قصر ثقافة نجيب الريحاني بحدائق القبَّة، يصبح " حكاية مكان" يروى قصته عبر الزمان، الذي قال بديع خيري في مُقدمة مُذكرات الريحاني، أنَّه بناه وقرَّر في بدايته أن يجعلهُ مقرًا للمُسنين من الفنانين، إلَّا أنَّ الريحاني نفسه لم يدخل هذا البيت ولم يهنأ بهذا المشروع الفنى، ورحل عن الدُنيا قبل أن يسكنه، وقد أُغلق هذا البيت عقب وفاة الريحاني.
وكان المهندس الإيطالي شارل عيروط، قد أبدع في تصميم هذا القصر عام 1949، حسب اللوحة الرخامية المثبتة على أحد الجدران، وبنائه علي الطراز الإيطالي، علي هيئة ثلاثة طوابق للإقامة وللبروفات الفنية، حيث كان يضم مسرحًا كبيرًا من الداخل وعدة قاعات صغيرة.
وقد اختلف شكل هذا القصر كثيرًا عن أوَّل صُورة فوتوغرافيَّة التُقطت له في سنة 1949م، بعد الانتهاء من بنائه وكانت تُحيط به حديقة كبيرة حولها أرض فضاء تحولت إلى كُتلٍ إسمنتيَّة، بناها سُكَّانُ الحي بعدما اشتروها من بديع الريحاني بالتقسيط، إلَّا أنهم توقفوا عن دفع الأقساط بعد القسط الثاني وأنكروا وجود دُيون عليهم لِوارث نجيب الريحاني، بل وصل بهم الأمر حدّ أنهم اعتدوا عليه بالضرب، ممَّا دفعه إلي إغلاق المنزل أكثر من عشرين عامًا.
استلمته وزارة الثقافة وحولته لقصر ثقافة نجيب الريحاني منذ أوائل السبعينيات لاستحضار روح صاحبه الفنان العظيم، واستغلال القيمة الجمالية والتاريخية للمكان، وكان مركزًا ناجحًا بكل المقاييس حيث عقدت به ندوات وورش فنية وعروض مسرحية وفنية.
ويقع بيت الريحاني في موقع ممتاز، حيث يقع نهاية شارع القصر بحدائق القبة، وهو يتمتع بشهرة عالية جدًا بين أهالي المنطقة، وذلك من خلال مسيرة صاحبه الفنية التى امتدت على مدار 30 عامًا، حيث ترك الريحاني، بصمة فارقة في تاريخ المسرح والسينما العربية، من خلال أعمال جمعت بين الفكاهة والدراما، والتي عكست بدورها ملامح الحقبة التي عاش فيها، لتمنحه بجدارة لقبي زعيم المسرح الفكاهي والضاحك الباكي.
ويرجع إليه الفضل في تطوير المسرح والفن الكوميدي في مصر، وربطه بالواقع والحياة اليوميَّة في البلاد بعد أن كان قبلًا شديد التقليد للمسارح الأوروپيَّة، ويُعرف عنه قوله (في خليطٍ من اللهجة المصريَّة العاميَّة واللُغة العربيَّة الفُصحى): «عايزين مسرح مصري، مسرح ابن بلد، فيه ريحة "الطعميَّة" و"المُلوخيَّة"، مش ريحة "البطاطس المسلوق" و"البُفتيك"... مسرح نتكلَّم عليه اللُغة التي يفهمها الفلَّاح والعامل ورجل الشارع، ونُقدِّم لهُ ما يُحب أن يسمعهُ ويراه...».