الاشراف والقبائل العربية
جزء الرابع : أدب الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه ..
قصة بيت من الشعر .. قال الإمام الشافعي : -
شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي .. فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي
وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلْمَ نُورٌ .. ونورُ الله لا يهدى لعاصي
كان الإمام الشافعي يمشي بالطريق ، فكان وإذا
به قد رأى كعب قدم إمرأة تمشي أمامه ، وكان الإمام الشافعي كما هو معروف يستطيع الحفظ
بطريقة عظيمة فيقرأ الصفحة ومن ثم يضع يده ويقرأها دون النظر إليها والنتيجة كما
لو حفظ أحدنا لإمتحان وأفضل ، ولكن بعد أن رأى كعب قدم المرأة لم يستطع أن يحفظ
كما اعتاد أن يحفظ حتى بعد أكثر من مرة ، فذهب إلى شيخه الإمام " وكيع " رضى الله عنه وهو أيضا مقرئ الإمام الشافعي ، فأخبره بما حصل معه فقال له أن العلم نور
من الله لا يهدي الي عاصي فأنشد الشافعي هذه الابيات ،هذا هو المشهور في ان هذه الابيات
للإمام الشافعي وهذه هي قصتها ، إلا أنه توجد رويات اخري تنسب هذه الابيات الي " علي بن خشرم " .
ولكن هناك شيىء مهم يجب أن نلتفت له ، البعض يردد دائما قول الإمام الشافعي فى الإمام
وكيع ، شكوت إلى وكيع سوء حفظي ، وهذا
القول لا يُحمل على ظاهره أبداً ، وإلا قد نكون إنتقصنا من الإمام الشافعي المبشر
به من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكيف يكون
عند الإمام الشافعي سوء حفظ وهو من يضع يده على صفحة الكتاب حتى لا يقع بصره عليها
فيحفظها أثناء مطالعته للصفحة الأخرى ؟ ، وهل كان الإمام الشافعي فاقداً
للنور فى القلب الذى على أثره لا يؤتيه الله علماً وهو
من ملأ طباق الأرض علما كما بشر به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وهو من السبع المثانى اللذين أعطاهم الله لسيدنا
النبى صلى الله عليه وآله وسلم للخدمة فى دينه ؟ ، لكن معنى بيت
الإمام الشافعي رضى الله عنه على غير مانفهم نهائيا ، فالمعنى يفهم
منه الآتى : -
1 - إظهار الإمام الشافعي فضل تصوف
شيخه وعلمه الوهبي .
2 - إعلام الناس بأن العلم لا يتأتى إلا بالذكر والأوراد
التى يستقر نورها فى القلب فيتأتى من بعدها العلم المهدى من
الله تعالى ودليل ذلك قوله تعالى : " وأتقوا الله ويعلمكم الله " .
3 - إعلام الناس بأنه لابد لكل نفس منفوسة من إتخاذ شيخ
لها يعلمها ويربيها فهذا هو الإمام الشافعي قد إتخذ
شيخا له وهو من هو الإمام الشافعي فما بالكم
بمن هو دونه ؟ ، لذلك
قالوا : " وكل شيخ علا
لابد متبع "
.
4 - أن العلوم السطحية والمكتوبة والمسموعة من علوم الناس
بعضها البعض لا تساوى ولا تذكر بجناب أقل ما يعطيه الله لعبده
من علم الله الوهبي .
فقول الإمام الشافعي لا يؤخذ على ظاهره تماما كما قال لسيدنا أحمد بن حنبل أحب : " الصالحين ولست منهم " ، فكيف لايكون من الصالحين وهو من سادتهم ؟ ، المراد إظهار قواعد إتباع الصالحين .
مقرىء الإمام الشافعي رضي الله عنه الإمام وكيع رضي الله عنه ، وها هو ذا محل روضة مقامه المبارك من الخارج ، وهو بجوار حرم شارع الإمام الشافعي رضي الله عنه في الطريق المؤدي له
روي عن الإمام الشافعي رضي الله عنه :
-
أنه تقابل مع الإمام الجنيد في
الشام ، فقال له الإمام الجنيد : بلغني يا ابن إدريس أنك تمنع مريديك من أن يذكروا
الله ..
فقال الشافعي : أعوذ بالله من ذلك
من تشرع ولم يتحقق فقد تزندق ..
ثم قال الإمام الشافعي للإمام
الجنيد : وما قولك يا أبا القاسم في من يقول : أنك تمنع محبيك من
أن يتفقهوا في دينهم ..
فقال الجنيد : أعوذ بالله من ذلك
من تحقق ولم يتفقه فقد تفسق ..
وبينما الإمام السري السقطي شيخ وخال الإمام الجنيد يستمع إلى هذه المحاورة تدخل قائلاً : ومن يجمع بينهما فقد تحقق .
المقامات ( المقصورات ) أو قباب
المذاهب الأربعة الفقهية بالحرم المكي قبل التوسعة : -
والتي كانت تقدر عمرها بمئات
السنين ، وكان يوجد تحت كل قبة واحد للتدريس والأفتاء
والصلاة ، وهي عبارة عن أربع
مقامات ، يضاف لها مقام خامس وهو مقام الزيدية ، وقد أزيل في سنة 726هـ/ 1325م ، داخل
حدود المطاف القديم من جهاته الأربع التي تتميز بأرضيتها المفروشة بالحجر
الصوان ، وكل مقام عبارة عن مصلى لأتباع كل مذهب من المذاهب الأربعة ، وقد اختُلِف في تاريخ
إنشاء هذه المقامات ، فقيل كان في حوالي منتصف القرن الخامس الهجري وقيل كان في
خلال القرن الرابع والخامس الهجريين ، وقيل كان أقدم ذكر للمقام الحنبلي في سنة 529هـ/1134م
، وكان قد سبقه في الإنشاء المقام المالكي : -
مقام أو قبة الإمام أبو حنيفة
النعمان فى الحرم المكى وقد أزيل يوم 27/4/1958ميلادياً .
مقام أو قبة الإمام أحمد بن
حنبل فى الحرم المكى وقد أزيل يوم 12/3/1958م .
مقام أو قبة الإمام مالك بن أنس
فى الحرم المكى وقد أزيل يوم 13/3/1958م .
أما مقام أو قبة الإمام الشافعي فقد تأخر إزالتها عن سابقيه نظراً لكونها جزء من مبنى
زمزم فهي فوق مبنى بئر زمزم وقد أزيلت عام 1964م .
يعني مثلا لو عندك استفسار أو فتوى
ما فتذهب لقبة الإمام مالك تسأل العالم المالكي
الموجود ليفتيك وفق ما نقله الإمام مالك عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم
، واذا كانت الفتوى فوق طاقة الشخص لا يستطيع تنفيذها يذهب الى قبة اخرى ، وهذا
يكون لعموم الناس اللذين ليس لهم مذهب فقهى يقتدوا به
، فيكون مذهبهم من أفتاهم ، أما اللذين عندهم مذهب ، واحد مذهبه شافعي ، يذهب لقبة الإمام الشافعي يتعلم تحتها ويأخد إجازة إن كان قادم من بلد مثلا مثل مصر مشهود له بالنجابة إلى أخره .
الصلاة في المقامات :
-
كان الناس فيما قبل إحداثها
يؤدون الصلاة خلف إمام واحد هو إمام مقام إبراهيم عليه السلام ، فلما أُحدثت أصبحت
الصلاة الواحدة تقام أربع مرات ، وينتصب لكل إقامة إمام مذهب من المذاهب الأربعة،
ويصلى أتباع كل مذهب على الأغلب وراء إمام مذهبهم ، فيصلي الشافعي ، ثم الحنفي ،
ثم المالكي ، ثم الحنبلي في الصلوات ماعدا المغرب ، يصلونه جميعاً في وقت واحد
نظراً لضيق الوقت مما يؤدي إلى التداخل بين المصلين ولغاية سنة 811هـ/1408م حيث انفرد
الشافعي بصلاة المغرب بالناس ، واستمر هذا الأمر لغاية 6/12/816هـ -2/4/1413م .
فرجع الأمر كما كان سابقاً من
صلاة المغرب للأئمة الثلاثة غير الشافعي المغرب ، وكذلك كانت تجتمع الأئمة الثلاثة
ما عدا الشافعي على صلاة العشاء في رمضان في وقت واحد، وبقي الوضع على حاله إلى أن
قرر العلماء في سنة 1344هـ/ 1926م .
أن تكون الجامعة التي تقام بالمسجد الحرام جماعتين بإمامين في أوقات الصلوات الخمس ما عدا صلاة المغرب حتى إذا لم يدرك الناس الصلاة مع الإمام الأول أدركوها مع الإمام الثاني بغير تفريق بين الإمام المصلّي من أي مذهب كان ، فيصلي إمام الحنابلة أول الوقت من كل صلاة ، ويصلي بعده أئمة المذاهب الأخرى وسار الوضع مدة ، ولكن لوحظ أن بعضا من الناس يكون في المسجد الحرام والصلاة قائمة فلا يصلي مع إخوانه المصلين وحجته أنه ينتظر حتى يجيء الإمام الذي هو على نفس مذهبه ، وبالتالي يصلي خلفه وقد ظل عدد المتخلفين يتكاثر ، وأصبح ظاهرة ملفتة ومقلقة، فأمر الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - فأصدر توجيهاته بعقد اجتماع للعلماء ، فقروا أن تكون الجماعة التي تقام في المسجد الحرام جماعة واحدة ، وأن ينتخب من كل مذهب ثلاثة أئمة ، ومن الحنابلة إمامان يصلون بالتناوب في أوقات الصلوات الخمس ، ولا يصلي في الوقت إلا إمام واحد ، ولا يتخلف عن الصلاة خلف أي إمام من هؤلاء الأئمة ، وبذلك انتهى في عام 1344هـ/ 1926م ، وللأبد تعدد الجماعات في المسجد الحرام ، وأصبحت جماعة واحدة لا فرق ولا تفريق .