طباعة
sada-elarab.com/114148
رسالة الإذاعة كما علّمنا الجيل الذي قبلنا التنوير، والإخبار، والتثقيف، والتوعية والتفاعل مع المجتمع ومواكبة الأحداث، والترفيه وإدخال السرور إلى النفس.. ورسالة إذاعة «صوت العرب» من القاهرة، بالإضافة إلى كل ذلك كانت تركز على الوعي القومي العربي وتستنهض الأمة من أجل مشروعها الوطني القومي العروبي..
الإذاعات العربية كانت قبل ظهور التليفزيون هي الأثيرة إلى نفوس المستمعين والمتابعين لبرامجها، ورغم تحديات الإعلام الجديد فلازال صوت الإذاعة مسموعاً، وإن اختلفت قليلاً بعض رسائل الإذاعة اليومية التي كانت تشغلها، وقد حافظت الإذاعات المصرية بكل تلاوينها وبعض الإذاعات العربية على ما يمكن أن نطلق عليه «كلاسيكيات التنوع الإذاعي»، وبالذات تلك الأركان الإذاعية الثابتة كالتلاوات القرآنية لكبار مشايخ القراء المصريين والعرب والنشرات الإخبارية، والتعليقات الإذاعية، وبرامج الأطفال، و«ركن المرأة» و«ما يطلبه المستمعون»، والدراما الإذاعية، بينما تخلت الإذاعات الخاصة في بعض البلدان عن هذه الكلاسيكيات الإذاعية الأثيرة على كل حال لدى الأجيال التي واكبت الإذاعة، واعتبرتها من الثوابت الإذاعية التي لا يجوز الخروج عليها؛ لأنها أصبحت ملكاً للمستمعين ولا تملك إدارة أي إذاعة التنازل عنها..
مناسبة هذا الحديث ذلك البرنامج اليومي الصباحي الذي تقدمه شبكة إذاعة «صوت العرب» من القاهرة، بعنوان «حدث في مثل هذا اليوم» ويتصدى له كوكبة من المذيعين من أبناء صوت العرب إعداداً وتقديماً، والبرنامج في دقائقه البسيطة يجعل المستمع يربط الحدث بتغيرات سياسية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية وفنية وأدبية ممتدة من أزمان سحيقة ولها ربما امتدادها إلى وقتنا الحاضر؛ مناسبات مرت بوطننا العربي والعالم وشخوص كان لها تأثيرها ولعبت دوراً في زمانها وقد يمتد تأثيرها إلى اليوم ذكر ميلادها يبشر ببزوغ فجر جديد وذكر وفاتها يؤذن بأفول نجم لا يعود. ميزة هذا البرنامج إنه يعيد لنا يومياً ذكريات ربما ران عليها غبار السنين فنستعيد الذكريات معها إما معايشة أو استماعاً أو قراءة لكنها في أحسن الأحوال تشعرنا بأن الحياة ممتدة ومرحلة تسلم الراية إلى من يأتي بعدها وبعضنا يتحسر، والبعض يتفاءل، والبعض يتوجس ولسان الحال يقول: «هل يعيد التاريخ نفسه؟!».
من خلال متابعتي اليومية لهذا البرنامج عندما تحين الفرصة أجد نفسي محلقاً ومتشبثاً بذكريات يشاركني فيها الكثير من الناس ومن أجيال مختلفة، ورغم تباين الأحداث بين ميلاد ووفاة إلا أن الزمن قد ترك بصمات واضحة في هذه المناسبات، وكان للشخوص الدور المؤثر في المجتمع، ويختار المُعدّ موضوعاً يختم به الحلقة مركزاً أكثر في دقائق على أبعاد هذا الحدث وتأثيراته في اختزال غير مخل بالمضمون ولا يشتت الذهن في الإطناب والتطويل.
نهنئ إذاعة «صوت العرب» على هذا البرنامج والطرح المؤثر في مسيرتنا الثقافية العربية، وتأكيد أهمية الإذاعة ورسالتها في حياتنا اليومية.
إننا بحاجة إلى استعادة ذكرى رجال ونساء في وطننا العربي كان لهم الدور المؤثر في حياتنا وحياة مجتمعهم الذي عاشوا فيه تحديداً، كما أننا بحاجة إلى الوعي بما يحيط بنا وتداعيته، وقد يكون له ثوابته وأركانه الماضية، وأصبح لفرط أهميته ماثلاً في حاضر أيامنا.
كلما مرت علينا ظروف وملابسات معاصرة تذكرنا كيف كان هؤلاء السابقون قد تفاعلوا مع الأحداث التي مرت بهم وقد يكون وجه الشبه مقارباً!.
دروس الماضي فيها عبر ليس بالضرورة أو حتى بالإمكان التعامل معها بنفس الدرجة والمقدار عندما تطرأ في حياتنا المعاصرة أحداث متباينة لها تأثيرها سلباً أو إيجاباً في حياتنا ولكن سيرة الماضين قد تغرس فينا الأمل من أجل مستقبل أكثر إشراقاً، والتغلب على المشاكل التي تعترض طريقنا في حياتنا المعاصرة..
تبقى الإذاعة، وليس تحيزاً، الأثيرة إلى نفوس متابعيها، فمسؤولية المذيعين لا تزال ماثلة، ورسالة الكلمة ومسؤولية التعامل معها لا تغيرها عوادي الزمن، ومن هنا تبرز للعيان أهمية حرية القول الذي ينسجم ويتوافق مع الحرية المسؤولة في وسائل الإعلام عموماً لخير مجتمعنا وخير أمتنا وخير المواطن الذي من حقه أن يكون آمناً مستقراً، مصان العزة والكرامة مقدرين شعوره وحريصين على سمعته وذكائه وفطنته وأن نخاطبه بكل وعي وإدراك؛ فتفاعل الإذاعة ووسائل الإعلام المختلفة مع المتعاملين معها يرقى إلى الأهداف التي نسعى من أجلها، وهي بناء الأمة وتثبيت أركانها وعدم المساس بمقدراتها وثوابتها الإنسانية مع الحرص على تقديم الأفضل؛ من أجل حاضر آمن ومستقبل أكثر إشراقاً.
قد يكون حديث اليوم الأربعاء 19/9/2018م من خلال برنامج «حدث في مثل هذا اليوم» ما يعكس هذه التطلعات وينير طريق الحق فنتبعه.
وعلى الخير والمحبة نلتقي