منوعات
دراسة تبرز ذوق المرأة المصرية فى اختيار ملابسها زهاء خلال 4 قرون
الإثنين 02/أبريل/2018 - 06:12 م
طباعة
sada-elarab.com/90444
قال الدكتور عبد الرحيم ريحان الخبير الأثري وعضو لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة أن دراسة جديدة تبرز ذوق المرأة المصرية فى اختيار ملابسها خلال 400 عام من القرن السادس عشر حتى القرن التاسع عشر الميلادى ألقاها الدكتور على أحمد إبراهيم أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة تحت عنوان "ملابس المرأة المصرية فى العصر العثمانى" ضمن ندوة لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة ومقررتها الدكتورة علا العجيزى خلال شهر مارس المنقضي.
وأوضح الدكتور ريحان أن الدكتور على أحمد قدم نماذج من ملابس المرأة فى الحرملك وهو المكان الخاص بالسيدات وهو القميص واليلك وهو قميص نسائى يلبس على الصدر والعنترى رداء قصير يصل إلى ما تحت الخصر ويرتدينه سيدات الطبقة العليا والحزام والجبة وغطاء الرأس وكانت قمصان سيدات الطبقة العليا والمتوسطة من الكتان والحرير والألوان المحببة هى الوردى والبنفسجى والأصفر والأزرق السماوى وكانت مزركشة الحواف ومطرزة بالحرير يدويًا بالإبرة.
وأضاف عضو لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة أن الدكتور على أحمد إبراهيم يؤكد أن ملابس المرأة المملوكية استمرت مدة طويلة بين التغيير الطفيف أو الكثير تبعًا لأذواق النساء وتبعًا للحالة الاقتصادية للبلاد، وتبعًا كذلك لما يجلب منها إلى مصر من خارج القطر حتى جاء الفتح العثماني لمصر سنة 923هـ/1517م ومعه أنماطًا جديدة أخذت منها المرأة المصرية بعضها، وأضافتها إلى ما اعتادت عليه ، فبدأت ملامح جديدة للملابس المصرية في العصر العثماني امتدت لنهاية القرن 12هـ/18م بل وبداية القرن 13هـ /19م.
وقد جاءت هذه الأنماط الجديدة نتيجة لمجيء بعض العثمانيين الذين كلفوا بالعمل في مصر بدلاً من الذين أخذهم السلطان العثماني سليم إلى استانبول من أرباب الصناعات والحرف والفنون الذين أقاموا بمصر عوضًا عن الذين خرجوا منها، أو حضروا للإقامة بعض الوقت وغالبًا ما كانوا يصطحبون زوجاتهم وعائلاتهم، ولكنهم مع مرور الوقت اندمج العثمانيون مع المصريين وتزوجوا من الأسر المصرية عاشوا معهم في القرى والمدن والحقوا أبنائهم بنقابات الحرف ليتعلموا أسرار المهن المختلفة.
ولا شك أن هذا كان له تأثير ولو بصورة محدودة في الملابس وذلك من باب تقليد المغلوب للغالب كما أن الخياطين من اليونان والأرمن المقيمين في مصر كانوا يهتمون بخياطة ملابس أفراد الطبقة العليا ولا سيما العثمانيين مما أدي إلى نوع من التشابه بين ملابس المصريين الذين كانوا يتعاملون مع هؤلاء الخياطين وبين ملابس العثمانيين.
ونتج عن ذلك تطوير بسيط في الملابس المصرية التي كانت موجودة فعلاً وبدأت تأخذ شكل الملابس التركية، كما أن بعض ملابس الأتراك ومنسوجاتهم بدأت تنتقل لتستعمل في مصر إذ كانت استانبول تبعث بالمستحدثات إلى القاهرة فكان الباعة يعرضون أمامهم منسوجات شفافة مطبوعة وهم يصيحون "استنبولدان" أي وارد استانبول.
وتابع الخبير الأثري الدكتور ريحان ان الدكتور على أحمد إبراهيم أشار إلى أن علماء الحملة الفرنسية تحدثواعن ملابس المرأة في أيامهم أي أواخر القرن 12هـ/18م وكان هناك تشابهًا كبيرًا بين ما ذكره المؤرخين عن ملابس تلك الفترة وما سبقها وما بعدها بقليل مما يدل على أن ملابس النساء بقيت ثابتة كما هي وذلك لأن المدة التي قضتها الحملة الفرنسية في مصر لم تتعد الأعوام الثلاثة (1213هـ/ 1216هـ/ 1798-1801م) .
هذا بالإضافة إلى ما أحاط بها من ظروف عسكرية وثورات شعبية لم يمكن يتوقع منها أن تحدث في المجتمع المصري ما يحول من اتجاهاته أو يغير في تقاليده وخصوصًا في ملابس النساء سوي قلة من النسوة غير الملتزمات بتقاليد المجتمع تبرجن وخرجن عن الحشمة والحياء وكشفن عن وجوهن ولبسن ملابس النساء الفرنسيات وسلك سلوكهن، أيضًا النساء والبنات اللاتي عملن في بيوت الفرنسيين بالإضافة إلى زواج كثير من الفرنسيين من بنات الأعيان وكانوا يظهرون إسلامهم عند العقد ثم لبسن زوجاتهم المصريات ملابس الفرنسيات وسلكن سلوكهن ونهجن نهجهن.
وقد تنوعت ملابس المرأة المصرية في العصر العثماني من حيث الأغراض المستخدمة فيها فمن ملابس خاصة بالمنزل أثناء النهار، وأخرى للنوم، إلى ملابس خاصة للحمام، وأخرى للخروج وغيرها.
ملابس المرأة داخل المنزل (الحرملك)
يشير الدكتور على أحمد إبراهيم إلى ملابس المرأة داخل المنزل التى تتكون من القميص، اللباس (الشنتيان)، واليلك، العنتري، الحزام، الجبة وغطاء الرأس.
ويوضح أن المصريات والشرقيات يرتدين القميص تحت اليلك وفوق اللباس (الشنتيان) وليس تحت اللباس كما هو عادة الأوروبيين وهو كقميص الرجال يتسم بالاتساع ولكنه قصره فلا يكاد يصل إلى الركبتين فيغطي الجزء الأعلى من اللباس، ويكون في العادة له أكمام واسعة ويفتح عند الصدر، وهو بذلك يخالف ما كان متبعًا في عصر المماليك إذ كان القميص يصل إلى مستوي الركبتين ويعتبر في هذه الحالة قصيرًا ومخالفًا للأحكام الدينية لأن قميص المرأة التي اعتادت أن ترتديه في ذلك الوقت كان واسعًا وطويلاً تصل أطرافه إلى الأرض وله أكمام طويلة وواسعة.
وتتخذ قمصان الطبقة العليا والمتوسطة من الكتان الرقيق أو من الحرير أي من المنسوجات الفاخرة، أما ألوان القمصان المحببة لديهم فهي الوردي والبنفسجي والأصفر الأزرق السماوي أو الأسود أحيانًا أي أن معظمها من الألوان الزاهية التي كانت محببة لديهم كما كانت هذه القمصان مزركشة الحواف والفتحات ومطرزة بالخيوط الحريرية تطريزًا يدويًا بالإبرة.
أما قمصان نساء الطبقة العامة والفلاحات فهي زرقاء مصنوعة من الكتان أو من الصوف أو من القطن والحرير وقد يكون قميص من القطن (البفت) مصبوغ الأسود ويصل إلى القدمين ويكون أقل اتساعًا من قميص الرجال، وغالبًا من كانت هذه القمصان مزخرفة الحواف والفتحات بزخارف مرسومة باليد أو مطبوعة عن طريق قوالب خشبية أو بطريقة الباتيك وهو تقليد للزخارف المطرزة وأسعارها غير مرتفعة وتتناسب مع مستواهن الاجتماعي، ويسمى القميص الأزرق، ويرتدينه في الصيف، أما في الشتاء فقليل من النساء يلبسن فوق القميص رداءً يسمى (التوب) وهو خاص بالسيدات الراقيات من الطبقة العامة.
وبعضهن يرتدين قميصًا قصيرًا تحت القميص الطويل، وتشمر أكمام (التوب) فوق الرأس حتى لا تضايق السيدة أو لتحل محل الطرحة البلدي وهي خاصة بسيدات الطبقة العامة، وهكذا يتضح لنا أن نوع الملبس ومادته الخام ولونه بل وطريقة صنعة وزخرفته يختلف تبعاً للحالة الاقتصادية والاجتماعية للأسرة نفسها.
الشنتيان.
ينوه الدكتور على أحمد إبراهيم إلى كلمة "لباس" لدي أعراب كافة الأقطار بمعنى ملابس أو ملبوس ، ولكن في مصر لهذه الكلمة معنى لا يوجد في الأقطار الأخرى فهو يشر إلى سروال ويفسر (الكونت دي شابرول) في كتاب وصف مصر كلمة "لباس" بأنه هو "الكالسون" أو "تبان الصيف"، ويمتاز لباس السيدات المصريات بالسعة حتى يخيل لرائيه أن جبة خُيط الجزء الأسفل منها بحيث تترك فتحتان لخروج القدمين وهو إما سابل إلى القدمين أو تشد أطرافه السفلى إلى أعلى وتربط تحت الركبتين تمامًا ويثبت حول الجسم بتكة (دكة باللهجة المصرية) تمر في باكية بأعلاه.
وتتخذ ألبسة السيدات من الطبقة العليا والمتوسطة أما من الحرير أو الكتان الرقيق أو القطن وغالبًا ما يكون مطرزًا أو مطبوعًا، وقد غالب بعض السيدات المصريات من الطبقة العليا في اتخاذ ألبسهن (لباسهن) من أفخم أنواع الأقمشة كالحرير وتطرز بسلوك أو خيوط معدنية من الذهب والفضة والأحجار الكريمة.
ويحتفظ متحف الفن الإسلامي بالقاهرة بسروال من الحرير الأزرق به زخارف بالخيوط الفضية عبارة عن أشكال السحب الصينية المحورة وأشكال زهور وشكل هلال وبداخلة نجمة وهذه الزخارف منشورة في عرض اللباس. وينتهي اللباس من أسفل بقطعة من نسيج القطن وذلك ليسهل مرور تكة من خلالها حتى يكسب الساق شيئًا من الانتفاخ كما يتطلب لباس النساء في العصر العثماني، والأسلوب الزخرفي لهذا السروال يرجع إلى أوائل القرن 13هـ/19م حيث زخرفة الهلال وبداخلها النجمة انتشرت في هذا القرن.
واستمرت كلمة "لباس" تطلق على السروال الصيفي للنساء طوال العصر العثماني مثل العصر السابق له وهو المملوكي، بينما أطلق على السروال الشتائي إسم "شنتيان”، وهذه الكلمة لم ترد في العصر المملوكي، ولكن ورد ذكر "شنتيان" عندما وصف ملابس النساء في وصف مصر في القرن 12هـ/18م والشنتيان كلمة تركية تعني سروال وتبان.
ومن الواضح أن هذه الكلمة (شنتيان) انتقلت إلى مصر بعد الفتح العثماني لها واستمرت حتى نهاية العصر العثماني ، ويتميز أيضاً الشنتيان بالاتساع ويتخذ من القماش الملون والمخطط أحيانًا من الحرير أو من القطن أو الكتان وهو مطرز وهو واليلك من نوع واحد من القماش، ويشد حول الخصر تحت القوهكذا يتضح من الاختلاف بين اللباس والشنتيان أن النوعين كانا من القطع الهامة في ملابس المرأة ومن المرجح أن النساء من الطبقة العليا والمتوسطة استخدمت النوعين معاً فلبست السروال الداخلي من القطن أو الكتان وفوقه الشنتيان الواسع الطويل من الحرير في الصيف أو من الجوخ أو من الصوف وذلك في الشتاء.أما نساء الطبقة العامة فقد استخدمت اللباس فقط أو الشنتيان فوقه وقد اتخذا من الأقمشة الرخيصة وعادة ما يكون بنفس قماش ولون القميص.
اليلــــك
يوضح الدكتور على أحمد إبراهيم معنى كلمة "يلك" في الفارسية وتعنى قميص نسائي، أما في التركية فهي من الكلمة التركية "يل" بمعنى الريح، واليلك لباس يلبس على الصدر فيدفع عنه الهواء فهو الصداري و الصديري، ويلبس اليلك فوق القميص وهو من النسيج الشنتيان ويشبه القفطان ولكنه أكثر التصاقًا بالجسم والذراعين فهو يلتصق بالقامة عند الخصر فيصفه ثم ينسدل إلى القدمين، وهذا الرداء مقور بحيث أن مكان النحر منه لا يغطيه ولا يثبته في مكانه إلا القميص.
واليلك له إزرار تشده إلى الجسم من الصدر إلى ما تحت الحزام حتى لا يتهدل كما هو الحال في القفطان ويكون مفتوحًا من الجانبين ابتداء من الخصر وإلى أسفل أو يشق عادة بحيث يكشف في نصف الصدر لولا القميص، وله كمان يلاصقان الذراعين وينتهيان عند المعصمين بحيث يظهر من تحتها جزء من كم القميص.
وخلاصة القول فإن اليلك مفصل بشكل يسمح بكشف الصدر ولكن نصف الصدر هذا مغطي بالقميص ومع ذلك فإن كثيرًا من السيدات يلبسنه أوسع في هذا الجزء أو مغلق بواسطة الأزرار عند الصدر كما أن طول اليلك يجب أن يكون ملامسًا للأرض.
وكان هذا الثوب محببًا عند النساء من الطبقة العليا والمتوسطة حيث يظهر مفاتن أجسامهن، ولم يظهر هذا اليلك قبل ذلك في العصر المملوكي مما يرجح أن يكون قد أدخله العثمانيون إلى مصر وشغف به النساء المصريات وأصبح اليلك من أهم مكونات ملابس النساء التي ترتديها داخل المنزل (الحرم) في العصر العثماني في مصر، تم أدخل بعد ذلك تغيير على اليلك إذ أصبح كماه منتهين عند المعصمين ولم يعد مقورًا على الصدر بما صار يزرر فوق هذا الجزء من الجسم ويلتقي طرفاه به.
العنتري.
يشير الدكتور على أحمد إبراهيم إلى أن العنترى كلمة تركية (انتاري) وقد حرفت في اللهجة المصرية إلى عنتري، والعنتري رداء قصير يصل إلى ما تحت الخصر بقليل أو أعلاه بقليل ويشبه اليلك المقطوع الأسفل أي بدون جزءه السفلي وقد يحل العنتري محل اليلك، ويتخذ العنتري من أقمشة حريرية أو قطيفة مقلمة ومطرزة كما يفصل أحيانًا من قماش أبيض اللون ولا يستعمله إلا نساء الطبقة العليا والمتوسطة. ولم يظهر العنتري في ملابس النساء في العصر المملوكي مما يرجح أنه قد دخل إلى مصر عن طريق العثمانيين وشغفت به النساء وأصبح من مكونات ملابسهن داخل المنزل (الحرم).
ويفصل العنتري بحيث يضيق عند الصدر ولا سيما أنه لا يزرر إلا تحت الثديين فيكشف بهذه الكيفية عن الصدر ويبرز النهدين ولكن كثيراً من السيدات يفضلن العنتري واسعاً بغية الاحتشام وعدم إظهار تفاصيل أجسامهن ويصل إلي ما تحت الوسط متخذا هيئة (الجاكت) القصير.
ويحتفظ متحف الفن الإسلامي بالقاهرة بعنتري من القرن 13هـ/19م من الحرير الأخضر الفاتح اللون به زخارف نباتية وأزهار مطرزة بالخيط المعدنية المذهبة والخيوط الحريرية الملونة.
الفستان
وعن الفستان يوضح الدكتور على أحمد إبراهيم أن فستان في التركية بكسر الفاء، فستان، باللغة الالبانية Fustan ,I, «ثوب ابيض ذو طيات طويلة وقد حوّل الاتراك هذه الكلمة الى Feustan بمعنى ثوب النساء الخارجي، فاقتبسته العربية من التركية بذلك المعنى، ويطلق الفستان على ملحفة واسعة كثيرة الطيات تلف على الخصر وتصل إلى الركبة (جونلة) وعلى جلباب كثير الطيات تلبسه النساء ويقول دوزي إنها تركية ورسمها بالطاء والتاء وتعرف المحلفة في لاتينية العصور الوسطي بكلمة Fustanella.
ولم يظهر الفستان في مكونات ملابس المرأة قبل مجيء الحملة الفرنسية على مصر (1798م) ويتضح من قول الجبرتي أن النساء الفرنسيات أدخلن الفستان إلى مصر وقد قلدتهن بعض السيدات المصريات حيث تزوج كثير من الفرنسيين مصريات ولبسن زوجات هؤلاء ملابس السيدات الفرنسيات.
ويحل الفستان محل اليلك إلا أنه غير مفتوح من الأمام ولكن مع ذلك بقى الليك كما هو من أهم أجزاء ملابس السيدات داخل المنزل (الحرم) بعد أن دخل علية بعض التغييرات والتطورات وأصبح يشبه الفستان، ويحتفظ متحف الفن الإسلامي بالقاهرة بفستان من القرن 13هـ/19م من الحرير الأخضر الفاتح اللون به زخارف نباتية وأزهار مطرزة بالخيوط المعدنية المذهبة والخيوط الحريرية الملونة، وقد تم عرض فستان لإحدى أميرات أسرة محمد علي في العام الماضي بمتحف النسيج المصرى بشارع المعز في معرض "الأم ..ملكة متوجة" بمناسبة الاحتفال بعيد الام 21 مارس 1917م، ويرجع إلى بداية النصف الثاني من القرن 13هـ/19م مصنوع من الستان الذهبي ذو ذيل طويل ومطرز بالخيوط المعدنية الذهبية والدانتيل.
الجبــة
وينوه الدكتور على أحمد إبراهيم إلى الجبة التى يرتدينها النساء فوق اليلك ويسميها الأتراك الجبة Jubbeh ويسميها المصريين الجبة Djibbah or Gibbah، وكانت الجيب في العصر المملوكي يرتديها فقط الرجال وخصوصًا الوزراء وأرباب الوظائف الديوانية، ثم أخذتها النساء في مصر في العصر العثماني عن الرجال من باب التقليد والتشبه بهم، وأصبحت من أهم القطع التي يرتدينها النساء واهتممن بها وبزخرفتها وبتطريزها حتى تفوقن عن جبب الرجال.
وهي تختلف عن جبة الرجال بعدم سعتها وبالأخص في مقدمتها وتكون بطول اليلك، وينتهي كما هذه الجبة عند الكوع وتقور من أعلى ولا تلتقي حافتاها فوق الصدر ولذا تبقى مفتوحة من الأمام، وهي إما أن تكون من الجوخ أو المخمل أو الحرير ومطرزة بالذهب أو بالخيوط الحريرية الملونة للسيدات الميسورات، وأما أن تكون ساذجة بسيطة للسيدات من عامة الشعب.
وقد استمرت السيدات يلبسن الجبة حتى أوائل القرن 13هـ/19م حتى أغفلتها بالمرة وأصبح استعمالها مقصورًا على الطاعنات في السن، والجبة من الأردية الإسلامية التي أقبل عليها الأوروبيون.
الحزام
تشد النساء الحزام فوق اليلك أو فوق العنتري أي يلف حول الخصر وهو إما أن يكون من الحرير أو من أي قماش أخر كالشيت بحسب تفاوت درجات اللابسات في الثروة، وفي هذا الحالة يلبس في الصيف، أما في الشتاء فيتخذ الحزام من الصوف أو الكشمير وقد تغالت بعض السيدات الميسورات في تزينه بالجوهر.
وللحزام عدة طرق بربط حول أجسام السيدات فمنها ما يعقد من الخلف فيتدلى على هيئة مثلث، ومعظم الراقصات يربطن أحزمتهن بهذه الطريقة وإذا كان الحزام عبارة عن قطعة مربعة من الحرير فإنه يطوي على اتجاه أحد القطرين ثم يوضع على أسفل البطن وتبقى زاوية من زواياه خلف الجسم ثم يعاد بطرفية إلى الأمام حيث يثبتان بعقده أو مشبك وفي هذه الطريقة يكون الحزام المحيط بالجسم غير ضاغط له في أي جزء من الأجزاء التي يلامسها.
غطاء الرأس
أطلق على غطاء الرأس التي ترتديه النساء داخل المنزل (الحرم) الربطة وهي تتكون من الطاقية والطربوش والقمطة، والطاقية تسمى العرقية وهي تدل على كلوته من القطن تمس الرأس مسًا مباشرًا وذلك لامتصاص العرق ووقاية الطربوش منه، وهي توضع تحت الطربوش ثم يلف حولهما القمطة ووتتكون القمطة من جزئين كل جزء فوق الآخر ، والجزء الذي يدور حول الرأس نفسها أي الأسفل أحمر اللون أو من أي لون من الألوان الزاهية أو يلف حولها منديل أو أكثر يسمى "فارودية" من قماش الحرير الأبيض المطرز أو المطبوع هذه عامة النساء من الطبقة العليا والمتوسطة.
أما بالنسبة لعمامة النساء من الطبقة العامة فهن يلففن رؤؤسهن بمنديل أسود يسمى "عصبة" بحاشية حمراء أو صفراء أو تزخرف حوافه بشغل الأوية والخيوط الحريرية ويطوي منحرفاً ويعقد عقدة واحدة من الخلف، ولقد كان استخدام النساء للعمائم كأغطية لرؤوسهن من باب التقليد والتشبيه بعمائم الرجال وقد استخدمتها أيضاً النساء في العصر المملوكي ، وكان مثار نقد وجدل شديدين كما هاجم رجال الدين النساء اللاتي يلبسن العمائم.
وفي العصر المملوكي خلال النصف الثاني من القرن 9هـ/15م حل محل العمامة «طرطور» طويل يغطيه إزار فوقاني يستخدم كغطاء للرأس خاص بالسيدات، وهو على هيئة القدح أو الكأس الكبير ملفوف بقماش ثمين مزين بزخارف، ثم عادت النساء تلبس العمائم مرة أخرى إلى لبس العمائم مرة أخرى، واستمر هذا بعد الفتح العثماني لمصر حتى منتصف القرن 11هـ/17م حيث ارتدين النساء مرة أخرى الطرطور، كما يذكر ابن أبي سرور البكري أحد مؤرخي القرن 11هـ/17م(حدث في زماننا شيء يسمى طرطور واسع من الأعلى ضيق من الأسفل تلبسه النساء فوق رؤوسهن من الأورام وأولاد العرب فيباع الطرطور بسبعة قروش إلىما دونها فصارت كل إمرأة من أولاد العرب وغيرهم إن ملكت قرشين إلى ما فوقها تشتري بها طرطور حتى نساء الجواري بأجناسهن صارت تلبسه وكان من أكبر البدع الشنيعة).
وشاع نوع آخر من أغطية رؤوس السيدات عبارة عن شاشات ملونة (قطع صغيرة من القماش الرقيق) تعرف باسم «المدورات» يربطنها النساء ويجعلنها شبيهة الكعك ويملنها على جباههن بطريقة معلومة لهن وسميت باسم «العمائم القازدغلية»، والقازد غلية هي كلمة تركية (koztuğlu) وتتكون ن ثلاثة مقاطع: (koz) بمعنى الأوزة، و (Tuğ) بمعنى ذؤابة، و(lu) لاحقة. والمعنى الإجمالي لهذه الكلمة هو غطاء الرأس، ومن المرجح أن غطاء الرأس هذا يشبه الأوزة من ناحية استدارته باستطالة، وينتهي من أحد جانبيه بذؤابة حيث نهاية قطعة القماش.
وأثارت هذه العمامة رجال الدين واعتبروها خروجا عن الكمال والحياء والحشمة، مما دفعهم إلى التدخل في تحديد ملابسهن كما حدث في 7 رجب سنة 1201هـ/ 25 أبريل 1787م - كما يذكر الجبرتي وعلي باشا مبارك - حيث نودي على النساء (أنهن إذا خرجن لحاجة يخرجن في كمالهن ولا يلبسن الحبرات الصندل ولا الأفرنجي ولا يربطن على رءوسهن العمائم المعروفة بالقازد غلية المعروفة بالمدورات ويجعلنها شبه الكعك ويملنها على جباههن مقوصات بطريقة معلومة لهن، وصار النساء يتولين صناعة ذلك بأجرة على قدر مقام صاحبتها، ومنهن من تعطي البانعة ألف دينارا أو أكثر أو أقل، وفعل ذلك جميع النساء حتى الجواري السود).
ثم ما لبثت أن عادت العمامة مرة أخرى حيث ورد ذكره حيث ورد ذكرها في وصف علماء الحملة الفرنسية لملابس النساء سنة 1213هـ/1798م ، وكانت السيدات من الطبقة العليا يضعن حول رؤوسهن شريطًا اسطوانيًا بارزًا يرصع باللآلئ والأحجار الكريمة، ويثبتوا في مقدمة كورة مستديرة من الذهب مرصعة بالأحجار الكريمة، أما نساء الطبقة العامة فيتخذنها من الذهب فقط.
تم تطرح بعد ذلك فوق الرأس الطرحة وهي قطعة طويلة من الحرير الأبيض مزركشة الطرفين بالخيوط الحريرية الملونة والخيوط المعدنية المذهبة وصفائح ذهبية صغيرة كفلوس السمك (الترتر) وتتدهذه القطع من الملابس التي استعرضناها ووصفناها مع التحليل ابتداء من الشنتيان (اللباس) حتى غطاء الرأس هي ملابس النساء داخل المنزل (الحرم) وإذا كان عدد القطع المكونة منه كثيرة إلا أنها تمتاز بالتناسق وأنها غاية في الحسن والجمال وقد اهتمت بها النساء من حيث أشكالها وألوانها وزخارفها ليس فقط من أجل الملبس والزينة بل من أجل التباهي والتفاخر والتدليل على ارتفاع مستواهن المادي والاجتماعي أمام المجتمع.
وكل هذه القطع من الملابس التى تم وصفها وتحليلها ابتداء من الشنتيان (اللباس) حتى غطاء الرأس هي ملابس النساء داخل المنزل (الحرم) وإذا كان عدد القطع المكونة منه كثيرة إلا أنها تمتاز بالتناسق وأنها غاية في الحسن والجمال وقد اهتمت بها النساء من حيث أشكالها وألوانها وزخارفها ليس فقط من أجل الملبس والزينة بل من أجل التباهي والتفاخر والتدليل على ارتفاع مستواهن المادي والاجتماعي أمام المجتمع، أما فيما يتعلق بملابس النوم الخاصة بالسيدة المصرية فإنها كانت عادة ما تتخفف من ملابسها عند النوم ويطلق عليها أسم التخفيفة.
ملابس خروج النساء (التزييرة)
وينتقل بنا الدكتور على أحمد إبراهيم إلى ملابس الخروج للسيدات الذى يطلق عليها "تزييرة" لعلها من الزيرة وتعنى هيئة الزيارة وقد روعي في ملابس خروج النساء الاحتشام والحجاب وأن تتوافر فيها الشروط الواجبة بالنسبة للملابس التي ترتديها المرأة المسلمة كما نصت عليها القرآن الكريم ، حيث قال الله تعالى في كتابة الكريم "بسم الله الرحمن الرحيم" (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلى ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلى لبعولتهن) "صدق الله العظيم".
السبلة
وهو الثوب الأول من الثياب التي تتألف منها التزييرة وهي منشقة من فعل أسبل فعندما تخرج السيدات من المنزل يتدثرن علاوة على ملابس داخل المنزل بقميص واسع من الحرير الأسود أو الوردي أو البنفسجي يغطي كل الملابس إلا الحبرة والبرقع ويتدلي حتى يلامس الأرض وهو الذي يسمى سبلة ويكاد عرض كمية يعادل طوله، كما ترتديه النساء عند ذهابهن إلى الحمام أو القيام بزيارة وهن لا يخلعنها إلا إذا رجتهن خلعها من أدين الزيارة لها لا سيمها إذا كانت من علية القوم.
وقد وجدت السبلة في العصر المملوكي السابق للفتح العثماني لمصر وارتدينها النساء فوق ملابسهن. ولكن اختلفت هنا في ناحية الاستخدام حيث كانت السبلة بيضاء اللون لجميع المسلمات بينما بالنسبة لنساء أهل الذمة كان لزاماً عليهن ارتداء سبلات ذات وألوان مميزة فالمسيحيات يلبسن اللون الأزرق واليهوديات اللون الأصفر والسامريات اللون الأحمر إلا أن طريقة تفصيل وحياكة الملابس كانت واحدة بالنسبة للنساء ولكن الاختلاف هو شد الزنار للمرأة المسيحية فوق ثيابها، وهذا يختلف عما تطور إليه الأمر في العصر العثماني حيث أصبحت السبلة الثوب الأول من الثياب التي تتألف منها التزييرة ومختلفة الألوان وليست هي ثوب التزييرة كما في العصر المملوكي.
البرقع
تشير كلمة برقع إلى الشئ الذي تشير غليه كلمة يشمق التركية وهو يتخذ من القطن الأسود أو من الحرير الذي يغطي الوجه بتمامه اللهم إلا العينين ويهبط حتى الصدر بل قد ينحدر أحياناً حتى يصل إلى الركبتين ولا غنى عنه لسيدة تريد أن تخرج خارج منزلها.
فبعد أن ترتدي النساء السبلة يضعن البرقع أي غطاء الوجه وهو قطعة طويلة وضيقة تغطي الوجه بأكمله إلا العينين وتتدلى إما حتى الركبتين كما سبق القول أو تبلغ القدمين أو تكاد، ويثبت من قمته برباط رفع محاك في ركني البرقع من أعلى بحيث يمر على جانبي الجبهة ويربط خلف الرأس أو يتصل بالربطة من فوق الجبهة من الجانبين أو شد إلى الرأس بشريط ضيق يمر على الجبهة ويخاط من طرفي النقاب العلويين بعصابة تلف حول الرأس.
ويتخذن نساء الطبقة العليا والمتوسطة البرقع من نسيج الحرير أو الكتان الأبيض الناعم بينما يكون برقع نساء الطبقة العامة من قماش الكريشة الأسود، وإن كان بعضهن لا يتنقبن، ووجد بمصر برقع صغير يسمى ”الشعرية“ لم يكن ليستر إلا العينين وكان يلبس فوق النقاب وهو حجاب أكبر يغطي الوجه محدثًا به ثقبين عند موضع العينين ويعتقد أن مصر عرفت استعمال الشعرية بعد الفتح العثماني.
أما بالنسبة لزينة البرقع فيزدان القسم الأعلى من البرقع في معظم الحالات بحلى تشبه اللآلئ ويقطع من النقود الذهبية وبحليات أخرى من نفس المعدن وهي صغيرة وتسمى البرق وأحياناً بحبات من المرجان والذهب.
الحبرة
وهو الثوب الثالث والأخيرة في التربيزة وترتديها السيدات بعض أن يضعن البرقع على وجوههن وتوضع الحبرة فوق الرأس وتغطي به الربطة والملابس واليدين، وحبرة السيدة المتزوجة من الطبقة العليا والمتوسطة من الحرير الأسود اللامع وتتكون من قطعتين عرض كل منها ذراع بطول ثلاثة أمتار أو أكثر قليلاً ويثبتا معًا عند الطرف أو بالقرب منه حسب طول السيدة ، ويوجد في أعلى الحبرة من الداخل على بعد خمسة عشر سنتيمتر من طرفها رباط ضيق من الحرير الأسود ويربط حول الرأس وأحياناً تحت الذقن من الأمام حتى لا تسقط وهي أما أن ترتدي مفتوحة تمسكها السيدة بيدها وهما مختفيتان. وأما يضمن مقدمة الحبرة بحيث تخفى الملابس كلها ما عدا جزء من النقاب.
وحبرة السيدة المتزوجة من الطبقة العليا والمتوسطة من الحرير الأسود اللامع وتتكون من قطعتين عرض كل منها ذراع بطول ثلاثة أمتار أو أكثر قليلاً ويثبتا معاً عند الطرف أو بالقرب منه حسب طول السيدة، ويوجد في أعلى الحبرة من الداخل على بعد خمسة عشر سنتيمتر من طرفها رباط ضيق من الحرير الأسود ويربط حول الرأس وأحياناً تحت الذقن من الأمام حتى لا تسقط وهي أما أن ترتدي مفتوحة تمسكها السيدة بيدها وهما مختفيتان. وأما يضمن مقدمة الحبرة بحيث تخفى الملابس كلها ما عدا جزء من النقاب.
وقد كانت ملابس خروج المرأة (التزييرة) مثقلة ومربكة عند المشي ورغم أنها كانت محتملة لدي السيدات من الطبقة الراقية اللاتي قلما يشاهدن راجلات فقد ارتداها أيضاً غيرهن ممن لا يملكن أجرة الركوب وهذا إن دل فإنما يدل على حرصهن وتمسكنها بدينهن لإخفاء زينتهن كما أمرهم الله سبحانه وتعالي أزياء الحمامات والراقصات.
يشير الدكتور على أحمد إبراهيم إلى ملابس النساء الخاصة للحمامات، وتصنع من الأقمشة الخفيفة أما بالنسبة لملابس الراقصات في مصر العثمانية فهي تشبه ملابس نساء الطبقة المتوسطة داخل المنزل (الحرم) وهو تتكون من يلك مفصل بشكل يسمح بكشف الصدر حتى يظهر مفاتن أجسامهن أو العنتري بدلاً من اليلك وبنفس تفصيلته وتتخذ ملابس الراقصات من الأقمشة الفاخرة الشفافة ويضاف إليها الزينات المختلفة.
وهناك ملابس الطبالات والمغنيات وهى عبارة عن رداء من الحرير الأحمر أضيق بعض الشيء من أعلى أي من عند الصدر ينساب باتساع من أسفل عند الذيل ومزخرف بأشرطة طويلة، وتشد الطبالة أو المغنية حول وسطها حزام أو شال من الحرير مزين أطرافه بشراريب وتضع على وجهها برقع أبيض قصير به فتحتين للعينين فقط ثم تضع على رأسها ملاية.
ويحتفظ متحف الفن الإسلامي بالقاهرة برداء مغنية أو طبالة من الكتان الأزرق المطرز بالخيوط الحريرية وبعملات نحاسية مؤرخة بسنة 1223هـ/ 1808م
ملابس الوجهين القبلى والبحرى.
يشير الدكتور على أحمد إبراهيم إلى ملابس السيدات بالوجه القبلى فأغلب نسائهن يتغطين بقطعة من الصوف الأسود الداكن تسمى ”حللية“ تلف حول الجسم وتضم أطرافها فوق الكتفين وتستعمل قطعة منها كطرحة، أما فلاحات الوجه البحري فيرتدين قمصانًا زرقاء ومشقوقة من الأمام في جزئها العلوي مما يتيح رؤية صدروهن وأحيانًا برقع يغطي كل الوجه فيما عدا العينين.
نتائج الدراسة
وقد توصل الدكتور على أحمد إبراهيم إلى عدة نتائج منها 1- التأكيد على استمرار طراز الملابس المصرية بعد الفتح العثماني لمصر سنة 923هـ/1517م وهو الطراز المملوكي في الثياب الذي كان له أصوله وتقاليده التي استمرت حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي وذلك من حيث شكلها الثابت الذي لا يتغير وخاصة فيما يتعلق بالألوان الزاهية وهي أكثر الألوان التي تحظى بالقبول ومن حيث الاتساع وهو ميزة واضحة في ملابس المصريين فالسروال والقميص والقفطان والبنيش والجبة تفصل كلها على نفس الوتيرة.
2- التأكيد على احتفاظ الشعب المصري بصبغته العربية واستمساكه بالمقومات الأساسية اللغة، الدين، الثقافة والتقاليد، والعادات والملابس حيث أنه ينظر إلى تراث أجداده إنما ينظر إليها نظرة الاحترام والتقديس فلا يسمح بمساسه، فلذا استمرت الأساليب المملوكية من ناحية شكل الملبس والأساليب الصناعية والزخرفية المتبعة في تزيينه وأضيف إليه الزخرفة العثمانية التي استهواها وتأثروا بها وسارت مع الزخارف المملوكية في آن واحد وقد وصلنا بعض القطع التي تشتمل على هذا.