بريطانيا تشهد اليوم زفافًا ملكيًا يجمع الأمير هارى والممثلة ميجان ماركل

ساعات قليلة ويجيب مشهد حفل زفاف الأمير هاري والممثلة الأمريكية ميجان ماركل على كافة التساؤلات التي شغلت البريطانيين الشغوفين والمحبين للعائلة الملكية على مدى حوالى شهرين بشأن هذا الزواج الملكي، ووسط انبهار الملايين حول العالم بقصة الحب الخيالية التي جمعت بين أمير بريطاني وعروس من هوليود، سيتابع العالم بفضول كبير مراسم حفل هذا الزفاف، وستكون المقارنة حاضرة بين الأمير هاري عريس اليوم، الآبن الأصغر لأميرة القلوب الراحلة الأميرة ديانا، الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين عموم الشعب البريطاني ، وصورته وهو لم يتعد الثانية عشرة مترجلا بوجوم خلف نعش والدته بعد مصرعها في عام ١٩٩٧ ٠

ليس من عادة العائلة الملكية البريطانية أن توافق على زواج أحد أفرادها من عامة الشعب، لكن تلك القيود أصبحت أكثر ليونة بالنسبة للأمير هاري الذي ورث عن والدته نزعة تمرد على المتعارف عليه، خاصة وأنه من غير المتوقع أن يعتلي العرش البريطاني، مما منحة حرية أكبر في اختيار شريكة حياته، و رغم تساهل البروتوكول الملكي، كان هاري يتوقع مدى الضغط الذي ستتعرض له شريكة حياته من وسائل الإعلام، الذي كره التعامل معها بعدما عايش تأثيرها على والدته الأميرة الراحلة ديانا، واكتوى هو شخصيا بها مرات عدة.

وفى ملمح عكس بوضوح الفرق بين الملكية الحديثة والملكية التقليدية، سهلت الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانية الأمر على حفيدها ، بإعلانها قبول الزواج، رغم أن عروسه ليست مطلقة فحسب، بل هى أيضا ابنة أب أبيض وأم سوداء، وهو ما عرضها للكثير من التجريح الذي دفع بمكتب الأمير هاري إلى إصدار بيان انتقد فيه الإعلام مستنكرا العنصرية ضدها ٠

وعندما تتزوج الممثلة ميجان ماركل الأمير هاري اليوم، فإن هذا سيكون أمرا مهما للغاية للعائلة الملكية حيث سينقل الطرفين لمرحلة جديدة ، فمن جانبها ستضفى ميجان بعدا جديدا على العائلة التي تعد اقدم عائلة ملكية في العالم ، لأنها تأتي من خلفية مختلفة تماما ، فيما سيكون الأمر على نفس القدر من الأهمية بالنسبة للعروس التي سيضاف اسمها أعتبارا من اليوم السبت إلى قائمة من الأمريكيات اللاتي أصبحن على مدار السنين جزءا من عائلات ملكية ٠

علاقة الحب وقصة الغرام التي جمعت ميجان والأمير هاري كانت مفاجئة وعارمة ، وتبدو من بعيد كما في قصص الخيال التي تحكى للأطفال وتمنحهم الأمل بمستقبل سعيد، فالأمريكيين يحبون العائلة الملكية البريطانية وعندما تتزوج ممثلة أمريكية من أمير بريطاني فهذا هو ما تكون عليه القصص الخيالية ، فتلك الفتاة التي تنتمي إلى أسرة بسيطة ومفككة باتت على بعد ساعات قليلة أن تصبح أميرة في القصر الملكي بعد انتهاء مراسم زواجها التي ستشهدها قلعة وندسور " مقر العائلة الملكية البريطانية " ، والتي تستقبل في وقت لاحق اليوم منذ نحو ألف عام كبار الشخصيات والمشاهير، حيث بدأت علاقة الحب التي ربطت بين الأمير هاري 33 عاما والممثلة الأمريكية ميجان ماركل 36 عاما بموعد رتبته صديقة مشتركة لهما في شهر يوليو الماضي، وبسرعة مدهشة تدخل القدر واستحوذت ميجان على الأمير هاري فكان حبا من النظرة الأولى ، وبعد موعدين فقط دعاها لصحبته إلى بوتسوانا لقضاء عطلة، لا سيما أنه كانت تجمعهما قواسم مشتركة، على رأسها اهتمامهما بالأعمال الخيرية والقضايا الإنسانية ، بالمنبوذين ودعمهما للجمعيات الخيرية ومشاركتهما فيها بشكل فعلي . 

ميجان ماركل فتاة شعبية بسيطة ، محملة بتاريخ من الإخفاقات العاطفية وبعائلة لا تتحرج من استغلال الوضع بشكل فاضح، ولدت في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية وظهرت على شاشة التليفزيون للمرة الأولى في حلقة من المسلسل الطبي «جنرال هوسبيتال» في عام 2002 ، ثم شاركت في مسلسلات تليفزيونية أخرى وأفلام بعد أن مهد لها والدها الطريق بحكم عمله مديرا للإضاءة في عدد من البرامج التلفزيونية الناجحة في الثمانينات من القرن الماضي ، وفي عام 2011 تزوجت من المنتج السينمائي تريفور إنجلسون لكنهما انفصلا بعد عامين فقط ، واكتسبت شهرتها كممثلة بعد مشاركتها في المسلسل التليفزيوني " سوتس " الذي لعبت فيه دور ريتشل زين.

الزواج من أحد أفراد العائلة المالكة البريطانية ليس كأي زواج آخر ، إذ أن العلاقات والتعامل داخل العائلة الملكية تحكمها عادات وتقاليد وبرتوكولات وقيود ، إلا أن ما يتوفر في ميجان ماركل من سمات شخصية إلى جانب حبها للأمير هاري، يرفع نسبة التوقعات بأنها تكون أميرة ناجحة، لكن عليها اجتياز الكثير من التحديات الخارجية والتكيف مع بيئتها الجديدة.

قيود سياسية ومهام إنسانية احترمتها ميجان وانصاعت إليها ، فمع دخولها الأسرة الملكية ستصبح وظيفتها أداء مهام خيرية ، التي تتمتع بخبرة كبيرة فيها بصفتها ناشطة اجتماعية بمنظمة "ومن أند وورلد فيجن" التابعة للأمم المتحدة، وهو ما ستتخلى عنه كي تقوم بواجباتها الرسمية ، وستتولى رعاية منظمة «رويال فاونديشن» الخيرية التي يديرها الأمير هاري مع شقيقه الأمير ويليام وزوجته كيت ، بيد أن البروتوكول الملكي سيفرض عليها أيضا أن تكون حريصة بعد زواجها في طريقة استعمال صوتها ، وعدم الإدلاء بآرائها في أغلب الأحيان ، ومن هذا المنطلق ستخضع حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي لبعض القيود ، حيث لا يملك أعضاء الأسرة الملكية البارزون حسابات فردية على مواقع التواصل الاجتماعي، بل إن المقر الملكي "كلارنس هاوس " يتولى أمر حساباتهم على وسائل التواصل، فهي لم تعتزل التمثيل فحسب بل اعتزلت أيضا شبكات التواصل الاجتماعي بعد فترة قصيرة من خطوبتها، وتم محو حساباتها على موقعي تويتر وانستجرام، و أغلقت مدونة كانت تعرض فيها حياتها الفنية وحوارات مع مشاهير ونصائح تتعلق بالموضة والجمال وأهم المطاعم.

وتمتد تلك القيود إلى فستان العروس، فمن المعروف أن أي شخص يتزوج فردا من العائلة الملكية البريطانية، عليه أن يحافظ على تقاليد العائلة، وبالتالي فإن العروس ماركل يجب عليها ارتداء فستان مطرز تقليديا في الكنيسة يغطى ذراعيها وكتفيها ، و تاجا ماسيا من مجموعة المجوهرات الملكية، وفى المساء وخلال حفل الاستقبال ترتدى فستانا آخر للمساء لحفل الاستقبال الذي يقيمه الأمير تشارلز والد العريس في فرو جمور هاوس ، ويمتد التقليد الملكي إلى لون طلاء الأظافر، حيث لا يسمح في المناسبات الملكية بوضع طلاء ملون ويكتفى بالألوان الفاتحة القريبة من لون البشرة ، أما باقة الزهور التي ستحملها ماركل فتخضع للتقليد الملكي أيضا حيث يتحتم أن تضم زهور الميرتل (زهور الآس) التي ترمز للحب ٠

مراسم الزفاف الملكي التي ستجرى في غياب والد العروس ستبدأ في الساعة 9 صباحا بتوقيت جرينتش ، حيث سيبدأ الجمهور الذين تمت دعوتهم لحفل الزفاف في التوفد على كنيسة سانت جورج حتى الساعة ١١ قبل الظهر ، وبعد وصول الجمهور سيصل أفراد العائلة الملكية للكنيسة ، في الوقت الذي ستغادر فيه العروس فندق كليفدين هاوس مع والدتها، وسيبدآن في رحلة بالعربة إلى قلعة وندسور ، وعند الوصول إليها، ستخرج والدة ميجان من العربة للذهاب إلى الكنيسة، ويحل مكانها وصيفات العروس، وبعد ذلك ستستمر رحلة ميجان إلى الكنيسة.

ومن المقرر أن يبدأ الاحتفال في تمام الساعة 12 ظهرا، حيث سيقوم رئيس أساقفة كانتربري جوستين بالصلاة من أجل الزوجين وإعلان زواجهما ، وبعد أن يتبادل هاري و ميجان عهود الزواج ، يستقل العروسان عربة بأربع عجلات، تجرها خيول وندسور الرمادية يحيطها أفراد من فرقة الخيالة الملكي ، وسيأخذ الموكب العروسين من القلعة في جولة عبر وندسور قبل أن يعيدهما إلى لونج واك، وهو طريق شهير محاط بالأشجار يقود إلى بوابات القلعة ، حيث يتم استقبالهما في قاعة سانت جورج وهي غرفة طولها 180 قدم، وتضم مآدب كبيرة، تقديم فيها المقبلات للضيوف خلال هذا الحفل الذي سيستمر لمدة ساعتين ونصف ، وفى الرابعة عصرا ، سيستضيف الأمير تشارلز والد العريس 200 شخص فقط من المقربين للعروسين والعائلة المالكة في حفل استقبال أكثر خصوصية ٠

بطاقة الدعوة الرسمية التي صدرت لضيوف الحفل منذ أسابيع قليلة تضمنت تعليمات محددة بشأن ملابس المدعويين، وهى بالنسبة للنساء فساتين محتشمة وقبعات وأحذية مقفولة من الأمام ، ويمكن للضيفات اختيار أي ألوان يرغبنها باستثناء الأسود لأنه لون الحزن ، والأبيض حتى لا تحدث مقارنات مع فستان العروس، بالنسبة للحفل المسائي فترتدي النساء الفساتين الطويلة الفخمة وتحل التيجان والأطواق الماسية لزينة الشعر محل القبعات ، بالنسبة للرجال فإن الأولوية تكون للملابس الرسمية، وتسمح شروط الدعوة للرجال بارتداء أزياء رسمية وحلل أو معاطف الصباح ، وقميص بياقة مرتفعة مع ربطة عنق وللتزيين يمكن إضافة منديل مربع للجيب وقفازات وقبعة عالية .