فن وثقافة
الدكتور عزبز عبد الصاحب يتحدث حول "اتجاهات الخطاب المسرحي وتمظهراته بعد عام 2003 في العراق"
الخميس 20/سبتمبر/2018 - 09:45 ص
طباعة
sada-elarab.com/114272
عقدت بالمجلس الأعلى للثقافة اليوم دورة الكتابة عن الحروب والتي تقام ضمن محور المسرح تحت دوي القنابل بالمحاور الفكرية لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبي والمعاصر فى دورته ال25 دورة اليوبيل الفضى وفى ورقته البحثية قال الدكتور عزبز عبد الصاحب الأكاديمي والممثل و السينوغراف العراقى
"اتجاهات الخطاب المسرحي وتمظهراته بعد عام 2003 في العراق
تفاعلت تجربة المسرح العراقي ما بعد الاحتلال الامريكي واثناءه عام 2003 بسرعة مع المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك بمباشرة المسرح بالعمل من دون انتظار لحالة بناء الدولة الجديدة بأولوياتها المتعددة ، فكان العرض الاول لفرقة مسرح (ناجين) ـ وللاسم دلالات رمزية عديدة بعد الحرب ـ على انقاض مسرح الرشيد المتهدم بتأريخ 3/5/2003 كاستجابة آنية لحالة التحدي والمواجهة الفنية التي يريدها المسرح لعكس ضرورات الواقع الاجتماعية والسياسية، التي اتضحت في عرض فرقة مسرح(ناجين)بلحظات استثنائية من الانفعال والقسوة والغضب والاحتجاج، وظفها العرض التلقائي بانسياب غنائي مونودرامي موجع طغى على شخصياته برمتها، خارج انساق الميزانسيه التقليدية ، وفي بؤر حركية مشتتة تحيطها السنة الدخان اقيمت على اطلال البناء المتهدم والمحترق لواحد من افضل المسارح الرسمية تقنية وموقعا في العاصمة بغداد (مسرح الرشيد) .. واستمرت العروض المسرحية تتوالى على وقع القنابل والسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة بإصرار وشجاعة المسرحيين منقطعة النظير، فكان اغلبها عروضا نهارية كما فعل الاغريق القدماء..عروض غابت عنها ليالي المسرح وشحَّ فيها الجمهور بسبب صوت المفخخات والاحزمة الناسفة القذرة التي علت صوت المسرح وحالت دون المتلقي ان يصل اليه في حفلات وعروض مسائية.. عروض استمرت مع استمرار الوقائع والحوادث والنزف اليومي.. عروض ساخنة نصا واخراجا وتمثيلا مطلة على اطلال وشواهد (الحادثة) شكلا ومضمونا فجاء مثلا عرض (صرخة في شارع المتنبي) احتجاجا وصوتا عاليا على جريمة تفجير الشارع الثقافي والكتبي الشهير في بغداد (شارع المتنبي) وذلك بتأريخ 6/3/2006 وجرى العرض بعد التفجير الارهابي الجبان موسيقاه ومؤثره الصوتي اصوات صراخ الامهات وبكائهن على اولادهن وسينوغرافيا من الالاف الكتب والمحال المحترقة.. كانت هذه العروض رسالة غاضبة للرد على العنف والدمار الذي خلفه الارهاب والعدوان الامريكي الغاشم ..بعد عام 2003 عمت موجة الحرية في اختيار النصوص وقول مالا يقال وانفتحت النصوص والعروض المسرحية نحو المباشرة والمكاشفة وسبر اغوار المسكوت عنه، بعدما سادها التشفير والرمز والاستعارة في مسرح ما قبل عام 2003، وتم استخدام اليات وتقنيات (الكابريه السياسي) الاخراجية والادائية (التمثيلية ) وخطابه اللاذع في ادانة القضايا الاجتماعية والسياسية الراهنة، والنزول الى مستوى الطبقات الدنيا ومناقشة اوضاعها المعيشية والنفسية، والانفتاح على مواضيع الحرب الطائفية والتخلخل الاجتماعي الذي تتركه على الواقع الاسري، وتطورت تقنيات الخطاب الشعبي في النص الدرامي والعرض الممسرح خارج الانساق التقليدية، ووظفت تقنيات وآليات مسرحية جديدة للنكاية بالسلطة الحكومية والمليشيا على حد سواء، واظهار الفساد الاداري والمالي بطريقة تهكمية بارودية ساخرة، وساهمت عملية (التابو) السابقة ما قبل عام 2003 بانفتاح مسرحي على الشخصيات الدينية والفقهية والسياسية المسكوت عنها سابقا بالاشتغال عليها في المسرح الجديد بصيغ وعلاقات جديدة ومبتكرة، وتم الاشتغال من قبل المخرجين على الفضاءات المفتوحة او انشائيات الامكنة المعمارية المبتكرة خارج فضاء العلبة الايطالية بعد حرائق المسارح والمؤسسات الثقافية في بغداد والمحافظات ووظفت البيوت التراثية وفضاءات المعارض التشكيلية والحدائق لأغراض العرض المسرحي واصبحت هياكل السيارات المفخخة والعمارات السكنية المدمرة والجوامع والكنائس كلها فضاءات بكر جديدة حطت عليها فواعل المخرج والممثل المسرحي بتكييفات سريعة وارتجالية للفضاء الجديد ، ونتج عن هذه العروض التي خرجت من الرماد اشتراع العديد من المسارات والمسافات والاتجاهات المسرحية الجديدة في بلادنا يمكن تلخيصها بخمسة اتجاهات اساسية كل واحد منها يمتلك مضمونه وشكله المستقل وكالاتي : 1 ـ اتجاه مسرح الوقائع (الحادثة) 2 ـ اتجاه المسرح الميتافيزيقي ،3 ـ اتجاه مسرح الانقاض ، 4 ـ اتجاه الميتا مسرح او (عروض الفرجة) ، 5 ـ اتجاه السيرة الافتراضية التاريخية والمعاصرة" .