإصرار على تحدي الظروف، والتغلب على الصعوبات، من أجل العيش والبقاء، وإليها ينسب الشعب القحطاني .
3- العرب المستعربة : وهم القبائل التي اختلطت من أعقاب إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام من الشعب الأكدي .
أما تقسيم العرب من حيث الشعوب، فينسبون إلى شعبين كبيرين :
أ- الشعب القحطاني : وهو شعب قد ساح في مناطق الجزيرة، ومدّ نفوذه إلى كثير من أرض الله الواسعة، وينسبون إلى قحطان بن عامر بن شامخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام.
ب- الشعب العدناني : جدهم عدنان، ويرجعون بنسبهم إلى إسماعيل بن إبراهيم، ومنازلهم شمال بلاد اليمن في تهامة والحجاز ونجد، ومشارف العراق، والشام .
وللعدنانيين فروع كثيرة؛ ومنهم تتفرع قبيلة قريش، وهي قبيلة النبي ﷺ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وقد انتهى هذا الشرف والفخار بظهور النبي الكريم منها .
ولما جاء الدين الإسلامي القيوم، حثت الشريعة الإسلامية على رعاية الأنساب ومعرفتها، وبنيت على أثره كثيرًا من الأحكام الشرعية، ليهتم المسلم بحفظها وتطبيقها في حدود حاجاته الشرعية، فلولا علم الأنساب لانقطع علم المواريث ، وكان للعدنانيين من فخر وشرف باختيار الرسول ﷺ منهم، وما لهذا الرسول من شرف في النسب ورفعة بين القوم والأجناس، فقد جعل الله الناس شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، وعلم الخلق المعقبين الأنساب إلى الأوائل ليتألّفوا .
وفضّل أولاد إسماعيل على العجم والعربان، وفضّل كنانة على بقية نسل الذبيح الذي فداه الرحمن، وقد اصطفى الله كنانة من عدنان، واصطفى قريشا من عدنان، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى هاشم من قريش، واصطفى محمدًا ﷺ من بني هاشم، ومنه الذرية الطاهرة المنتشرة في جميع أنحاء البسيطة كما كان لغيرهم من العدنانيين الانتقال من بطحاء مكة المحمية ولا شك أن المكتبة العربية الاهتمام الظاهر بالتأليف في علم الأنساب ولم يكن العرب وحدهم يهتمون بذلك إلا أنهم هم الأكثر تميزاً وبراعة في علم الأنساب فان الشعوب الأوربية اهتمت في أوائل العصور الوسطى بالتنقيب عن الأنساب ولا يخلوا تراثهم العلمي من مؤلفات تتحدث عن الأسر الأوربية وهجراتها ونجد أيضاً أن حتى في بلاد العجم كان هنالك اهتمام بجانب الأنساب وذلك بسبب دخول العرب إلى تلك المناطق ومخالطة أهلها وبذلك نستطيع أن نقول أن علم الأنساب هو من أساسيات الشعوب والأمم وبه يكون تنظيم النسل وحفظ الحقوق الإنسانية في النكاح والمواريث وفي بناء المجتمعات على قيم الحقوق الإنسانية فهو جانب اهتمت به جميع الرسالات السماوية بعيدا عن العصبية القبلية .