طرحت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية من خلال القطاعات المختصة وإداراتها المعنية كالقطاع الاجتماعي وإدارة الثقافة فيه، وقطاع الإعلام والاتصال وإدارة المعلومات والتوثيق والترجمة فيه فكرة إقامة جناح أو أجنحة عربية تعرض فيها ثقافة الدول الأعضاء بالجامعة العربية تحت سقف واحد في معرض القاهرة الدولي للكتاب الأشهر للعام القادم يناير 2019م الذي يقام بجمهورية مصر العربية ونال شهرته الدولية مع استمراره وتنوع الثقافة فيه، واستضافته لدول عربية وأجنبية كضيف شرف، والمعروف أن بعض الدول العربية تشارك بصورة منفردة في معرض القاهرة الدولي للكتاب أو من خلال دور النشر عندها ولكننا في العام القادم سنكون أمام خطوة رائدة وهي أن تتضافر جهود الدول العربية مجتمعة تحت راية واحدة لعرض الثقافة العربية بمفرداتها مجتمعة في هذا المعرض الدولي.
وما يميز عام 2019 أنه سيكون اليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب وقد جاءت دعوة من مصر للجامعة العربية لتكون ضيف الشرف ورحب بهذه الدعوة وزراء الخارجية العرب في مجلسهم في شهر مارس الماضي وقد تم تشكيل لجنة تنظيمية برئاسة قطاع الإعلام والاتصال وعضوية القطاعات الأخرى المعنية والجهات الخارجية مثل الهيئة المصرية العامة للكتاب واتحاد الناشرين العرب والإلكسو واتحاد اذاعات الدول العربية.
صحيح أننا عندنا تجربة على المستوى العربي ومستوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في عام 2004م، وهي خطوة في الطريق الصحيح للتعريف بالثقافة العربية على المستوى العالمي... لكننا في العام 2019م سنكون أمام خطوة عربية في معرض القاهرة الدولي للكتاب، وهي تجربة وإن تأخرت فإن من الأجدى والأولى أن نبدأ بها والسؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا الآن؟ أو ما الحاجة إلى هذا الجهد الجماعي؟!
بعيداً عن التأطير الفني والثقافي والمفهوم العام لهذه الخطوة فإننا كمثقفين عرب وقراء نحتاج لأن نتعرف على ثقافتنا العربية بمختلف إبداعاتها الفنية والعلمية والثقافية والفكرية، وبحاجة أكثر إلى معرفة مبدعي هذه الأمة من المحيط إلى الخليج العربي وحبذا طبعاً لو أتيحت الفرصة لزوار معرض القاهرة الدولي للكتاب للالتقاء بالأدباء والشعراء والمفكرين العرب في مصر العروبة إحدى أهم قلاع الثقافة والفكر والعلم في وطننا العربي الكبير من خلال الندوات، والأمسيات الشعرية التي عادة ما يقيمها معرض القاهرة الدولي للكتاب.
ومن هنا يبرز الدور الإعلامي من إذاعة وتليفزيون وصحافة في إبراز هذا الحدث الأكبر الذي نحن بأمس الحاجة إليه خصوصاً في هذا الزمن الذي نعيش فيه من الشتات والغربة والتشكيك التي تقوم على تنفيذه قوى لا تضمر إلا الشر بالأمة العربية وأوطاننا العربية وشعوبها.
قد يقول قائل أنتم من ذلك الزمن تتحدثون عن الكتب والقراءة وكأنكم بعيدين عن ما يجري على الساحة من استخدام مكثف لوسائل التواصل الاجتماعي، فكفاكم العيش في ما مضى من زمن.. والجواب طبعاً الذي يمكن أن يقال لمثل هذه الأقوال التي بدأت تنتشر، هو ما تزخر به المكتبات العالمية من كتب، ومن استغلال التقنية الحديثة في إيصال الأفكار والنتاجات الإبداعية وما نشاهده ونطلع عليه من أرقام في تصاعد للنتاجات الإبداعية المختلفة في أشكال مختلفة ومن بينها الكتب فلا يجب أن نجلد الذات أكثر ونزيد بأنفسنا نار التشكيك المتعمدة في ثقافتنا ومثقفينا وفي أجيالنا الصاعدة، فنحن مسؤولون عنهم، ومسؤولون عن أن ننير لهم طريق العلم والمعرفة ونجعلهم شركاء في البناء الفكري والإبداعي والعلمي.
وكم أسعد وأنا أرى أفواجاً من الطلبة والدارسين يأتون إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب، فلنستثمر هذا التواجد بالالتقاء بهؤلاء والتحاور معهم وعقد الندوات الفكرية التي تؤسس للثقافة والإبداع والابتكار العلمي في وطننا العربي.
علينا أن نعترف إن جيلنا والأجيال التي سبقتنا بحاجة إلى أن نلتقي بالثقافة العربية في مشرق الوطن العربي ومغربه، وأن يتعرف الجميع على نتاج مثقفينا ورواد الفكر في أمتنا العربية، أتذكر أنه في زمن ما وقعت في يدي مجموعة قصص «في المقهى» للأديب والروائي الجزائري محمد ديب، وكم كنت سعيداً بذلك وكنا في بعثة طلابية من جامعة الكويت عام 1968م في زيارة إلى تونس والجزائر، وكنا نتسأل ترى متى نرى هذا التدفق الفكري من مغربنا العربي لكي يصل إلينا في المشرق ويكون مألوفاً هذا النتاج الفكري والإبداعي في مكتباتنا الوطنية على إمتداد الوطن العربي؟!..
إن معرض القاهرة الدولي للكتاب استضاف العام الماضي جمهورية الجزائر كضيف شرف واستضاف سابقاً مملكة البحرين كضيف شرف واستضاف دولاً عربية أخرى وأحسب أن القائمة معدة من قِبل منظمي معرض القاهرة الدولي للكتاب لاستضافة ضيوف شرف عرب وأجانب.
ولعل هذا المعرض المشترك للوطن العربي في ظل جامعة الدول العربية الذي سيقام العام المقبل 2019م فرصة سانحة للفكر العربي والنتاجات الإبداعية العربية للظهور والالتقاء المباشر مع الجمهور العربي من أبناء مصر وممن يفدون إلى مصر لزيارة المعرض الذي أصبح علامة فارقة مع معارض للكتب في معظم دولنا العربية لأننا بالفعل بحاجة إلى هذا التواجد على الساحة الفكرية مهما أدلهمت الخطوب وتكاثفت الغيوم السوداء ولكن بارقة الأمل موجودة وستظل إن شاء الله موجودة.
على دولنا العربية جميعاً الأعضاء في الجامعة دعم هذا التوجه من الجامعة العربية والمشاركة بشكل فعلي وبفاعلية كبيرة وبإنتاجات فكرية وثقافية وتراثية وآثارية، فنحن أمة الحضارة والثقافة والعلم وآن الآوان لأن نؤمن بهذا وغيره، فمن حق أجيالنا الشابة المقبلة على الحياة أن تتعرف على إمكانيات أوطانها وثقافتها وفكرها وحضارتها.
إنها فرصة للثقافة العربية وأكاد أقول إنها فرصة أيضاً للسياسة والاجتماع والاقتصاد والأمن الوطني والأمن القومي العربي.
وعلى الخير والمحبة نلتقي