المغفور له بإذن الله تعالى سمو الشيخ عبدالله بن خالد بن علي آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ذكرت بكل صدقية وواقعية مناقبة الجمة وخصاله الحميدة ومعدنه الأصيل، وجهوده المقدرة والمشهود لها بالفضل والتميز والإتقان من قبل الكثير من أبناء مملكة البحرين ممن عملوا معه وعايشوا تجربته الثرية من الأعمال الحكومية المتعددة والمناصب الرفيعة التي تقلدها عن جدارة واستحقاق وأضاف إليها الكثير من عطائه وبذله ووقته وتفكيره واحساسه الرفيع والإنساني فأتت ثمارها خيرًا على هذا الوطن وأهله، كما أن أقرب المقربين إليه من أهله وعشيرته قد أشادوا بمناقبه وخصاله وحرصه على اللحمة وصلة الأرحام وحق القربى والجيرة، وكانوا ولله الحمد قد أناروا للكثير الطريق حول صفات هذا الرجل الشيخ الإنسان الذي تعجز الكلمات عن الوفاء بذكر خصاله، وتنوع جهوده وما تركه من آثار من العطاء باقية إلى يومنا هذا إلى أن يشاء الله من حيث العدالة، والفكر، والثقافة والتراث والموروث التاريخي والحضاري والوثائقي تمثلت في مراكز مهمة في البلديات ووزارة العدل والشؤون الإسلامية، ومركز الوثائق التاريخية ومركز عيسى الثقافي، وجمعيات خيرية على رأسها جمعية الهلال الأحمر البحريني إلى عطاء في مراحل تاريخية مرت بالبحرين قبل إنهاء الحماية البريطانية وبعد الاستقلال وبناء النهضة والتقدم في عهود شهدتها البحرين تطورًا حضاريًا، وسياسيًا، واجتماعيًا، وثقافيًا واقتصاديًا وماليًا وحركة عمرانية نشطة ومتميزة وبداية مرحلة الديمقراطية مع المجلس التأسيسي والمجلس الوطني، إلى المشروع الإصلاحي الكبير الذي قاده باقتدار وتمكن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله ورعاه وما شهدناه من جهود حثيثة في ميثاق العمل الوطني، والدستور وانتخابات المجالس البلدية المتتالية، ومجلسي النواب والشورى، والرجل يرحمه الله كان حاضرًا في هذا المشهد الذي نقل مملكة البحرين من مرحلة إلى مرحلة.
ولازلنا نذكر هذا الترقب والإعلان الرسمي عن نتيجة الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني والذي كان المغفور له حريصًا على التواجد حتى إعلان النتيجة في وسائل الإعلام المختلفة، وليزف البشرى للقيادة الحكيمة، وشعب البحرين على هذا الإنجاز الوطني المشرف.
ستبقى يا أبا محمد في الذاكرة الوطنية لمملكة البحرين، وستبقى نبراسًا وهاديًا لكل مخلص ينشد الخير للوطن..
وعندما يكون المرء أمام قامة وطنية شامخة مثل المغفور له بإذن الله تعالى سمو الشيخ عبدالله بن خالد بن على آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية لا بد أن يعتز ويفخر بأنه كان في يوم من الأيام جمعته المقادير بهذه الشخصية الفذة المعطاءة الخيرة وبعض المواقف التي يشهد الله أنها كانت علامات مضيئة في سماء الوطن فبحكم الوظيفة الإعلامية التي تقلدتها والوظيفة الدبلوماسية التي كلفت بها لاحقًا اقتربت أكثر من هذه الشخصية الوطنية، فأذكر أنه في أحد المواقف عندما كان المرحوم مسؤولًا عن البلديات كيف كان ساعيًا إلى تهيئة الظروف لأن يحتضن مبنى البلدية بالمنامة قاعة المجلس التأسيسي الذي أعد دستور البلاد للعام 1973م وكان سموه الحريص على كل صغيرة وكبيرة بالإضافة إلى المهمات الجسام التي يضطلع بها يوم كانت البلديات تقوم بمهام جسيمة في نهضة البلاد، ورغم كل هذه المهام إلا أنه عندما كان يحصل إشكال مع المتعاملين مع البلدية يجتمع سموه يرحمه الله معهم ويستطيع الشيخ بحكمته وبصيرته وأريحيته أن يتفاهم معهم وينهي المشكلة في جلسة واحدة عندما يوضح سموه لهم أهمية الإجراءات البلدية للمواطن ولكل ما من شأنه في صالحهم، فكان سموه المسؤول الحكيم والأب الحنون الذي يعرف مصلحة الوطن والمواطنين.
وكانت للمرحوم مواقف طيبة في اللجنة العليا للحج التي تشرفت بعضويتها برئاسة سموه فكان يرحمه الله في كل موسم يهيئ الظروف لأداء مناسك الحج للبحرينيين بكل يسر وسهولة ويناقش المشاكل مع حملات الحج ويعمل على إحضار رؤساء الحملات إلى اللجنة ويناقشهم في المشاكل التي صادفها الحجاج السابقون معهم تلافيًا لحدوث مثلها في الحج القادم فكان سموه يثيب ويشكر من قام بواجبه خير قيام، ويقدم النصيحة والتوجيه لمن قصر في أداء الواجب ويحثه على عدم تكرار ذلك والمضي قدمًا في تقديم الأفضل لحجاج بيت الله، وكان يحثنا كأعضاء اللجنة القيام بواجباتنا كل في مسؤوليته لضمان سهولة الحج لحجاج البحرين وتأمين سلامتهم في الأراضي المقدسة.
وسنذكرك يا أبا محمد في مناسبات ترائي شهر رمضان الكريم وعيد الفطر السعيد ونترقب بيان الترائي من الهيئة العليا التي هي برئاستك وعضوية كبار المشايخ، وتصر سموك على التلاوة الرسمية للبيان وإعلان نتيجة الترائي؛ إنها لحظات تشدنا إلى الشاشات والموجات الإذاعية.
أيها الشيخ الإنسان رحمك الله وأسكنك فسيح جناته لازلت أذكر زياراتك لجمهورية مصر العربية وتعلقك بتاريخها وحضارتها وسعيك لتدعيم علاقات مملكة البحرين بها من خلال التباحث مع المسؤولين في وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية والأزهر الشريف، وحضورك السنوي للمؤتمر الإسلامي الذي تنظمه وزارة الأوقاف المصرية، واذكر حرص سموك على الالتقاء بالجالية البحرينية بمصر والاستماع إلى آرائهم وأفكارهم، كذلك حرص سموك على الالتقاء بالطلبة الدارسين في الجامعات المصرية وزيارتك لهم في نادي طلبة البحرين بالقاهرة ومساعدتك القيمة لهم.
سمو الشيخ الإنسان لقد رأيت في سموك الحرص على تبوء البحرين المراكز المتقدمة وإنجاح مشاريعها الإنمائية المتعددة وعلمتنا كيف يكون العلم طريقًا لخدمة الوطن والمواطنين وحقًا ما قاله فيكم ابنكم معالي الشيخ خالد بن أحمد بن سلمان آل خليفة وزير الديوان الملكي بقصيدته الرائعة «في جنة الخلد»
يا لله يا عالم خفيات الأسرار
ترحم لنا شيخ على الجد صبار
مرحوم يا من تذكر الناس طيبه
ملفاك الجنة معا الناس الأبرار
مرحوم يا من شاع ذكره وصيته
من بيت عمدانه مناعير وأحرار
أمضيت عمرك في مواجيب عليا
في خدمة بلادك وحامي حمى الدار
لقد كنت يا أبا محمد بالفعل ذلك الإنسان الذي وثق العلاقات مع الأشقاء في مختلف الأقطار العربية والإسلامية واحتضنت البحرين العديد من المؤتمرات والملتقيات والندوات الإسلامية والفكرية وكنت أيضا ًالحريص على أن تكون البحرين مركز إشعاع فكري تنويري. وتمضي قصيدة معالي الشيخ خالد بن أحمد بن سلمان آل خليفة لتصف خصالكم
عاصرت أيام مريرة وحلوه
وعلمتنا من وين نبدأ ونختار
علمتنا ماضي سوالف أهلنا
وما مر عليهم من تصاريف الأقدار
درس من الماضي يعلمك حاضر
وقالوا لنا التاريخ بيعود أمرار
رجال العشيرة يحسبونك أبوهم
كبيرهم يا عم تعطف وتنزار
في جنة الخلد والرضوان والرحمه
وحنا لنا الصبر والسلوان والأذكار
لقد ترك المرحوم الشيخ عبدالله بن خالد بن علي آل خليفة تراثًا ثقافيًا وفكريًا، ورسم لنا طريقًا للبذل والعطاء وخلد في تاريخ هذا الوطن نهجًا وأسلوبًا لكيف يكون العطاء والبذل حتى آخر المشوار؛ لأن العطاء الوطني نهر متدفق الجريان هدفه خير الوطن والمواطنين.
وعلى الخير والمحبة نلتقي..