الاشراف والقبائل العربية
الإمام زيد بن سيدنا علي زين العابدين بن سيدنا الحسين رضي الله عنهم ، ومشهد رأسه الشريف بمصر - القاهرة ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا وأني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم وابن حبان وغيرهم .
ومقام زيد بن زين العابدين هو الموجود بالمكان المشهور به في حي زينهم ، جاءت التسمية من اسم زيد بن زين العابدين ، كان الناس يقولون على مقامه الذي بين المذبحة والمشرحة يقصدون بين مذبح زينهم ( مذبح مصر الشهير وقد نقف من مكانه من فترة والمشرحة وهى مشرحة زينهم - نسأل الله العفو والعافية - حيث مصلحة الطب الشرعي ) .
يقول المقريزي في المواعظ والاعتبار : -
هذا المشهد فيما بين الجامع الطولوني ومدينة مصر تسمية العامة مشهد زين العابدين وهو خطأ وإنما هو مشهد رأس زيد بن على المعروف بزين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب رضي الله عنهم ويعرف في القديم بمسجد محرس الخصى .
قال القضاعي : مسجد محرس الخصى بني على رأس زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب حين أنفذه هشام بن عبد الملك إلى مصر ونصب على المنبر بالجامع فسرقه أهل مصر ودفنوه في هذا الموضع .
وقال الكندي في كتاب الأمراء : -
وقدم إلى مصر في سنة 122 أبو الحكم بن أبى الأبيض القيسي خطيبا برأس زيد بن على رضوان الله عليه يوم الأحد لعشر خلون من جمادى الآخر واجتمع الناس إليه في المسجد .
وقال الشريف محمد بن أسعد الجواني في كتاب الجوهر المكنون في ذكر القبائل والبطون وبنو زيد بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب رضي الله عنهم الشهيد بالكوفة : -
ولم يبق غير رأسه التي بالمشهد الذي بين الكومين بمصر بطريق جامع ابن طولون وبركة الفيل وهو من الخطط يعرف بمسجد الخصى ولما صلب كشفوا عورته فنسج العنكبوت فسترها ثم انه بعد ذلك حرق وذرى في الريح ولم يبق منه إلا رأسه التي بمصر وهو مشهد صحيح لأنه طيف بها بمصر ثم نصب على المنبر بالجامع بمصر في سنة 122 فسرقت ودفنت في هذا الموضع إلى أن ظهرت وبني عليها مشهد .
وذكر بن عبد الظاهر أن الأفضل بن أمير الجيوش لما بلغه حكاية رأس زيد أمر بكشف المسجد وكان وسط الأكوام ولم يبق من معالمه إلا محراب فوجد هذا العضو الشريف .
قال محمد بن منجب بن الصيرفي حدثني الشريف فخر الدين أبو الفتوح ناصر الزيدي خطيب مصر وكان من جملة من حضر الكشف قال لما خرج هذا العضو رأيته وهو هامة وافرة وفى الجبهة أثر في سعة الدرهم فضخمخ وعطر وحمل إلى دار حتى عمر هذا المشهد وكان وجدانه يوم الأحد تاسع عشر ربيع الأول سنة 525 وكان الوصول به في يوم الأحد ووجدانه في يوم الأحد .
نسبه الشريف : -
هو الإمام أبي الحسين زيد الشهيد بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام سيد الشهداء الحسين السبط بن الإمام علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .
ألقابه الشريفة : -
لقد لقب سيدنا زيد الشهيد بألقاب عديدة لما حازه من صفات سامية ومكارم حميدة فمنها :
1- الشهيد : لاستشهاده وقتله في سبيل الله والحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مظلوماً .
2- حليف القرآن : لكثرة لهجه وتلاوته بكتاب الله تعالى فلا يفتر لسانه عن تلاوته في كل أحواله وأوقاته كما أن له قراءة معتبرة للقرآن .
3 - الإمام الأعظم : لأنه صاحب مذهب فقهي معروف وهو أستاذ الأئمة الفقهاء من أصحاب المذاهب المشهورة كما أن له مذهب فقهي مستقل .
4 - المدني : لأنه ولد بمدينة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسكن بها ونشأ فيها وتعلم .
5 - الكوفي : لأنه انتقل إلى الكوفة عاصمة جده الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وسكن بها في آخر حياته وبها استشهد .
6 - الناسك : لأنه منذ شبابه إذا ذكر له الله أو جده رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد أجداده يغشى عليه حتى يقول القائل : ما يرجع هذا إلى الدنيا .
مولده ونشأته : -
ولد رضي الله عنه وأرضاه في مدينة جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على خلاف في سنة ميلاده فقيل 75 هـ أو 79 هـ أو 80 هـ والراجح أن ميلاده سنة 79 هـ فولد في بيت والده سيدنا الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام في بيت النبوة والإمامة والطهارة والعلم والزهد والورع والتقوى والكرم والحلم فلا تسع السطور ولا الأقلام عن الإحاطة بذلك وبالغ شرفه كما أن والدته أم ولد ( جارية) اسمها حورية من بلاد السند (في باكستان حاليا) أهداها لوالده المختار بن أبي عبيدة الثقفي . وقد نشأه والده على التقوى والورع والزهد والشجاعة والكرم وغيرها من الصفات النبوية الحميدة التي ورثوها عن جدهم الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم .
صفاته الخَلقية والخُلُقية : -
كان الإمام زيد بن علي زين العابدين أبيض اللون، واسع العينين، مقرون الحاجبين ، تام الخَلق ، طويل القامة ، كث اللحية ، عريض الصدر،أقنى الأنف ، أسود الشعر أشيب العارضين ، شبه في فصاحته وبلاغته بجده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه . أما صفاته الخُلُقية فحدث عنها ولا حرج فمن والده ؟ ومن جده ؟ فالولد سر أبيه فقد كان مهاباً شجاعاً سخياً جواداً كريماً زاهداَ عابداً ورعاً تقياً عالماً في القراءات والفقه والتفسير والحديث واللغة والأخبار وغيرها- فقد يكون من الخطأ استعراض ما أتقن من العلوم لأنه إمام من أئمة المسلمين .
شيوخه : -
إن الإمام زيد بن علي زين العابدين نشأ في المدينة المنورة موطن العلماء والصحابة وأكابر التابعين كما أنه ولد ونشأ في بيت معدن العلم والفضل بلا منازع وكان له أخذ عن كثير من أهل العلم والحديث فمن أبرز شيوخه : والده الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب فهو شيخه الأول ومربيه الأول حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى عام 93هـ وكان عمره عند انتقال والده 14 سنة ثم تولى أمره من بعده أخوه الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين فكانت أكثر رواياته وعلمه وتربيته وتنشئته عنهما رضي الله عنهم أجمعين فهم معدن العلم والفهم والفقه والفضل ، كما أن له أخذ عن غيرهما من الفقهاء والمحدثين كابن أخيه الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر وعمته السيدة الشريفة العابدة العالمة فاطمة بنت الإمام الحسين بن علي وواصل بن عطاء وعروة بن الزبير .
تلامذته : -
لقد أخذ وروى عن الإمام زيد بن علي زين العابدين أكثر من عاصره من آل البيت النبوي حسنياً كان أم حسينياً لبراعته في كل العلوم وعلو سنده في الرواية فممن أخذ عنه من هؤلاء ابن أخيه الإمام جعفر الصادق في بعض الروايات الحديثية و عبد الله بن الحسن بن الحسن وابنه محمد النفس الزكية وابنه يحيى بن زيد وشعبة وابن أبي الزناد و أبي حنيفة النعمان ( صاحب المذهب ) والفضيل بن مرزوق وراوي مسنده أبو خالد الواسطي القرشي وسفيان الثوري وسليم بن كهيل وأبو قرة والحجاج بن دينار والأعمش فهؤلاء بعض من أخذ وتتلمذ عليه من أهل العلم والرواية .
مؤلفاته : -
تبرز مدى مكانة العالم وقوته من مصنفاته وما أخرجه وأثرى به الساحة العلمية والفكرية من معارف وعلوم فلهذا الإمام مؤلفات عدة تدور في مباحث شتى من العلوم والفنون كالحديث والفقه وعلم التوحيد والمناظرات ومن هذه المؤلفات :
1- المسند ويسمى بالمجموع الحديثي وهو من أعلى المسانيد سنداً إن لم يكن أعلاها مع كثرة مراسيله لأنه يروي عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو عن جده الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه .
2- المجموع الفقهي : وهو كتاب يذكر فيه آراءه الفقهية مدللاً عليها من الكتاب والسنة النبوية وقد حاز هذا المجموع نصيباً وافٍ من الشرح والتخريج والاختصار والعزو .
3- تفسير القرآن .
4- غريب معاني القرآن .
5- كتاب التوحيد .
6- كتاب الإيمان .
7- الاحتجاج في القلة والكثرة .
8- فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
9- الرسالة في إثبات الوصاية .
10- كتاب الصفوة .
11- تفسير سورة الفاتحة .
12- كتاب المناظرات .
13- المواعظ والحكم .
نهضته : -
لقد شاهد هذا الإمام منذ نعومة أظفاره ما حل بأهل بيته وأسرته من آلام ومتاعب واضطهاد من ملوك البيت الأموي وولاتهم ورأى معاناة أمة جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من هذه المفاسد فمن أهم الأسباب التي دعته للنهضة والثورة :
1- الفساد الذي كان يعيشه هشام بن عبد الملك خاصة ما ثبت عنه من استخفافه بحق سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشتمه لها وكان له نديم مجوسي يستهزئ بمقام الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعندما دخل عليه الإمام زيد قال له : كيف خلفت أخوك البقرة (يعني به الإمام محمد الباقر عليه السلام) فقال له : لقد أسماه جده صلى الله عليه وآله وسلم بالباقر وأنت تسميه البقرة فهذا من ضرب الاستهزاء بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
2- تفشي لعن وسب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتجاهر به من قبل الخطباء بعدما أنهاه الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله .
3- هدم بيت الإمام علي كرم الله وجهه بالكوفة وقد كان الإمام زيد يسكن به فهدم المنزل وهو يصلي بجامع الكوفة .
ويلخص ما وصلت إليه حالة المسلمين وآل البيت في تلك الحقبة في خطبته الطويلة التي تعد الخطاب الأول لنهضته في جامع الكوفة حيث قال فيها : ( ألستم تعلمون أنا وُلد نبيكم المظلومون المقهورون فلا سهم وفينا ولا تراث أعطينا , وما زالت بيوتنا تهدم , وحرمنا تهتك , وقاتلنا يُعرف , يولد مولودنا في الخوف , وينشأ ناشئنا بالقهر , ويموت ميتنا بالذل . ويحكم إن الله فرض عليكم جهاد أهل البغي والعدوان من أمتكم وفرض نصرة أوليائه الداعين إلى الله والداعين إلى كتابه " فلينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " إنا قوم غضبنا لله ربنا ونقمنا الجور المعمول به , ووضعنا من توارث الإمامة والخلافة ويحكم بالهوى ونقض العهد ، وصلى الصلاة لغير وقتها وأخذ الزكاة من غير وجهها ودفعها إلى غير أهلها ، ونسك المناسك بغير هديها وأزال الأفياء والأخماس والغنائم ومنعها الفقراء والمساكين وابن السبيل ، وعطل الحدود وحكم بالرشا والشفا عات وقرب الفاسقين ومثل بالصالحين واستعمل الخيانة وخون أهل الأمانة وسلط المجوس وخلد في المحابس وجلد المبين وأمر بالمنكر ونهى عن المعروف ... ) فبدأ الناس يتوافدون عليه حيث كاتبه من أهل خراسان قرابة المائة ألف نفس وبايعه أهل العراق ولكن والي العراق يوسف الثقفي منع أهل خراسان من الوصول لنصرة الإمام زيد بن علي زين العابدين وأما أهل العراق فكان موقفهم معه كموقفهم مع جده الحسين رضي الله عنه حتى قال الإمام زيد : ( يريد أهل الكوفة أن يجعلونها كربلائية ) فصمد معه منهم مائتين أو يزيدون قليلاً في مقابل جيوش الأمويين الضخمة فبرز الإمام زيد عليه السلام كالأسد الضاري مشابهاً لأجداده علي صلوات الله عليه والحسين بن علي عليه السلام فلم يستطع أحد أن يقتله بسيف وإنما قتل بجهد السهام فوقع شهيداً في غرة صفر عام 122هـ وله من العمر ثلاثة وأربعون سنة فسلام الله وصلواته وتحياته عليه .
دفنه وصلبه : -
بعد أن استشهد الإمام زيد بن علي زين العابدين دفنه أصحابه بالكناسة من جوار الكوفة وبعدما استتب الأمر لبني أمية نبشوا قبره واستخرجوا جثمانه الشريف وصلب على جذع نخلة يابسة واستمر مصلوباً أربعة سنوات وبعدها أمر الشقي الوليد بن يزيد بن عبد الملك لعنهم الله بإنزاله من الجذع وإحراق جثمانه الشريف وإذرار رماده الطاهر في نهر الفرات وحز رأسه عن جسده وتعليقها على قبر سيد البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
انتقال الرأس الشريف إلى مصر المحروسة : -
لقد عرف أهل مصر من قديم الزمن بحبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطيبين الطاهرين فقدموا إلى الحج فهال نفوسهم الأبية وقلوبهم المحبة لآل بيت نبيهم أن يروا مثل هذا المنظر المروع والذي يفتت قلب أي مؤمن وقد رفع رأس ابن من أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبر جده الأعظم صلى الله عليه وآله سلم فعزموا في ليلة ليلاء على أخذ الرأس الشريف من المدينة المنورة إلى مصر ودفن في هذه الروضة الشريفة المعروفة بمقام سيدي زين العابدين بالقاهرة المحروسة .
كراماته : -
لقد كان لهذا الإمام من الكرامات العديدة في حياته وبعد استشهاده ويكفي أن يكون من أهل الاستقامة فكما قال سادتنا العارفون : ( الاستقامة أعظم كرامة ) فمن كراماته الظاهرة أنه كان يقرأ أكثر من ختمة قرآن كاملة في اليوم والليلة الواحدة ، ومن كراماته أنه إذا جاع أحد تلامذته والتمس فيه الجوع أحضر له من الثمار ما يشتهي وكما يقول أبو قرة لقد خرج لي ثمرة كمثرا بحجم الكف وكان يقول لأبي قرة : ( يا أبا قرة من أطاع الله أطاعه ما خلق ) ، وقال محمد بن الفرات : رأيت زيد بن علي يوم السبخة وعلى رأسه سحابة صفراء تظلله من الشمس تدور معه حيثما دار ، وعندما أصابته السهام في القتال الذي استشهد فيه فاح منها رائحة المسك وعند صلبه عارياً نسجت العنكبوت على عورته الشريفة وحاول أحد الجند تمزيق نسج العنكبوت فشل لساعته ثم تدلى بطنه على عورته ، وعندما ذري رماده في الفرات شع نور من الفرات استمر يشع على الكوفة عدة أيام ، قال جرير بن حازم : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام وهو متساند إلى جذع زيد بن علي وهو مصلوب وهو يقول للناس : ( أهكذا تفعلون بولدي؟! ) .
ما ورد فيه من الروايات : -
ذكر الحافظ ابن سعد في طبقاته بسنده إلى جابر بن عبد الله عن أبي جعفر الباقر قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحسين : ( يخرج رجل من صلبك يقال له زيد يتخطى هو وأصحابه يوم القيامة رقاب الناس غراً محجلين يدخلون الجنة بغير حساب ) ، وعن أبي زيد العكلي بسنده مرسلاً ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( يقتل رجل من أهل بيتي فيصلب لا ترى الجنة عين رأت عورته ) ، وعن محمد بن الحنفية عندما نظر إلى زيد بن علي زين العابدين قال له : ( أعيذك يا ابن أخي أن تكون زيداً المصلوب بالعراق ، ولا ينظر أحد إلى عورته ولا ينظره إلا كان في أسفل درك من جهنم ) ، وعن علي بن مهدي بسنده إلى خالد مولى آل الزبير قال : كنا عند علي بن الحسين فدعا ابناً له يقال له زيد فكبا لوجهه وجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول : ( أعيذك بالله أن تكون زيداً المصاب بالكناسة ، من نظر إلى عورته متعمداً أصلى الله وجهه النار ) ، وعن أبي الفرج الأصفهاني بسنده إلى يونس بن جناب قال : جئت مع أبي جعفر محمد بن علي (الباقر) إلى الكتاب فدعا زيداً فاعتنقه ، وألصق بطنه ببطنه وقال : ( أعيذك بالله أن تكون صليب الكناسة ) .
زوجاته وأولاده : -
لم يعرف زوجة للإمام زيد إلا واحدة وهي السيدة ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية بن الإمام علي بن أبي طالب وهي أم ابنه يحيى ( صاحب الجوزجان ) وأما سائر أبنائه فمن أمهات أولاد ولم يعقب أنثى قط وإنما أولاده كلهم ذكور وهم الحسين( ذي الدمعة أو ذي العبرة ) وعيسى ( مؤتم الأشبال ) ومحمد وذريته من أبنائه سوى يحيى فليس له عقب .
ولقد رثاه الفضل بن العباس بن عبد الرحمن بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب في قصيدة شهيرة منها : -
ألا يا عين لا ترقي وجودي بدمعك ليس ذا حين الجمود
غداة ابن النبي أبو حسين صليب بالكناسة فوق عود
يظل على عمودهم ويمسي بنفسي أعظم فوق العمود
تعدى الكافر الجبار فيه فأخرجه من القبر اللحيد
فظلوا ينبشون أبا حسين خضيباً بينهم بدمٍ جسيد
فطال به تلعبهم عتواً وما قدروا على الروح الصعيد
وجاور في الجنان بني أبيه وأجداداً هم خير الجدود
وهي قصيدة طويلة في رثائه رضي الله عنه وأرضاه
الباب الحجري الذي به أثار يد وأصابع سيدنا على زين العابدين بن سيدنا الحسين رضي الله تعالى عنهما : -
وقصة أثار اليد والأصابع الشريفة لسيدنا على زين العابدين رضي الله عنه ، هو أن سيدنا على كان نحيل الجسد أشقر الشعر الشريف شديد الانكسار في هيئته من شدة تذلله لله تعالى ، فظن بعض الجهال أن نحول جسده الشريف من التعبد والزهد هو ضعف بدني ، ولم يعلم هؤلاء أن أجساد الصالحين والأولياء والأنبياء تختلف عن أجساد البشر في الوظائف فهم أقوى خلق الله تعالى في طفولتهم وصباهم وشيخوختهم ، فمد يده الشريفة اليمنى سيدنا على زين العابدين وفتح أصابعه وغرسها في هذا الباب الحجري ورفعه بيده الشريفة أمام الملاْ في مكة المكرمة ، ثم أصطحب أهل مصر هذا الباب الحجري من مكة المكرمة معهم بعد أن جاء الرأس الشريف لسيدنا الإمام زيد بن سيدنا على زين العابدين إلى مصر ، وكان هذا الباب موجوداً في مكة المكرمة فأبى أهل مصر إلا العودة به من حبهم في أهل البيت ..
ومن العجيب جدا في هذا الحجر المبارك أنك إذا أدخلت يدك في الفتحة الأوسع ستجد أثار أصابع سيدنا على واضحة جدا وستجد أن ملمس كل فتحة من الفتحات الثلاثة مختلفا عن الأخر غير باقي الباب الحجري في الملمس ، هذا الأثر الشريف المعجز موجود بجوار باب المقام الرئيسي بمسجده في مصر القاهرة ، والباب هذا على يسار الداخل لمقام على زين العابدين ، ومكتوب على باب مقام سيدنا على زين العابدين وهو من أقدم الآثار الكتابية في مصر الإسلامية ، حيث مكتوب : " بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا مشهد الإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام على بن أبى طالب بن عبد المطلب ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، 549 هجريا " .
ساقي الشربات عند مسجد ومقام سيدنا على زين العابدين ، وسبب اختراع المصريين لشربات الورد : -
أهل مصر أول من عملوا الشربات من الورد وسبب ذلك هو شدة محبتهم وترحابهم لسادتنا أهل البيت الكرام ، وذلك انطلاقا من قصيدة خطر الحبيب دهشت من لفتاته التي فيها :
قسماً بنور المصطفى وجماله .. لم يخلق الرحمن مثل صفاته
المسك والكافور من عرق النبي .. والورد والياسمين من وجناته
لذلك تجد المصريين يستقبلون محبون أهل البيت بشربات الورد ، يسقيك وهو يبتسم من مسرات الحب التي غمرت قلب الساقي في حب حضرة النبي وآل بيته ، معاني لا يمكن أن تحكم عليها بمجرد النظر أو المطالعة إنما تلمسها حينما تلمسك .
مدخل روضة مقام سيدنا على زين العابدين وابنه الإمام زيد رضي الله عنهما - بمصر القاهرة
خوف سيدنا على زين العابدين والد الإمام زيد من الله : -
عندما تدخل البقيع على يمينك وأنت مستقبل البقيع في أوله ستلاقي سيدنا الحسن وسيدنا على زين العابدين وسيدنا جعفر الصادق وسيدنا محمد الباقر في روضة واحدة ، وفى الأمام منفرداً سيدنا العباس عم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول له أنت أبو الخلفاء وهذا من معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بالغيب فكان هو جد الخلفاء العباسين ، وكان يقول صلى الله عليه وسلم الشرف لي ولعمى العباس .
والخوف يكون على قدر المعرفة ، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أعرفكم بالله وأخوفكم منه ..
يروى أن الأصمعي رضي الله عنه كان يسير ذات يوم في طرقات المدينة فوجد غلام يبكي فظنه
من أيتام المدينة ، فأراد أن يدخل السرور عليه ، ويعطيه بعض النقود ..
فقال له : لماذا لا تلعب يا بني مع الأطفال ؟ ..
فسكت الغلام فكرر الأصمعي السؤال عليه مرة أخرى ..
قال : يا عماه ما خلقنا لنلعب ..
فانحدرت الدموع من عين الأصمعي ، وقال له :
يا بني أنت صغير ولا يحاسبك الله ..
قال الغلام له : لقد رأيت أمي توقد الحطب الكبير بالحطب الصغير فتذكرت يوم القيامة ، وعلمت أن الساعة التي تمر من عمري أغلى من الدنيا وما فيها ، ولذلك أليت على نفسي ألا أضيع دقيقة إلا في ذكر الله وابتغاء رضاه ..
فازداد بكاء الأصمعي فقال له ..
من أنت أيها الغلام ؟
قال : أنا علي ابن الحسين بن علي أبي طالب ..
فقال الأصمعي : حقاً الله يعلم حيث يجعل رسالته ..
بعضاً من سيرة سيدنا على زين العابدين بن سيدنا الحسين رضي الله عنهما : -
1 - سيدنا على زين العابدين والساجدين كان أجمل وأندى الناس صوتا في تلاوة كتاب الله تعالى حتى أن السقاءون وعامة الناس كانوا يجتمعون على باب داره في مدينة جده صلى الله عليه وسلم ليسمعوا صوته الشريف .
2 - تواضع سيدنا على زين العباد الشديد مع الخلق ، حيث كان لا يسافر إلا برفقة قوم أغراب ويشترط عليهم أن يكون هو خادمهم طيلة السفر ، فسافر ذات مرة مع رفقة غرباء فعرفه منهم رجل ، فقال لهم وهو مندهشاً أتدرون من هذا ؟ ، هذا بن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا سيدي على بن سيدنا الحسين ، فوثب الناس إليه وقبلوا يده ورجله الشريفة ، وقالوا : يا ابن رسول الله أردت أن تصلينا نار جهنّم لو بدرت منا إليك يد أو لسان أما كنّا قد هلكنا إلى آخر الدَّهر؟ فما الّذي يحملك على هذا ؟ ، فقال سيدنا على زين العابدين : إني كنت سافرت مرة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول الله ما لا أستحق ، فانّي أخاف أن تعطوني مثل ذلك فصار كتمان أمري أحب إلى .
3 - أدب سيدنا على زين العباد مع الحيوانات والدواب ، حيث انه لم يضرب دابته طيلة عمره ولا حتى سوط واحد ؟ ، وكان لسيدنا على زين العابدين ناقة حج عليها عشرون حجة فلما ماتت هذه الناقة المباركة أمر سيدنا على ابنه سيدنا محمد الباقر بإكرامها ونهى مواليه عن تقديمها للسباع والهوام ودفنها وقال إن رسول الله قال : ( ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلا جعله الله من نعم الجنة وبارك في نسله ) وكان الذي دفنها هو ابنه سيدنا محمد الباقر .
4 - أدب سيدنا على بن سيدنا الحسين مع المتسولين والشحاذين ، حيث انه كان إذا ناول احد السائلين صدقة قبله وحنا عليه قبل أن يعطيه صدقته .
5 - أدبه مع خدمه ومواليه ، حيث كان يجمع خدمه ومواليه كل شهر مرة ويسألهم من يريد منكم العتق أعتقته لله ، ومن يريد منكم الزواج زوجته ، ومن يريد منكم العتق والمال أعطيته ، فيأبون جميعاً إلا خدمته رضي الله عنه .
6 - خوفه الشديد من الله وعدله العظيم ، حيث بعث سيدنا على مولى له في قضاء حاجة من حاجاته فأبطأ المولى وتأخر عليه ، فلما كلمه سيدنا على في تأخره عليه غمزه سيدنا على بسوط كان في يده غمزه ولم يضربه فما كان من سيدنا على سوى أن دخل غرفته وخلع ثوبه وكشف عن ظهره الشريف وقال لخادمه اضربني خمسون سوطا فأبى الخادم وبكى لأدب سيدنا على فقال له سيدنا على يا ولدى اذهب إلى مقام جدي المصطفى وصلي عنده ركعتان ثم قل : ( اللهم أغفر لعلي بن الحسين ) ، ثم أذهب فأنت حر لوجه الله تعالى ورسوله وأعطاه خمسون ديناراً .