فن وثقافة
الأعلى للثقافة يحتفى بذكرى ميلاد نجيب محفوظ وافتتاح متحفه في مارس المقبل
الإثنين 31/ديسمبر/2018 - 05:32 م
طباعة
sada-elarab.com/127015
سعيد المصرى: نسعى لرفع القيمة المالية لجائزة نجيب محفوظ
يوسف القعيد: افتتاح متحف محفوظ مارس المقبل
أُقيمت بالمجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور سعيد المصرى، ندوة بعنوان: "نجيب محفوظ.. رؤى جديدة"، وذلك بمناسبة حلول ذكرى ميلاد الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ، وبالتزامن مع مرور ثلاثين عامًا لحصد محفوظ جائزة نوبل للآداب، الذى يعد أهم وأبرز تكريم عالمى للأدب المصرى والعربى بشكل عام، وقد رصد المتحدثون المشاركون عدة جوانب مختلفة، حول تأثير أدب الروائى الكبير نجيب محفوظ فى الأدب العربى والعالمى من منظور نقدى، وتضمنت الأمسية مشاركة الأمين العام للمجلس الدكتور سعيد المصرى، ومقرر لجنة القصة الكاتب الروائى يوسف القعيد، وسط عدة مشاركات نقدية لكوكبة من الأدباء والنقاد والكتاب، وهم: الدكتور أحمد درويش وجاءت مشاركته بعنوان: "أولاد حارتنا.. قراءة جديدة"، والأديبة اعتدال عثمان وتناولت رؤية نقدية بعنوان: "القصة القصيرة عند نجيب محفوظ"، والكاتب إيهاب الملاح وجاءت مشاركته النقدية بعنوان: "سيرة الحرافيش عند نجيب محفوظ"، والدكتور حسين حمودة وقدم رؤية نقدية بعنوان: "أوهام شائعة حول نجيب محفوظ"، والدكتور خيرى دومة ومشاركته بعنوان: "كيف نتجاوز نجيب محفوظ"، والدكتور محمد بدوى ومشاركته بعنوان: "السردية الوطنية فى أدب نجيب محفوظ"، والدكتور محمد سليم شوشة ومشاركته بعنوان: "همس النجوم استعراض للمجموعة القصصية الصادرة حديثًا"، وأخيرًا تحدث الكاتب محمد شعير وحملت مشاركته النقدية عنوان: "نجيب محفوظ ومذكرات الطفولة".
بداية أشار الدكتور أحمد درويش، إلى أن الأديب العالمى نجيب محفوظ قد أطال عمر اللغة العربية، كما أن قيمة الحقيقية لأدبه لا تكمن فى إنتاجه الأدبى فقط، ولكنها تتجلى فى حياته بكل تفاصيلها وبطبيعة الحال دقته الشديدة أيضًا، وهو ما يأصل لتقديمه نموذجًا عالميًا يميزه الإبداع والانضباط فى الوقت ذاته. وتابع الدكتور أحمد درويش موضحًا أن نجيب محفوظ بدأ حياته الأدبية بالتاريخ، إلا إنه جعله ماضيًا يعاش، ولم يحصره فقط فى أمور يقصها على قراءه، كما رصد نجيب محفوظ الواقع الغائب فى روايته "ثرثرة فوق النيل"، وأكد درويش أن المتأمل لكتابات نجيب محفوظ من بعد، سيجده يرسم أعمالًا بطريقة سردية هندسية، ثم يقوم بقلبها وقد اتضح ذلك فى رواية "الطريق"، وكذلك رواية "أولاد حارتنا"، لذلك لا يمكن أن نعتبر محفوظ مؤرخًا أو واعظًا، بل هو مبدعًا صانعًا للمرايا.
عقب هذا تحدث الدكتور سعيد المصرى، مؤكدًا أن الأديب العالمى نجيب محفوظ يزال لم يحظى حتى الآن بما يستحقه من تقدير، وشدد أن أدب محفوظ يحتاج إلى إعادة قراءة، كما أكد المصرى السعى خلال البرلمان لاستصدار قانون خاص ينظم جائزة نجيب محفوظ، ويرفع قيمتها المالية، ويضمن تواجد لجان تحكيم للجائزة تعمل وفقًا للمقاييس الدولية، واختتم الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة كلمته مشيرًا إلى أن أخبار هذه الجائزة ستشكل الأحداث الثقافية الأبرز لعام 2019.
فيما أوضحت الأديبة اعتدال عثمان، أن الروائى الكبير نجيب محفوظ قد نجح فى آخر أعماله فى توظيفه للكتابة السردية المكثفة وهى قالب سردى يختلف عن ما سبقه، وهو ما يكشف عن أركان القصة القصيرة جدًا، مثل روايته "أصداء السيرة الذاتية"، واختتمت حديثها مؤكدة أن نجيب محفوظ استطاع أن يقدم بامتياز، رؤيته الخاصة للوجود تتصل بالقضايا المجتمعية والفلسفية التى شغلته وتتضافر معها، كما قدم فى روايته "أصداء السيرة الذاتية وأحلام فترة النقاهة" كتابات تنفتح على السؤال، وبغض النظر عن ما دفعه لذلك، إلا إنها كانت إحدى تجاربة الإبداعية الفريدة والمختلفة.
ثم تحدث الناقد الأدبى الدكتور حسين حمودة مؤكدًا أنه قد أُثيرت عدة شائعات مغلوطة حول الأديب نجيب محفوظ، وفى حقيقة الأمر لا صحة لهذه الشائعات على الإطلاق؛ ومن ضمنها أن نجيب محفوظ كان كاتبًا يمثل الطبقة الوسطى فقط، وقد شاع هذا الوهم تحديدًا فى حقبة الخمسينيات، والدليل على عدم صحة هذا الزعم أننا نجد مثلًا برواية "زقاق المدق" عدة شخصيات لا تنتمى بتاتًا للطبقة المتوسطة، كما يضاف لهذه الشائعات وصف محفوظ بالكاتب الذى يدعو إلى الرزيلة، وقد أثار هذه الشائعة الوهمية عدد من الأشخاص بعينهم بسبب تناوله لشخصيات العاهرات فى رواياته مثل "حميدة" فى رواية "زقاق المدق" وأيضًا شخصية "نور" فى رواية "اللص والكلاب" وما إلى ذلك، وفى واقع الأمر فإن أصحاب هذه المزاعم لم ينظروا بعمق لكيفية تصوير محفوظ لهذه الشخصيات بكل ما تهدف لتوصيله للقارئ من حقائق متشابكة، ولكن هذه المزاعم والافتراءات أثبتت أن هؤلاء لم يقرأوا لمحفوظ على الإطلاق، وكذلك أطلقوا عليه ظلمًا أنه كاتب ضد الدين، إلا إن محفوظ حينما وصله ذلك أبدى تعجبه حيث أنه توقع أن يتهم عوضًا بأنه ضد السلطة، لأنه حتى فى رواية "أولاد حارتنا" كان ينتقد منح السلطة لرجال الدين وهو بديهيًا يعد إنتقاد للسلطة الحاكمة التى بيدها منح الحكم للدين وتسيسه من عدمه.
كذلك أيضًا نجد ضمن هذه الشائعات ما يشير إلى أن نجيب محفوظ كان أجبن إنسان، وهو ما نفاه أيضًا حمودة مستندًا إلى أن محفوظ فى حقيقة الأمر كان شخص لطيف ومجامل ومن هنا نشأ الخلط الذى أدى لتلك الشائعة، وتابع حمودة مؤكدًا أن محفوظ كاد أن يزج به فى السجن بسبب إحدى روايته وهى "ثرثرة فوق النيل"، ولكن تدخل الرئيس جمال عبد الناصر شخصيًا حينها حال دون ذلك، كما أنه أيد القضية الفلسطينية وآمن بها؛ لذا لم يستطع أن يحيد قلبه عنها فحرص على أن يستخدم عبارات تشير إلى ذلك فى كلمته الملقاة خلال فعاليات تكريمه بجائزة نوبل للآداب، مثل وصفه للقضية الفلسطينية بالقضية النبيلة، و"ما يلاقيه الشعب الفلسطينى من ويلات التعذيب والسجن" وما إلى ذاك، وهو ما ينفى اتهامه بالجبن، بل ويؤكد شجاعته.
وفى المختتم طالب مقرر لجنة القصة الأديب يوسف القعيد، الأمين العام المجلس الأعلى للثقافة الدكتور سعيد المصرى بإصدار موسوعة تضم جميع ما كتب ونشر الأديب العالمى نجيب محفوظ، ويضاف إلى ذلك كل ما كُتب عنه فى الصحف والدراسات الأكاديمية، وأكد فى نهاية كلمته على تعاون لجان المجلس الأعلى للثقافة، وتضافر جهودهم، وتحديدًا لجان "التاريخ، والدراسات الاجتماعية والأدبية، والترجمة" فى العمل على إعداد موسوعة محفوظ، وتمنى القعيد صدورها بالتزامن مع افتتاح متحف محفوظ فى وكالة أبوالدهب بحلول مارس المقبل.