حوارات
معتز عبد النبي "متحدى الإعاقة": نحتاج لقرار وزاري لتفعيل نسبة لـ 5% بشكل أفضل.. وبطاقة الخدمات المتكاملة مخالفة للمعايير القانونية
الخميس 28/نوفمبر/2019 - 01:56 م
طباعة
sada-elarab.com/182792
" المعتز بالله عبد النبي تحدى أعاقته البصرية وتعلم علوم الحاسب الآلي فأصبح مدربا ماهرا للمكفوفين والمبصرين بعد حصوله على كلية أصول الدين من جامعة الأزهر ولم يقف عند هذا بل كان له دور في العمل الاجتماعي حيث عمل نائبا لرئيس مجلس أدارة جمعية الابتسام للأشخاص ذوى الإعاقة بمركز ساحل سليم , وناشطا بمجال الإعاقة ومحاضرا في مجال قوانين حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والاتفاقيات الدولية.
وتحدث المعتز بالله في حواره لـ "صدي العرب " عن أهم العقبات التي واجهته خلال رحلة البحث عن النجاح في تحدى الإعاقة , وعن دور الدولة والمؤسسات المختلفة في دعم الأشخاص ذوى الإعاقة , كما تطرق في حديثه عن قانون الأشخاص ذوى الإعاقة وصدور بطاقة خدمات متكاملة لهم , كما وجه رسائله لأصحاب الإعاقات المختلفة .
إلى نص الحوار:-
أولا ما هي كواليس رحلة نجاحك في تحدى الإعاقة ؟
قبل أي شئ أحب أن أقول أن "الإرادة تهزم المستحيل" طالما انه يوجد إصرار على النجاح ليس هناك أعاقة ومن وجهة نظري أرى انه يجب أن يعامل الأشخاص ذوى الإعاقة كالأشخاص الأسوياء لهم حقوق وعليهم واجبات وليس هناك داعي إلى الشفقة المبالغ فيها ولا إلى الانبهار بتحدي المعاق لإعاقته, فمن الممكن أن يكون شخص طبيعي وعنده أعاقة مادية نشأ في أسرة فقيرة واستطاع أن يتحدى الظروف وينجح في حياته فقس على ذلك فهناك تنوع في الإعاقات ولكن علينا أن نتحدى ونصر على النجاح , ومن حيث رحلتي مع الحياة نشئت بمركز أبو تيج بمحافظة أسيوط فاقدا لبصري بالكامل نتيجة خطأ طبي في سن مبكر من عمري أثناء إجراء عملية جراحية كنت وقتها في أشهر عمري الأولى , والتحقت بالأزهر الشريف حتى حصلت على ليسانس كلية أصول الدين، والدعوة سنة 2010، وكان حلمي منذ البداية أن التحق بكلية الهندسة قسم الكترونيات أوكهرباء وكانت الصدمة الأولى لي عندما وعيت على القانون الذي يمنع المعاق بصريا من الالتحاق بالدراسة العلمية وتحولت رغبتي في التعليم إلي مجرد الحصول على مؤهل عالي ولكن لم يؤثر ذلك على حبي للإلكترونيات فمنذ طفولتي أقوم بفك وتركيب وإصلاح الأجهزة بالمنزل والوقوف بجانب أي صنايعى أو كهربائي يدخل منزلنا وكل ذلك كان له دور كبير في حياتي ونمو شخصيتي، حتى أصبحت أملك شخصية تتخذ القرار لا تتكل على الآخرين في كل شيء وأصبح تدخل المحيطين بى لمساعدتي في أضيق الحدود , وفى إحدى الأيام قرأ والدي في إحدى الجرائد إعلان عن منحة للتدريب المكفوفين بالقاهرة عن طريق البرنامج الناطق وسافرت لهذه الدورة لمدة 15 يوما تعلمت خلالها حفظ لوحة المفاتيح، وبعض المعلومات عن بعض البرامج ثم بدأت في البحث عن برامج وعن كل ما يخص الكمبيوتر للمكفوفين عن طريق الانترنت وعن طريق بعض المحاضرات التي كنت أتابعها وأدرسها وأبدا في تطبيقها وأخذت قرار أن أستمر في تدريب نفسي، وكنت أتابع على الانترنت مع بعض الأصدقاء والمدربين المكفوفين وكونا مجموعة للتواصل والتدريب حتى تمكنت والحمد لله من تكوين حصيلة علمية غيرت مجرى حياتي ولاحظ الكثيرون تقدمي في تعلم الكمبيوتر حتى استعانت بى إحدى الجمعيات الأهلية لتدريب بعض الأشخاص مبصرين وذوى إعاقة حتى تم الاستعانة بى لتدريب مجموعة من العاملين بالدولة داخل ديوان عام محافظة أسيوط ومنها التحقت بالمركز التعليمي لنظم المعلومات التابع للمنطقة الجنوبية العسكرية بأسيوط وأعمل مدرب فيها منذ عام 2013 للأشخاص ذوى الإعاقة البصرية وأيضا أقوم بتدريب مجموعات من المبصرين وحتى الآن ومن أجمل الدورات التي قمت بالتدريب عليها منحة من اجل فرصة عمل أفضل حيث كان لها هدف جميل لأننا كنا ندرب الناس على المهارات التي لابد أن يدخلون بها سوق العمل ويستطيعوا أنهم يكونوا كوادر مفيدة في أعمالهم.
خلال هذه الرحلة أهم العقبات التي واجهتها ؟
من وجهة نظري أهم العقبات التي تواجه الأشخاص ذوى الإعاقة بصفة عامة وواجهتها شخصيا هي اعتراف المجتمع نفسه بأنك شخص عندك قدرات أو طاقة يمكن استغلالها , ولكن بالنسبة لي كنت محظوظ بدور الاسرة في نشائتى على الاستقلالية واتخاذ القرار معي بالتحدي .
في ظل اهتمام المؤسسة الرئاسية بذوي الإعاقة هل ترى أنهم حصلوا على حقوقهم ؟
صراحة , اهتمام الرئيس السيسى بذوي الإعاقة ملحوظ للجميع منذ إعلان عام 2018م عام ذوى الإعاقة , وصدور قانون خاص بحقوق ذوى الاحتياجات الخاصة الاانه لم نصل إلى مرحلة أننا أخذنا حقنا , وبكل صراحة هناك تباطؤ شديد في تنفيذ بعض الاستحقاقات لذوى الإعاقة على أرض الواقع كما انه هناك تجاهل للمعايير التي وضعها القانون ولائحته التنفيذية فيما يخص بطاقة الخدمات المتكاملة أو بطاقة أثبات الإعاقة .
كيف ذلك ممكن توضح لنا أكثر ؟
بمعنى أن بطاقة الخدمات المتكاملة واثبات الإعاقة تصدر على ارض الواقع بمعايير مختلفة عما ينص عليها القانون رقم 10 الخاص بحقوق ذوى الإعاقة ,فهذه البطاقة وفقا للقانون تعد بمثابة إثبات للإعاقة وتكفل حزمة من الخدمات لحاملها ويتم تجديدها كل سبع سنوات مثل الرقم القومي والقانون حدد خطوات لاستخراجها تبدأ بتوجه ذوى الإعاقة إلى مستشفى حكومي أو شرطة أو قوات مسلحة لعمل تقرير معد لذلك " نموذج 1" لتوضيح الإعاقة بالتفصيل , ثم التوجه بهذا التقرير إلى اقرب مركز تأهيل تابع لمحل السكن ,وبناءا عليه يبدأ المكتب في توصيف الإعاقة لوضعها تحت إحدى الدرجات (أعاقة لا تحتاج إلى أعانة , إعاقة تحتاج إلى أعانة بعض الوقت , أعاقة تحتاج إلى إعانة كاملة ), ثم يتم إصدار البطاقة التي تثبت الإعاقة وتقر حزمة الخدمات التي تناسب الإعاقة وفقا للتصنيف , ولكن ما تم ويتم على ارض الواقع خلاف ذلك تماما ففي شهر يوليو الماضي أعلنت وزارة التضامن عن صدور 500الف بطاقة خدمات متكاملة لذوى الإعاقة معتمدة على بيانات ذوى الإعاقة المسجلة ببرنامج تكافل وكرامة والبيانات المسجلة بالمجالس الطبية المتخصصة وذلك دون الرجوع إلى مكاتب التأهيل وعمل التصنيف الذي ينص عليه القانون كما لا تتضمن هذه البطاقة حزمة الخدمات المتاحة ماهى إلا بطاقة استلمها ذي الإعاقة من مكاتب البريد مقابل سداد رسم 40 جنيه ولا يعلم فيما يستخدمها , كما انه الأشخاص ذوى الإعاقة الغير مسجلة بياناتهم ضمن برنامج تكافل وكرامة والمجالس الطبية غير معلن لهم إجراءات للحصول على هذه البطاقة , وأنا كحالة من هذه الحالات توجهت أكثر من مرة على مكتب التأهيل للتقدم للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة وكان الرد عدم ورود تعليمات وكذلك مديرية التضامن بأسيوط , وعدم إتاحة موقع لتسجيل طلبات الحصول على هذه البطاقة كما أعلنوا.
للأسف أحب أن اصف ذلك بانه استهلاك اعلامى لعرض انجازات غير مفعلة على ارض الواقع مما يوضح الاختلاف مابين الإرادة السياسية والإرادة التنفيذية.
من وجهة نظرك كيف يمكن تحقيق سياسة الدمج للأشخاص ذوى الإعاقة ؟
الدمج يجب ان يكون في المجتمع بالكامل وليس في المؤسسات التعليمية فقط, والمؤسسة الرئاسية بتدعوا إلى ذلك ولكن الأمر يتطلب تكاتف جميع المؤسسات لتوعية المجتمع بقبول هؤلاء الأشخاص ويتعامل معهم على أنهم أشخاص أسوياء وأنهم جزء من المجتمع , كما يتطلب الأمر توعية وتأهيل ذوى الإعاقة أنفسهم خاصة داخل أماكن تجمعهم مثل المدارس الخاصة بأنهم يندمجوا داخل المجتمع لتغيير نظرة المجتمع لهم , فلابد من العمل على الطرفين لأنه في الواقع أحيانا يكون الرفض والتراجع والخوف من ذوى الإعاقة أنفسهم لتكوين صورة عن اضطهاد المجتمع لهم , فدور التوعية لذوى الإعاقة مهم جدا لتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم وان يعاملوا كما يعامل المجتمع ولا نعتبر الإعاقة رخصة لإسقاط الواجبات وبذلك نحقق الدمج الحقيقي.
كيف ترى دور الإعلام في نشر الوعي الثقافي والاجتماعي في التعامل مع الأشخاص ذوى الإعاقة ؟
دور الإعلام من أهم الأدوار في نشر الوعي في التعامل مع الأشخاص ذوى الإعاقة من حيث انه يصل إلى كل فئات المجتمع عبر الوسائل المختلفة , ولكن يجب إن يتناول الإعلام المشاكل التي تواجه الأشخاص ذوى الإعاقة وليس تناول صورة عجز هولاء الأشخاص لاستدراج نظرات الشفقة والعطف عليهم مما يعود بالسلب عليهم , وللأسف نرى الكثير من الأعمال الدرامية جسدت الأشخاص ذوى الإعاقة أما في صورة مخيفة أو صورة استغلال لإعاقتهم في النصب والتسول مما عكس صورة سلبية لدى المجتمع , ولكن هناك تطور كبير جدا في تعامل المجتمع مع ذوى الإعاقة من خلال فرض الأشخاص ذوى الإعاقة أنفسهم على المجتمع وتواجدهم في جميع المحافل والمناسبات , وندعوا الإعلام إلى التطور أكثر في تناول القضايا التي تخص الأشخاص ذوى الاعلافة وأحب أن أشير إلى شئ بسيط ولكنه هام جدا مثلا في حالة الإعلان عن مواعيد برامج معينة يتم عرضها على شاشة التليفزيون يتم العرض المواعيد مكتوبة على الشاشة لماذا لم يتم عرضها بالصوت ليستطيع الأشخاص ذوى الإعاقة البصرية التعرف عليها كنوع من أنواع الإتاحة وهذا ما ينص عليه القانون من خلال بعض المواد بنص إلزام جميع وسائل الإعلام بتوفير وإتاحة الوسائل بكافة الإشكال لكافة الإعاقات وتقديم برامج تدعم حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والنظرة الايجابية عنهم .
من موقعك كنائب لرئيس مجلس أدارة جمعية الابتسام للأشخاص ذوى الإعاقة ما هو دور المؤسسات الاجتماعية في رعاية ودعم الأشخاص ذوى الإعاقة ؟
بالطبع مهما بلغت دور هذه المؤسسات وقدرتها لم تصل إلى دور الدولة فالأشخاص ذوى الإعاقة في حاجة إلى دور الدولة أكثر من المؤسسات الاجتماعية التي تعمل من خلال منح محددة ولوقت محدد وبعدها يبحث ذي الإعاقة عن مؤسسة أخرى تدعمه وترعاه , ولكن المؤسسات الاجتماعية لها دور في تنمية ذوى الإعاقة من خلال التوعية وتعلم مهارة أو حرف تحقق له فرصة عمل وتمكنه اقتصاديا , وتوفر الوعي بالحقوق والواجبات .
وأنت محاضر في قوانين ذوى الاحتياجات الخاصة ما تقييمك للقانون رقم 10 لسنة 2018م الخاص بحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة؟
قانون ايجابي جدا وأعطى حقوق لذوى الإعاقة لم تكن متاحة من قبل منها تفعيل نسبة 5% بمؤسسات القطاع الخاص التي يصل عدد العمال بها 20 عامل , وان كان في الواقع هناك تحايل من قبل بعض المؤسسات بتصنيف العمالة لديها إلى عمالة مؤقتة وليس دائمة لتهرب من تطبيق نسبة 5% من ذوى الإعاقة ويجب معالجة ذلك بقرار وزاري من القوى العاملة بتطبيق النسبة على جميع أنواع العمالة وليس العمالة الدائمة فقط .
هل ترى أن هناك عنف في المجتمع ضد الأشخاص ذوى الإعاقة الذهنية ؟
هذه حقيقة لا يمكن أن ننكرها فالإعاقة الذهنية من أكثر الإعاقات التي يقع عليها ظلم كبير حتى من الأسرة نفسها من خلال نظرتها إلى هذه الإعاقة على أنها عبء عليها ويصل ممارسة العنف إلى حبس المعاق ذهنيا عن الظهور خوفا من المعايرة أو التأثير على فرص الزواج لأخواتهم طبقا للعامل الوراثي , وبعض الأسر تمارس العنف من منطلق الخوف عليهم ومنعهم من الخروج أو التواصل مع الجهات المعنية للتعامل مع هذه الحالات .
ختاما : معتز عبدالنبى المدرب الناجح ماهى أمنيتك في المستقبل ورسالتك للأشخاص ذوى الإعاقة ؟
دائما السؤال عن الأمنية ما يكون هو الأصعب , وحقيقة امنيتى أن أكون أخر من واجه عقبات وعدم الإتاحة وخاصة في مراحل التعليم من ذوى الإعاقة وأكون أخر من عانى من الإعاقة , ورسالتي لذوى الإعاقة لهم دائما لا تجعل الإعاقة سبب للفشل الإرادة هي سبب النجاح .