الاشراف والقبائل العربية
الاٌخيضريون وحقيقة وجودهم في العصر الحديث ..
فرع من فروع الأشراف الشهيرة بالنسب العريق الذي لا يستطيع بأن ينكره كل منصف كيف لا وهم بنو الاُخيضر ملوك نجد بأرض اليمامة
, الذين ينتهون إلى
السيد إبراهيم بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب عليهما
السلام ، ذلك العلم الهاشمي من البيت الحسني وقد
اشتهروا بالاُخيضريون ولا يعرفون إلا ببني الاُخيضر: بالضم , والاُخيضر : تصغير أخضر والأخضر هو
الشيء الشديد السمرة ، والعرب تقول فلان خضر أي شديد السمرة .
دونهم النسابون وفصلوا في أعقابهم وذكر خبرهم المؤرخون
في توريخهم والرحالة في مواضعهم .
أعقب إبراهيم بن موسى الجون من ثلاثة رجال: محمّد أبو عبيدة، وإسماعيل
بالمدينة ويوسف الأخيضر
الأمير , وقد اتّفق النسّابون على أنّ يوسف الأخيضر الأمير هو وحده المعقّب من أبناء إبراهيم بن موسى
الجون .
أقول : وفي عقبه الامرة والرئاسة التامّة في اليمامة , ودولتهم في أرض اليمامة
كانت من أعظم الممالك حتى
انتهى أمرهم في الملك , ولم ينتهي عقبهم فانتشروا في نجد والعراق واليمن وسائر البلاد حتى وصلوا إلى
بلاد العجم .
ومن أشهر أعيانهم السيد محمد بن يوسف بن إبراهيم بن موسى
الجون العلوي الطالبي الشهير
بالاُخيضر الصغير , مولده سنة210هـ الأمير الفارس المغوار الثائر بالحجاز , سيد بني إبراهيم الجون وبقيتهم ,
كبيرهم وزعيم دولتهم , ومؤسسها ,بعد وفاة أخيه إسماعيل ولى مكانه وأكمل دعائم ثورته وكان محمد أسن من
أخيه بعشرين سنة
,أمير المدينة المنورة بعد وفاة أخيه سنة252هـ,وظل بها حتى حاربه بني العباس وقتلوا كثيراً من رجاله ,
ثم ارتحل إلى أرض اليمامة بنجد , واتخذ قلعة الخِضرِمة باليمامة وتحصن بها فلم يزل بها إلى أن توفى , ثم ملكها أولاده من بعده , وكان له من الولد
محمد وإبراهيم وعبد الله ويوسف فولى بعده ابنه يوسف وأشرك ابنه إسماعيل معه في الأمر مدة حياته ثم توفي , وانفرد إسماعيل بملك اليمامة وكان
له من الإخوة الحسن وصالح ومحمد بنو يوسف فلما مات إسماعيل ولى من بعده أخوه الحسن وبعده ابنه
أحمد بن الحسن ولم يزل
ملكها فيهم إلى أن غلب عليهم القرامطة وانقرض أمرهم في الملك والبقاء لله وقد فصلنا في دولتهم وتراجمهم وأعقابهم
في كتابنا الكبير شرح الأصول وفقنا الله لإتمامه .
أقول : وقد بالغ المؤرخون في شدة بطش دولتهم وتناقلوا خبرهم على علته بالسفك والدماء وتحاملوا عليهم كثيراً , ونسوا أن
ما جرى من ضروريات حوادث الثورات , ولنا فيما ذكر حول أخباره توقف وتحقيق في صحة ما نسب إليهم , قال
المؤرخ النجدي
ابن خميس في معجمه اليمامة: في سنة 253هـ تقريبا استولى بنو الأخيضر على ( جو
الخضارم في الخرج ) وجعلوها قاعدة لملكهم وبسطوا نفوذهم على كافة اليمامة , وظلموا وتعسفوا ونشروا
المذهب الزيدي وحاربوا القبيلة حربا شعواء وشددوا الضغط على القبائل العربية بحكم أنها مصدر قلق للحاكم فجلت القبائل لمصر والسودان وشمال أفريقيا
والشام والعراق .. واحتضنوا
الموالي واستعانوا بهم حتى أن بعض القبليين أخفوا قبيلتهم واندمجوا في سواد الناس .
والاُخيضرية رهط جليل من اُمراء اليمامة وأجلاء العراق
واليمن والعقب فيهم من
يوسف الاُخيضر في ثلاثة بنين وهم: الأمير أبو عبد الله محمّد صاحب اليمامة والمتأمر بها ،
والأمير أبو جعفر أحمد الأمير باليمامة
, وأبو الحسن إبراهيم , وفيهم البيت والعدد , وأن من ينفي أعقاب
بني الاُخيضر في
وقتنا الحاضر فقد أطلق القول واني أثبته بما توافرت فيها قرائن الإثبات والأدلة بموازين علم النسب فمسألة
انقراضهم ليست ثابته كما يزعم البعض , وان الانقراض كان لملكهم لا لعقبهم , وانقراضهم لم يصرح به اهل النسب , والحقيقة أنهم كانوا ظواعن بادية
انخرطوا في القبائل وفي الصحراء وتفرقوا في البلدان لظروف دينية وسياسة واجتماعية بحته , وما يثير
الباحث تجاهل الكثير من
مؤرخي نجد تتبع أمرهم والتصريح بأخبارهم , وأن كان ذلك فيكون بأقتضاب وإلا أن ما ذكره المؤرخ
الدوسري في كتابه امتاع السامر الكثير من من أخبار وأنساب الاُخيضريين في القرن الماضي
كان فيه الكثير من المعلومات
القيمة , وأن توقف البعض لا سيما وقد هاجم البعض الأخر ونفوا صحة الكتاب ولا نؤيد ذلك ونثبت ما صح منه ونتوقف
فيما أختلف عليه , ولا نطعن في ذلك المؤلف , لكيف لا والتاريخ شاهد ما مرت به منطقة نجد من تقلبات دينية وقلاقل سياسية على مدى القرون الأربعة
المتأخرة , ، ولنا في شرحنا الكبير ما ينيف عن تسعين صحيفة حول الأخيضريين , ويكفيك
ما ذهب به أهل الصنعة من
النسابة فهذا الجمال في عمدته يأتي بنص صريح بقوله : وقال الشيخ أبو عبد الله بن طباطبا الحسنى: سألت أهل اليمامة
من العلويين عن هذا البيت فلم يعرفه أحد منهم ولا ذكروا بقية لهم , ثم قال حدثني الشيخ
المولى السعيد العلامة
النقيب تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معية الحسنى أن إبراهيم بن شعيب اليوسفي حدثه أن بنى يوسف الاُخيضر مع
عامر وعايد نحو من ألف فارس
يحفظون شرفهم ولا يدخلون فيهم غيرهم ، ولكنهم يجهلون أنسابهم ويقال لهم بنو يوسف.
وتبعه ابن شدقم في تحفته : بقوله : أن بني يوسف الاُخيضر
ينوفون على ألف فارس
عارفين بعلو مراتبهم على غيرهم من الأعراب , محافظين على شرف ذاتهم ومنهاج آبائهم وأسلافهم الأطياب ,
فمنها : عدم مناكحة نسائهم برجال الأعراب ,إلا أنهم همج رعاع لا فرق بينهم وبين العوام , لا يعلمون بأتصال نسبهم بأسلافهم الكرام فهذا غير منافٍ
بأتصال نسبهم بالدوحة العلوية, ولا يقصر عن الزهراء البتول الفاطمية .
وفي ذلك إشارات كبيرة , والسؤال الذي يطرح نفسه أين
ذهبوا بنو الاُخيضر وكيف اختفت أنسابهم؟ ولماذا تجاهلهم المؤرخين؟
نقول وبالله التوفيق هذا حال الطالبيين على مر التأريخ من التشريد والتطريد , وتلك الأيام تداول بينهم , فبأنتهاء
دولتهم تعرضوا للتغييب, وكتب علي ذراريهم أن تختفي أنسابهم لينخرطون في بواي
أرض اليمامة فتكون أنسابهم مشتت بين قبائلها , وقد شهد لهم بأنهم فرسان شجعان كما وصفوا مع ذلك كان
عليهم أن يعيشوا محتفظين
بشرفهم الذي نشبت عليهم عناكيب الضياع , ولا شك عندي أن الحركة الدينية في خصبة أرض اليمامة كان لها
تأثير كبير لغيابهم وذلك
لاختلاف المنهج الدعوي الذي كان عليه اجداهم , وتلك سنة الله في الخلق , إلا أنه يبى الله أن يتم نوره ,
بظهور أنسابهم بعدة مراجع مخطوطة حفظت في يدي أهل العلم والخبرة من حكماء اليمن السعيد .
ومنذ سنوات وأمرهم قد شغلني حينما يمر ذكرهم بين سطور كتب النسب وجرائدها ,
وتتبعت كثيراً من أمرهم
, لأن فرع وافر مثل هذا الفرع لا بد أن يكون له بقية , لا سيما فيما ذكر في تفاصيل أعقابهم بيد النسابة الثقة
الزبيدي في تعليقاته على البحر أنهم لهم أولاد وأولاد والاد واولاد وهذا تصريح وتأكيد بوجودهم , وقد
حدثنا شيخنا النسابة
الشريف البرادعي : عن حقيقة وجودهم وأنهم انخرطوا في القبائل .
فكانت قناعتي تزداد يوماً بعد يوم أنه سيكشف الغطاء الذي خيم على أنسابهم بعدما ثبت عندي أنهم اندمجوا مع الأعراب واندثرت أخبارهم النسبية , وتبقى العلة في اختفاء أنسابهم انتسابهم خوفا من انتقام القبائل منهم ؟ ويبدو أن الأخيضريين تفرقوا بعد ذلك في أنحاء نجد وغيرها، تحت ضغوط القوى الأخرى وظروف المعيشة، واندمجوا مع سكان المناطق التي حلوا بها، حتى أن أهل نجد في وقتنا الحالي ينعتون من لا ينتمي إلى قبائلهم العربية بالخضيري وهذه كلمة ليس لها أصل في اللغة , والظاهر أنها امتدت من تصغير الأخيضر والله أعلم , وهذا لا يؤكد أن كل خضيري نودي بذلك في نجد ينتمي إلى الأشراف الاُخيضريون إنما هي نعته اشتهرت بها أهل تلك الديار لمن لم يعرف إلى أي القبائل ينتمي , وقد استظهرت بعض الأسر في نجد في عصرنا الحالي ، صحة انتسابها للأخيضريين من حيث أصولها العرقية , وقد اعتنينا بما وصل إلينا منها من كتب ومشجرات الأنساب المخطوطة في أنساب الأخيضريين مطابقة مع أصول كتب النسب المطبوعة , ولا شك عندي في وجود أعقابهم وانتشارهم وعدم انقراضهم، وانتشارهم في اليمن ونجد ونواحيهما، حتى وصلوا حيث مملكتهم , فما وصل إلينا من مشجرات أو وثائق تخص أنسابهم حتى وقتنا الحالي، كان بأجتهاد الكثير اليوم من أهالي نجد واليمن في الحصول على مشجرات ومخطوطات ، وقد اطلعت على بعضها، ولم أقف على أصولها، وهي في طور التحقيق والإثبات الذي يقوي قرينة صحتها دون النفي ، والله العالم ، ولعل الله يظهر لنا أنسابهم ومشجراتهم في الأيام القادمة ما يشفي العليل ولا أعتبار لمن أنكر حقيقة انتسابهم باتباع الهوى فهو التاريخ الذي نؤتمن عليه لنظهر الحقائق ولا يحق لنا أن نجحفهم فما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .