طباعة
sada-elarab.com/81392
بعض أخبار مجلس النواب الكرام تنشرها الصحافة على سبيل السخرية، ويقرأها المواطن بمزيد من السخط والحسرة، وكان من الأجدر على أعضاء المجلس المحترمين التريث والبحث داخل الغرف المغلقة قبل مناقشة سفاسف الأمور أمام الرأي العام ووضعهم أمام مدفعية مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت أكثر قتلا من الرصاص الحي.
الخبر الذي نشرته الصحافة الأسبوع الماضي كان لمناقشة ساخنة وجدل بين بعض النواب حول مقترح بتغريم المواطن على نقاط المياه التي تتساقط من المكيفات خارج المنازل، ونشر الخبر بلفتة محزنة مما يناقشه المجلس، ولاقى مزيدا من السخط على كامل أعضائه سواء الموافقين أو المعترضين.
أما يكفي يا سادة يا نواب يا كرام ما حصده مجلسكم الموقر خلال الفترة الأخيرة من نفور شعبي حتى يفكر في تحميل المواطن البسيط أحمالا فوق طاقته وهو الذي مازال ينتظر توابع زلازل الرسوم وركام براكين الغرامات ليبحث له المجلس عن بضع نقاط مياه فيحمله ذنبها.
كان المواطن ينتظر من المجلس الموقر أن يناقش مقترحات تلزم الدولة بنسبة معينة من دخل النفط لتصرف على مشروعات صناعية وتطوير مدن سياحية، أو إلزام البنوك باستثمار بعض من احتياطياتها في مشروعات تسهم في تنمية الصادرات أو الحد من الاستيراد، بدلا من تفتيش الجيوب المثقوبة أصلا، واختراع غرامات ما أنزل الله بها من سلطان.
ولمن قدم المقترح ويطالب المواطن بتطبيق «قانون مياه المكيفات»، أدعوه للمطالبة أولا بتنفيذ قوانين مماثلة فرضت في السابق ولم تطبق، مثل إلقاء القمامة والسجائر والمخلفات في الشوارع ليل نهار، والتي تبلغ غرامتها 10 دنانير، أو قوانين حماية البيئة والغرامات المفروضة في حالات التلوث البيئي، أو إتلاف المحميات الطبيعية.
وإذا كان أهل المجلس الكرام يبحثون عن القيم والمثل وتهذيب سلوك الناس، فالأولى بهم البدء بأنفسهم حتى يجد المواطن فيهم العبرة والعظة والقدوة في الحفاظ على المملكة ومواردها، فبدلا من تلك المقترحات الهزيلة، لم يتقدم أحدهم بمقترح إلغاء مكافآت النواب أو تقاعدهم، أو مبادرة بعدم تخصيص سيارات فاخرة كل 4 سنوات والاكتفاء بما لديهم من سيارات، أو حتى التنازل عن بعض البدلات التي ربما سيكون عائدها أضعاف ما يفرضونه على المواطنين الفقراء.
أم يخشى أعضاء المجلس الكرام، مضاعفة الغرامات على الشركات الكبيرة التي تلوث البيئة وتلقي مخلفاتها هنا وهناك، أو تقديم مقترحات بتشديد الرقابة على التلوث البيئي الذي يضر بصحة المواطنين، بدلا من رذاذ الماء الذي ربما سيأتي علينا اليوم لنستخدمه للري او للشرب.
وإذا كنتم يا سادة يا كرام تبحثون عن موارد عبر فرض غرامات ورسوم، فلماذا لم يتقدم أحدكم بمقترح يخفف من مصروفات المسؤولين الكبار وبدلاتهم المتنوعة وسياراتهم الفاخرة بأن يلزم الحكومة بتخصيص سيارات اقتصادية للمسؤولين أو حتى عدم تخصيص أي سيارات لأن رواتبهم تكفي لشراء سيارة جديدة كلما دعت الحاجة.
أنا على يقين أنني لو سألت أبسط مواطن في الشارع البحريني عن مقترحات لزيادة موارد الدولة فسيقدم لي أفضل مما يبحثه أعضاء المجلس الكرام في جلساتهم المدفوعة والمتلفزة والمصورة والمنشورة.. وبالمجان ودون جلبة لا تسمن ولا تغني من جوع، بل إنها تفقر الفقراء وتزيد الجائعين جوعا.
نرجو من أصحاب السعادة النواب أن يخاطبوا الناس بخطاب يليق بمستوى مجلس نيابي يعبر عن رأي الشارع، فما نراه حاليا يؤكد أن هؤلاء ليسوا من اختارهم الشعب ليمثلوه أمام الحكومة ليدافعوا عنه ويحققوا تطلعاته، بل على العكس يجد الناخب من انتخبه يعمل جاهدا على تطفيشه وإزهاق روحه قبل العرس الانتخابي القادم، ولا أعتقد أنه سيكون عرسا بسبب ما يحدث، بل مجلس عزاء لميت لا أهل له.