طباعة
sada-elarab.com/212100
ستظل مملكة البحرين الحاضنة للثقافة بكل تقسيماتها وتلاوينها، ويظل البحريني المتعطش لهذه الثقافة والمتطلع لها كونها على مدى التاريخ القديم والحديث والمعاصر كانت هي السمة في الحراك الاجتماعي والثقافي والسياسي وبناء الإنسان الذي آمن برسالته الوطنية وإحساسه بضرورة الإضافة بما يخدم المجتمع ويرسي أركانه.
كان التعليم الذي احتفلنا بالمئوية هذا العام علامة بارزة ربطت البحرين بأمتها العربية والإسلامية وقبلها كانت أدوار للكتاب في تعليم القرآن الكريم وتلاوته وانتشرت هذه الكتاتيب في القرى والمدن وبرز من بين هؤلاء الذين أخذوا على عاتقهم تعليم القرآن وتلاوته وحفظه من الرجال والنساء، وتقلد أبناء البلاد المراكز في إدارة صروح العلم المتمثلة في المدارس في مختلف مراحلها، وكعادة البحرينيين لم يأنفوا أن يتعاونوا مع أشقائهم وأصدقائهم الخليجيين والعرب لنيل العلوم وذهاب أبنائهم إلى الجامعات العربية والأجنبية لاستكمال التعليم ونيل الشهادات العليا ليسهموا بدورهم في الأنشطة التي احتاجتها الدولة، وكانت عهود أسرة آل خليفة الكرام قد شجعوا العلم والتحصيل العلمي والترحيب بأدوار الكتاب في تعليم القرآن الكريم.
فقد عرف عن صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين شغفه بالعلم والثقافة والأدب والشعر، وكذلك صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة، ثم عهد صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين وتوابعها الذي آثر الاهتمام بالعلم الديني والعلم الدنيوي جنب إلى جنب إلى أن شهدنا نهضة تعليمية كبيرة في عهد صاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير البلاد الراحل طيب الله ثراه واهتمام سموه يرحمه الله بالعلم والعلماء والثقافة والأدب والشعر، واحتضانه لكل إبداع يخدم الوطن والمواطن واليوم نشهد في عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله هذا الاهتمام الكبير بصروح العلم من مدارس وجامعات ومعاهد تقنية متخصصة إضافة إلى احتضان الثقافة ومراكز الإشعاع الفكري على سبيل المثال لا الحصر مركز عيسى الثقافي، بالإضافة إلى تشجيع ودعم المؤسسات الثقافية الرسمية والأهلية، وهو اهتمام من جلالته في رعاية المثقفين وإنزالهم المنزلة التي تليق بهم وتشجيع جلالته حفظه الله الدائم لإبداعاتهم وإصدارهم للمؤلفات المتعددة في مختلف المجالات.
إننا اليوم حين نشاهد على الخريطة الثقافية في الوطن نجد أن مملكة البحرين لا يمر عليها يوم لا يكون هناك نشاط ثقافي وحراك مجتمعي يسهم في عملية التثقيف والتنوير ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما على المستوى العربي والإقليمي والعالمي.
إن الأدوار التي تلعبها هيئة البحرين للثقافة والآثار برئاسة معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة أدوار مقدرة وشهد ويشهد عليها القاصي والداني بالتميز والابتكار والإجادة والإتقان، كما أن الجهد الأهلي الذي تقوم به أسرة الأدباء والكتاب التي احتفلنا منذ أيام بذكرى مرور خمسين عامًا على تأسيسها أسهمت ولا تزال في الوعي الثقافي وتشجيع المثقفين والأدباء، إضافة إلى مركز عبدالرحمن كانو وأدواره الأسبوعية في التثقيف والتنوير كجهد أهلي له إسهامه في الثقافة بمختلف مكنوناتها، إضافة إلى أنشطة ثقافية متعددة تقوم بها أندية وجمعيات أهلية في مدن وقرى البحرين ومجالس ومن بينهم مجلس الدوي بالمحرق وغيره من مجالس في المدن والقرى..
وكل هذه الإسهامات تذكرنا بالأدوار القديمة التي لعبتها الأندية الرياضية والثقافية في الأربعينات والخمسينات كنادي إقبال أوال ونادي البحرين، ونادي العروبة والنادي الأهلي والأندية المنتشرة في المدن والقرى وما كانوا يسهمون فيه من نشاط ثقافي ومن نواة للمسرح حتى أنشئت المسارح الأهلية، كمسرح أوال ومسرح الجزيرة والمسرح الشعبي ومسرح الصواري، ومسرح الريف، إضافة إلى إقامة معارض الكتب والمكتبات الوطنية ومعارض الفنون التشكيلية وآخر معرض هو مهرجان الأيام الثقافي السادس والعشرين للكتاب الذي افتتح برعاية كريمة من معالي الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء.
إن الثقافة لأي أمة هي بمثابة القوى الناعمة للمجتمع والدولة، ولذا فنحن نهنئ مملكة البحرين وشعبها هذا النَفَس الثقافي المرحب به وهو زاد من المعرفة والتنوير لا غنى عنه في مجتمعنا، إن هذا النشاط اليومي في الثقافة لا شك يمثل زادًا ثقافيًا تحتاج إليه وسائلنا الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، ولا شك أن ثقتنا بوزارة شؤون الإعلام كبيرة في الاستفادة من هذه الأنشطة، ويقينًا إنه فعلاً تصلح في معظمها لأن يتم التفكير في قناة ثقافية تلفزيونية بحرينية وهي دعوة صادقة صدرت من أكثر من أخ مهتم بالثقافة والحراك المجتمعي وآخر دعوة جاءت من الناشط الاجتماعي أحمد عقاب الذي تمنى أن تكون هناك قناة ثقافية في تلفزيون البحرين، وأنا واثق من أن سعادة السيد علي بن محمد الرميحي وزير شؤون الإعلام الحريص على ثقافة البحرين وتاريخها الناصع سيدرس هذ المقترح، وكما نجحت قناة البحرين أول فإن النجاح إن شاء الله سيكون حليف القناة الثقافية.
وعلى الخير والمحبة نلتقي