طباعة
sada-elarab.com/86062
قد يكذب بعض البشر للخروج من مأزق او ورطة، وقد يكذب بعضهم لأنه تعود على الكذب، وما ان يكتشف حتى يعاود الكذب مرة اخرى للخروج من الأزمة الاولى ويستمر في هذا السلوك، ويعتقد بأن الآخرين لن يعلموا بذلك، ولكن للكذب أنواع ودرجات ومدارس وخبراء، ويتراوح ما بين الكذب على الأطفال لمنعهم من ضرر قد يقع عليهم، وبين اختلاق قصص ووقائع تدلس، وتغيب حقائق ثابتة وتضلل آلاف بل ملايين من الناس.
وبين هذا وذاك لا نستطيع أن نحصي أنواع الكذب كلها ولا نرصد جميع درجاته ومدارسه، فهو في النهاية وسيلة لتحقيق غاية معينة وترتفع درجاته اطرادا مع المنفعة والعائد المتحقق من ورائه، فمن يريد أن يبعد طفلاً عن أذى سيلحقه قد يستخدم الكذب في ذلك، لا يتساوى مع آخرين يجدون في الكذب متعة ووظيفة يمكن كسب العيش منها، وهنا تبرز مدارس الكذب بأنواعها.
فنجد من يكذب على الناس ببث الوعود بتحقيق كل ما يطمحون إليه إذا ما وثقوا فيه واختاروه ممثلا لهم، وهذه مدرسة «الأكاذيب المؤجلة»، وفيها يعتمد الشخص على ذاكرة السمكة لدى بعض الأشخاص ومدى تذكر الناس لأكاذيبه في المستقبل، متمنيًا أن ينسى هؤلاء وعوده التي قطعها ولم يقترب منها، لكن عادة ما يخيب ظنه لأن كثير من الناس لا تنسى، وإذا ما غاب الوعي عن أحدهم تذكر عشرات الآخرين وعوده الكاذبة.
ولقد ابتلي هؤلاء الكاذبون بمحنة الإنترنت والأرشفة من الساحر الأعظم «قوقل»، ومعاونه وكبير المعبد موقع «يوتيوب» الذي أصبح مصيدة كبيرة للذين يروجون الأكاذيب، معتقدين أنهم بعيدون عن المساءلة أو المراجعة لكن للأسف تقنيات العصر أحالتهم للتقاعد المبكر.
لكن هناك فئة لا تستحي من الكذب وإعادة إنتاجه وترويجه بعد انتهاء تاريخ صلاحيته، وعلى الرغم من ظهور علامات العفن فيه، إلا أنهم يقفون به في أسواق الميديا يبيعونه دون حياء أو حمرة خجل، متناسين أن سجلاتهم محفوظة وتأتي مباشرة في محرك البحث لتدينهم، وتهتك سترهم.
مثال حي نعيشه اليوم واقعًا أليمًا في حياتنا اليومية وفي مجتمعنا الخليجي، ألا وهو قناة الجزيرة القطرية التي دأبت على الكذب والإساءة للدول الشقيقة وتشويه وتحريف التاريخ، على الرغم من بيان الحق ووضوح الحقيقة، إلا أنهم لا يستحون ويحاولون إنتاج واقع كاذب يتجاهل الحقائق التي عاشها كثيرين منا، وأعتقد أنهم يريدون استهداف جيل الشباب الذي لم يعاصر هذا التاريخ ويلمس أحداثه، فيقومون بعملية غسيل للأدمغة تستهدف هؤلاء بدس السموم في العسل والتلاعب بالأفكار بكذب احترافي لا مثيل له ولا يستطيع أحد كشفه بسهولة، إلا الذين عاشوا تلك الفترة من الزمن، وحين كانت الرواية الأصلية حاضرة وواقعًا عايشه الجميع، ولعل المصادفة البحتة قد جمعت ذكرى المغفور له بإذن الله تعالى والد البحرين الأمير الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، مع ترويج أكذوبة كبيرة تحكي عن تلك الفترة.
إن أكبر أنواع الكذب خطورة هو ما يستهدف تغيير الوعي وتغييب الحقائق بجرأة تجعل البسطاء يصدقونه، فكثير من الناس لا يفكر في أن يبذل مجهودًا في البحث عن حقيقة ما يذاع عليه يوميا ويعتقد أنها مسلمات لا يمكن التشكيك فيها، بينما لو أعمل محرك البحث العفوي سيتأكد أن هؤلاء هم أهل ضلالة وغي، وأنهم لا يختلفون عن الشياطين في شيء سوى أنهم في أجساد آدميين.