طباعة
sada-elarab.com/95214
كل عيد عمال وأبناء البحرين العاملون في جميع القطاعات بخير وأمن وأمان، ففي هذه الأيام يحتفل العالم أجمع بمناسبة يوم العمال العالمي الذي يوافق الأول من مايو، وهي مناسبة مفرحة لكنها تفتح الباب أمام تأملات للوضع العمالي في البحرين والمنطقة والعالم، وسأتطرق بشكل موجز لكل منها.
فعلى الصعيد المحلي يواجه العديد من العاملين في القطاعات التجارية والصناعية والمشروعات المتوسطة والصغيرة شبح التعطل كل يوم، فما أن يستيقظ كل عامل في مؤسسة خاصة، حتى تهاجمه الهواجس بشأن مستقبله المهني.. هل ستصمد المؤسسة أمام عاصفة الرسوم وتسونامي الضرائب، والضربات المتلاحقة على جميع الجبهات؟. ولا أعتقد أن عيد العمال هذا العام سيحمل الفرح لهؤلاء الذين لا يشعرون باستقرار وظيفي يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار المجتمعي.
وعلى الصعيد الإقليمي، فالمنطقة تعيش وسط لهيب الاضطرابات السياسية والأمنية والتهديدات التي تأتي من الجهات الأربع فإيران شرقا والأوضاع في سوريا والعراق شمالا والحوثيون جنوبا وأمريكا والغرب كافة غربا، ولا يمكن لوضع مثل هذا أن يؤسس لمجتمعات آمنة تستقطب استثمارات وتتيح فرص عمل للشباب القادم من مقاعد الدراسة، ولا كذلك للعاملين في مؤسسات مستقرة، باتت تتخوف أيضا من المستقبل وترى فيه مؤشرات محبطة، لا تساعد على التفاؤل والتطلع للتوسع في مقابل الانكماش الذي يسود الجو العام.
وليس الحال الدولي أفضل منا سواء في البحرين أو المنطقة العربية البائسة، فأوروبا تعاني من الهجرة غير الشرعية وزيادة الضغط على فرص العمل لمواطنيها مقابل المهاجرين، وفي أقصى الشرق تتصاعد الحرب الاقتصادية بين الصين وأمريكا ، ولهذا عظيم الأثر على منطقتنا بالكامل، والبحرين بالتبعية، ولو قلنا أن أمريكا هي أكثر دول العالم استقرارا فنحن نكذب على أنفسنا، وأهل واشنطن أدرى بشعابها، وتردنا الكثير من الأخبار عن أوضاعهم الاقتصادية.
لم أكن أتمنى أن أذكر عمالنا الكرام بأوجاعهم النائمة تحت رماد بركان عدم الاستقرار، ولكنها الحقيقة التي يجب مواجهتها والبحث عن سبل بديلة فعالة ومبنية على أسس علمية ودراسات رصينة لأوضاع سوق العمل خلال العشرين سنة القادمة، والتي تؤكد المؤشرات أن البطالة سترتفع ربما بنسب تجاوز نسب العمالة الحالية، حيث تتراوح نسب البطالة في الدول المتقدمة ما بين 4 إلى 12 في المائة، لكن هذه النسبة ستكون معكوسة في المستقبل، بسبب التطور التكنولوجي المتسارع الذي يزيح الإنسان ويدخل الآلة والربوت بدلا منه في مواقع عمل لا تحصى.
ما الحل إذن؟.. هل سنبكي على اللبن المسكوب، أم نفكر باتخاذ خطوات للأمام، وما الواجب على الدولة والمجتمع للتصدي لهذه الإشكالية التي باتت في حكم الأمر المؤكد.
علينا أن نبدأ العمل وبالتعاون مع الدول الأخرى في وضع رؤية حقيقية بعيدة عن «التفاؤل الكاذب» الذي يروج له بعض المسؤولين ليل نهار، وقراءة حقيقية لواقع البحرين كدولة صغيرة تريد أن تجد لها موطئ قدم في عالم متلاطم المصالح، ومتصادم لدرجة الاقتتال على المكاسب المادية.
ولسنا دولة عداء مع أحد، ولكن نستطيع بالقوة الناعمة أن نفرض أنفسنا على العالم، وأعني بالقوة الناعمة قوة العقول وقدرة الشباب على فرض أنفسهم بعقولهم في المجتمع الدولي والمنطقة، ولذلك سيظل الهاجس الأول في يوم العمال هو بناء العقول لكي تصبح القوة العاملة المسيطرة، فكم من عقول استطاعت أن تصنع منتجات مبتكرة وبات يمتلك أموالا أضعاف موازنات دول.. وأخيرا وليس آخرا أتمنى للعمال عيدا سعيدا ومستقبلا واعدا بإذن الله تعالى.