الاشراف والقبائل العربية
مسجد ومقام السيد الحسن الأنور " الأكبر " وابنه زيد أخو السيدة نفسية رضي الله عنهم ، بالقاهرة - مصر..
نسب الحسن الأنور رضي الله عنه : -
انه : الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم .
زوجته : زينب بنت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب - وقيل أيضا أم ولد رضي الله عنهم .
مسجد ومقام السيد الحسن الأنور رضي الله عنه : -
مسجد ومقام السيد الحسن الأنور والد السيدة نفسية ، والسيد يحيى المتوج بالأنوار الذي بالشرقية قرية الغار ، والسيدة فاطمة الصغرى الذي مقامها عند سيدنا عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنهم .
والسيد الحسن الأنور مشهور أيضا بالأكبر ، وقبره معروف بحي ( مصر القديمة ) ، ودفن معه في مشهده ابنه زيد أخو السيدة نفيسة .
والناس تعتقد أن سيدنا زيد الأبلج هو والده فبتالي هو بن الإمام الحسن السبط والمعروف أنه مدفون " بالحاجر " بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ، لكن لما رجعنا لكلام الأولياء قالوا أن هذا هو بن السيد حسن الأنور وأسمه على أسم جده سيدنا زيد بن سيدنا الحسن السبط ، لكن حصل الخلط من عوام مصر ، والأبلج من انبلاج نور الصباح وسمى كذلك لجماله رضي الله عنه فيرى جماله الجميع إذا نظروا إلى وجهه الشريف ، فضلاً عن المعنى الأخر الذي لا يعلمه إلا الصالحون .
وقد قدم السيد الحسن الأنور إلى مصر بعد عزله من ولاية المدينة سنة 193هـ ومعه ابنته السيدة نفيسة وغيرها من أهله ، وتوفى بالقاهرة - مصر ، ودفن بمسجده بساحته - حي الجيارة - مشارف مصر القديمة ، بالقرب من سور مجرى العيون - شارع سيدي حسن الأنور ، أمام " مستشفى ٥٧٣٥٧ " نهاية الكوبري القادم من التحرير والجيزة .
وفى كتاب بحر الأنساب : -
كتاب بحر الأنساب ( المشجر الكشاف لأصول السادة الأشراف ) للعلامة السيد محمد بن أحمد بن عميد الدين الحسيني النجفي المتوفى سنة 433هـ وذلك في مناقب ومزارات ووفيات عموم السادة الأشراف في كافة بقاع الأرض ( تحقيق ) صاحب الفضيلة الأستاذ السيد حسين محمد الرفاعي من علماء الأزهر الشريف يقول ص 11 :
سيدي حسن الأنور والد السيدة نفيسة هو مدفون بمصر قدم إلى مصر ومعه ابنته نفيسة وكان إماما عظيما وعالما من كبار أهل البيت معدودا من التابعين وكان قد ولى المدينة من قبل أبى عبد الله أبى جعفر المنصور الخليفة العباسي ، قال : الشعراني في ( المنن ) : أخبرني شيخي الخواص أن الحسن الأنور والد السيدة نفيسة في التربة المشهورة قريبا من جامع القراء بين مجراة القلعة وجامع عمرو وقد وجد حجر عتيق مرقوم عليه نسب سيدنا زيد ومن شك في ذلك فليذهب إلى هناك وليعلم ذلك بالمعاينة ، هكذا قال ( الشيخ الشبلنجي ) ، وقال الشيخ ( الصبان ) أن السيد حسن الأنور نقلا عن طبقات المناوي عن الذهبي أنه كان من أعيان العلويين وأشرفهم ثم نقل عبارة الشعراني في المنن .
أما المقريزي فيقول : -
في المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزية تأليف تقي الدين أبى العباس أحمد بن على المقريزي المتوفى سنة 845 هـ في الجزء 4 ص 441 يقول :
وأما والد نفيسة وهو الحسن بن زيد فهو الذي كان والي المدينة النبوية من قبل أبى جعفر عبد الله بن محمد المنصور وكان فاضلا أديبا عالما .
وقال على باشا مبارك في الخطط التوفيقية جزء 4 ص87 : -
ومسجد سيدي حسن الأنور بقرب العيون التي فوقها مجرى الماء السلطاني الواصل إلى القلعة فيما بينها وبين جامع عمرو قريب من فم الخليج في وسط منازل صغيرة مسكونة بالفقراء وقبور كثيرة وهو مقام الشعائر وله ميضأة ومرافق وبئر وكان مهجورا متخربا فجدد وعمر في سنة ثمانين ومائتين وألف على يد ناظره الشيخ أبى زيد إسماعيل كما هو مرقوم بأعلى بابه الغربي وبه ضريح والد السيدة نفيسة رضي الله عنها ، عليه قبة جديدة وتحت تابوته حجر من الرخام مكتوب عليه اسم سيدي حسن الأنور رضي الله عنه وبجوار هذا الضريح ضريحان أحداهما السيد زيد الأبلج وأسمه منقوش على قطعة حجر تخت تابوته ، والآخر لسيدي جعفر وليس له إيراد وإنما يصرف عليه من الأوقاف العمومية وبجوار ميضأته شجرتان من اللبخ ونحلتان ويقال أن هذا الجامع في طرف مجل الجديد الناصري ، قال المقريزي في خططه بشاطئ النيل من ساحل مصر الجديد عمره القاضي فخر الدين محمد بن فضل الله ناظر الجيش باسم الملك الناصر محمد بن قلاوون وانتهت عمارته سنة اثنتي عشر وسبعمائة وأقيمت فيه الجمعة حينئذ وله أربعة أبواب وفيه مائه وسبعة وثلاثون عمودا وذرعه أحدى عشر ألف ذراع وما برح من أحسن المتنزهات إلى أن خرب ما حوله ثم زالت آثاره بالكلية وقيل انه كان محل السبع سواقي ذات البناء الضخم بجوار فم الخليج التي تنقل الماء من النبل إلى مجراه القلعة ويدل للأول ما اشتهر أن الفرنساوية زمن دخولهم مصر وجدوا هناك كثيرا من العمد الرخام الضخمة وأحجار ونحو ذلك وفي خطط المقريزي أن سيدي حسن الأنور والد السيدة نفيسة هو الحسن بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالبت كان له من الأولاد القاسم ومحمد وعلى وإبراهيم وزيد وعبيد الله ويحيى وإسماعيل واسحق وأم كلثوم ونفيسة وكان سيدي حسن والى على المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم وذلك من قبل أبى جعفر عبد الله بن محمد المنصور وكان فاضلا أدبيا عالما وأمه أم ولد توفى أبوه وهو غلام وترك عليه دينار وهو أربعة لآلاف دينار فخلف الحسن ولده أن لا يظل رأسه سقف الأسقف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ببيت رجل يكلمه في حاجة حتى يقضى دين أبيه فوفاه وقضاه بعد ذلك ويقال انه كان مجاب الدعوة ممدوحا وان شخص وشى به إلى جعفر المنصور أنه يريد الخلافة لنفسه فإنه كان قد انتهت إليه رياسته بني حسن فأحضره من المدينة وسلبه ماله ثم ظهر له كذب الناقل عنه فمن عليه ورده إلى المدينة مكرما فلما قدمها بعث إلى الذي وشى به يهديه ولم يعاتبه على ما كان منه ** وذكر ابن خلكان خلافة في قبر سيدي حسن الأنور هذا فقيل انه بمصر لكنه غير مشهور وقيل انه توفى ببغداد ودفن في مقبرة الخيرزان (1) والصحيح انه مات بالحاجر وكان واليا على المدينة من قبل أبى جعفر المنصور بالولاية خمس سنين ثم غضب عليه فعزله واستصفى كل شيء له وحبسه ببغداد فلم يزل محبوسا حتى مات المنصور وولى المهدي فأخرجه من محبسه ورد عليه كل شيء ذهب له ولم يزل معه فلما حج المهدي كان في حملته فلما انتهى إلى الحاجر مات هناك وذلك في سنة ثمان وستين ومائة وهو ابن خمس وثمانين سنة وصلى عليه على بن المهدي والحاجر على خمس أميال من المدينة .
وفى إسعاف الراغبين للشيخ الصبان : -
قال الشعراني في مننه أخبرني سيدي على الخواص رضي الله عنه أن الإمام الحسن والد السيدة نفيسة في التربة المشهورة قريبا من جامع القراء بين مجراة العيون والقلعة وجامع عمرو وقد أشتهر هذه التربة وبني عليها قبة جليلة حضرة عبد الرحمن كتخدا أحسن الله إليه وأسبل سرادقات لطفه عليه .
وفى كتاب نصرة النبي المختار في أهل بيته الأطهار ص 384 : -
الحسن الأنور والد السيدة نفيسة رضي الله عنهما : هذه الشخصية الكريمة من آل النبي صلى الله عليه وسلم لها في نفوس المؤمنين بمصر الشيء الكثير فهي قد أنجبت الدرة النفيسة من درر آل البيت على أرض الكنانة وأقصد بها السيدة نفيسة التي أجمع المؤرخون ولم يختلف منهم احد على أنها مدفونة في مسجدها في حي الخليفة بالقاهرة والشخصية الكريمة بالطبع هي سيدي حسن الأنور بن زيد الأبلج بن حسن السبط بن على بن أبى طالب وهذه الشخصية النبوية الكريمة تعتبر من أهم شخصيات آل البيت في القرن الثاني الهجري بل هي أهمهما جميعا ، إن سيدي حسن الأنور رغم تلك الشذرات المتناثرة حوله من المخطوطات والكتب من القلائل من آل البيت الذين لعبوا دورا هاما في العصر العباسي الأول فقد كان واليا على المدينة المنورة وهذه كما نرى تعتبر استثناء لكل من يتتبع تاريخ آل البيت بعد كربلاء وفى أيام الأمويين بل هي استثناء كذلك في عهد العباسيين الذين الذين سرعان ما تذكروا لأل بيت النبي وفعلوا مع أبناء عمومتهم ما فعله الأمويين من قبل بل , أشرس مما فعلوا ، وحتى سيدي حسن الأنور الذي تولى إمارة المدينة وعمره 67 سنة من قبل الخليفة أبى جعفر المنصور وظل فيها حوالي ست سنوات من عام 150 إلى عام 155 هجرية لم ينج من اضطهاد العباسيين رغم أنه ، كما نذكر بعض الكتب ومنها ما جاء في ديوان ابن هرمه دون بقية آل البيت ، أول من لبس السواد شعار العباسيين تأييدا لهم وتدعيما لقيام دولتهم والسواد بالطبع جاء سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتبره العرب رمزا للقوة كما يقول كتاب سبط الدرر العوالي ، فالرسول صلى الله عليه وسلم لبس عمامة سوداء وهو بفتح مكة .
لقد عزل الحسن الأنور فجأة من ولاية المدينة المنورة وألقى في غياهب السجن عام 156هـ إلى أن ولي المهدي العباسي فأخرجه منه لأن هذا الخليفة كان يعرف أقدار الأشراف من آل البيت وكان فاضلا حتى أن ابن طباطبا في كتابه الفخري في الآداب السلطانية وصف المهدي قائلا كان شهما كريما شديدا على أهل الإلحاد والزندقة ولا تأخذه في إهلاكهم لومة لائم وكان يجلس في كل وقت للمظالم كما كان ذكيا فصيحا بعيد الهمة وشديد الرأي ثاقب الفكر قوى البنيان فصيح اللسان .
وفى كتاب آل بيت النبي في مصر : -
حسن الأنور والد السيدة نفيسة ، وشيخ بني هاشم في عصره : هذا الذي حدث منذ سنوات ، ما زال في ذاكرة الناس وكأنه حدث بالأمس في منتصف إحدى الليالي وكان بعض عمال المعمار يجددون القبلة ، فتح ملاحظ المسجد باب الغرفة التي تضم ضريحي سيدي حسن الأنور وأبيه سيدي زيد الأبلج وفاجأ الملاحظ ضوء باهر كأنه الشمس يتجمع ويسلط على العمامة فوق غطاء ضريح سيدي حسن الأنور ، وأجفل الملاحظ عبد الوهاب حسن وأغمض عينيه ثم أغلق الباب ثانية وتمتم بآيات الله البينات ، ولاحظ العمال ما حدث فاعتقدوا أنه من الكهرباء ، لكن أنوار المسجد أطفئت كلها ، لتظل بقعة الضوء في الضريح تخرج إشعاعاتها من تحت عقب الباب ، وسط الظلام الشديد ، ويتوقف العمال ، بعد أن تأكدوا وشاهدوا بأنفسهم الأنوار الربانية ويذهبون إلى مقاوليهم وفجأة يأتي الصباح الجديد ويشترى المقاولون على حسابهم كميات من مواد البناء من أجل أن يتجدد المسجد كله وتتضاعف مساحته من أجل هذا القطب من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواية حكاية تجديد المسجد بشكل آخر من الأهالي : -
يقال : انه أثناء تجديد المسجد والمقام الشريف لوالد السيدة نفيسة السيد حسن الأنور وابنه السيد زيد ، وعند بدء الترميم وأعمال الحفر في الضريح المبارك ، فبعد فترة من الحفر وبعد إطفاء الأنوار والاستعداد لرحيل العمال وفق انتهاء مواعيد العمل يكتشف الناس والجيران أن هناك نوراً ينبعث من تحت عقب باب المقام فظنوه نوراً كهربائيا لكن له وميض ليس كوميض نور الكهرباء ، فتأكد العمال من إطفاء النور كاملا في اليوم الثاني فما لبثوا إلى أن أشرق هذا النور مرة أخرى بنفس الكيفية ، فعلى الفور فتح العمال الضريح فوجدوه يشع نوراً فنزلوا إلى حيث حفروا ، فكانت المفاجئة ، أن النور والرائحة الزكية مصدرها هي رأس سيدنا الحسن الأنور وعمامته الشريفة ونظروا لوجهه الشريف وجماله ، على الفور حضر المقاول وأعتمد مبالغ مضاعفة أكثر من المتفق عليه لصيانة وتجديد المقام الشريف ، وعثروا على شاهدين أحدها بإسم سيدي حسن الأنور من وقت انتقاله ، ولازال الناس يذكرون هذه الكرامة لأنهم شهوداً عليها .
لقد وصف الحسن الأنور كما يذكر الشيخ أحمد فهمي في كتابه كريمة الدارين الشريفة الطاهرة السيدة نفيسة رضي الله عنهما : -
بأنه كان شيخ بني هاشم في زمنه من بني الحسن حتى أن رئاسة البيت الهاشمي انتهت إليه في عصره .
وكما جاء في تهذيب التهذيب عن ابن سعد في طبقاته : -
كان أبو محمد الحسن الأنور عابدا ثقة وكان إماما عظيما من كبار آل البيت وكان مجاب الدعوة ، بل إن الزبير بن بكار وصفه بأنه كان فاضلا شريفا ، والخلاف كثير حول موت الحسن الأنور وحول دفنه .
وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان : -
أنه مات بمصر لكنه غير مشهور وقيل إنه توفى ببغداد ودفن في مقبرة الخيزران ويرى ابن خلكان أنه مات بالحاجر أثناء حجة المهدي سنة 168هـ وهو بن خمس وثمانين سنة .
أما في كتاب الجواهر النفيسة : -
فيقول الشيخ عبد الخالق سعد في كتابه الجواهر النفيسة فيؤكد أنه جاء مصر مع أبنته نفيسة بعد ما زار معها قبر الخليل إبراهيم وأنه عاش في مصر القديمة بدءا من يوم السبت السادس والعشرين من شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين ومائة من الهجرة وهذا الرأي بالطبع يحتاج إلى تمحيص ، إذ عرف من المراجع جاءت لتعيش في مصر في التسعينات من القرن الثاني الهجري وتوفيت عام 208هـ فلربما جاء الحسن الأنور مع أبنته وهو في أخريات أيامه ونحن بالطبع لا نميل إلى هذا الرأي ، لكن الملاحظ أن أسرة سيدي حسن الأنور فيها الكثير الذين دفنوا بمصر بل البعض يؤكد أن سيدي زيد مدفون في ضريح ابنه سيدي حسن الأنور الذي مات في تسعين عاما والبعض يقول إن الضريح ليس لسيدي زيد الأبلج وإنما هو لزيد بن حسن الأنر ، كما يقولون إن السيدة نفيسة بنت زيد الأبلج وإنما هو لزيد بن حسن الأنور كما يقولون إن السيدة نفيسة بنت زيد الأبلج عمه السيدة نفيسة بنت الحسين أيضا مدفونة في مصر كما أن سيدي محمد الأنور أخا سيدي حسن الأنور مدفون في مشهده القريب من مسجد السيدة سكينة على يمنة الذاهب إلى السيدة رقية والسيدة نفيسة كما يؤكد ذلك كتاب العدل الشاهد في تحقيق المشاهد .
ويؤكد فضيلة الشيخ عبد الغفور محمود جعفر شيخ جامع السيد حسن الأنور : -
والذي يبحث دائما في تاريخه أن هناك مخطوطا ينقل عن ابن النحوي قصة طويلة مفادها أن السيد حسن الأنور توفى في ريف مصر وأنه إن صح هذا الكلام فقد نقل رفاة الحسن الأنور إلى مسجده الحالي ويلاحظ أتفاق رأى الشيخ ما أورده الشيخ الصبان في كتاب إسعاف الراغبين نقلا عن الشعراني في مننه ، من هذا يتضح اختلاف الكتاب حول دفن الحسن الأنور في مصر ، وإن كان الإمام الشعراني يرى أن الروح في البرزخ كمن يسبح في نهر جار يطف في أي مكان ، أي يظهر في أي مكان ، والله أعلم .
مقبرة الخيزران خلف جامع الإمام الأعظم : -
هي مقبرة الأعظمية في بغداد وتعرف حالياً بمقبرة الأمام الأعظم حيث إنها تحيط بمسجد الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، الذي دفن فيها عام 150هـ /767م ، وهذه المقبرة قديمة العهد وهي أصل مدينة الأعظمية ، وضمت كثيراً من رفات فقهاء المسلمين ومراجع العلم والدين. وسميت بالخيزران نسبة إلى الخيزران بنت عطاء زوج الخليفة المهدي ووالدة الهادي وهارون الرشيد والتي توفيت ودفنت فيها عام 173هـ ، وتحوي هذه المقبرة على الكثير من قبور العلماء والفقهاء والولاة الذين حكموا البلاد في زمن الدولة العثمانية، وكذلك المتصوفة ، ومنهم أبو بكر الشبلي حيث يوجد له مقام معروف فيها تم تجديده حديثا ، والشاعر جميل صدقي الزهاوي والشاعر معروف الرصافي ، والشيخ عبد القادر الخطيب والشيخ أمجد الزهاوي ، وغيرهم من الأعلام كساطع الحصري ، والأستاذ عبد الرحمن البزاز ، والعلامة الشاعر وليد الأعظمي الذي ذكرها في كتابه ( أعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران ) وقال فيها :
هذي القبورُ تُـناديكم وتـُخبركم بـمـا لقي ساكنوها فأسمعوا الخبرا
تقول أفنيتُ ناساً لا عداد لهـم فـمـا تركـتُ لهـم عيـنـاً ولا أثـرا
وللمقبرة ذكر في كتب التراجم والخطط ، فهي من المعالم الكبيرة الشهيرة في خطط بغداد التي ظلت شاخصة في الجانب الشرقي قبل بناء أبو جعفر المنصور للمدينة في الجانب الغربي ، وكان الجانب الشرقي مزارع وبساتين ، وكانت فيه بيوت متناثرة متباعدة بينها بعض الأديرة لأهل الكتاب ، من جهة الشمال الشرقي بين الحقول والسواقي ، وبخاصة نهر الخالص ، وينبت فيها أنواع القصب والبردي حتى صارت أجمة واسعة تكثر فيها أنواع الطيور ويذهب إليها الناس لقضاء أوقات فراغهم للتسلية واصطياد الطيور ، وعرفت هذه المنطقة قديما باسم رقة الشماسية .
ومن أقدم الأعلام الذين دفنوا فيها هشام بن عروة بن الزبير عام 145هـ، ومحمد بن إسحاق عام 151هـ ، وذكر بعضهم إن هذا الموضع كان مقبرة لملوك الفرس المجوس قبل فتح العراق ، وأهملت المقبرة فيما بعد ، حتى درست واتخذها المسلمون من جديد مقبرة لموتاهم ، وعند توسيع جامع أبو حنيفة عام1972م ، وعند حفر السرداب العميق تحت بناية الحرم الجديد ، عثر العمال عند الحفر بعمق أكثر من أربعة أمتار على قبور مصنوعة من الخزف على شكل (حب الماء) وتم نقلها للمتحف العراقي .
ولقد سميت بمقابر الخيزران ثم سميت بمقبرة الرصافة ومقبرة باب الطاق ومقبرة سوق يحيى وذلك لتداخل المحلات وسميت بمقبرة محلة الإمام أبي حنيفة ثم سميت مقبرة الإمام الأعظم وأخيرا سميت مقبرة الأعظمية ، وكانت المقبرة واسعة جدا تمتد إلى منطقة دائرة بريد الأعظمية القديم وكانت تشمل سوق الأعظمية القديم وتمتد إلى مسجد بشر الحنفي المعروف حاليا باسم مسجد بشر الحافي وتضم مسجد حسن بك ومسجد التكية في سوق الأعظمية ، وكان مشهد مسجد أبي حنيفة ضمن المقابر وكان الناس يسيرون بين المقبرة ليصلوا للمسجد كما هو الحال الآن في مسجد الشيخ معروف الكرخي ، ولكن حوادث الغرق والطوفان والفتن وتخريبات الفرس أيام الصفويين جعلت الناس يقتطعون أجزاء من المقبرة ويبنونها ويسكنون فيها بجوار المسجد ، حتى عادت مقبرة الخيزران مقبرة صغيرة تحيط بها الدور والمساكن ، وكان الناس قديما لا يبنون قبور موتاهم بالطابوق والجص لأنهم لا يرغبون أن يضعوا على موتاهم طابوقا مفخورا بالنار ، وإنما كانوا يبنون باللبن ، وهو طابوق من الطين المجفف بالشمس لا يدوم طويلا لذلك كانت المقبرة فارغة من مشاهد القبور وليس فيها سوى قبور متناثرة بعيدة وهي للولاة والحكام الأتراك وعليها رقيم من الرخام يتضمن أشعاراً وتأريخاً بخط بهيج بديع .
ونجد في كتاب أعيان الزمان وجيران النعمان في مقبرة الخيزران مرحلة منسية من تاريخ العراق، وأنقطاعاً في التراجم لمدة قرنين ونصف ( من منتصف القرن الثامن الهجري إلى نهاية القرن العاشر الهجري ) ، وهي الفترة المظلمة أيام الحكم المغولي وحكم التركمان والصفويين لبغداد .