طباعة
sada-elarab.com/73281
أتفق مع ما ذكره سعادة الأخ العزيز الوزير محمد بن إبراهيم المطوع بشأن الضرائب والرسوم، عند لقائه مع مجموعة من الصحفيين بجمعيتهم، وأجد في كلامه تعرية للواقع بدون مجاملة أو مداهنة لأحد كما يفعل كثيرون يصيحون ليلاً ونهارًا بأنهم المدافعون عن حقوق المواطن والمطالبون بحمايته، وهم عنه أبعد ما يكون.
نعم الضريبة هي واقع لا محالة منه، وجميعنا يدفعها منذ أن وصل سن الرشد وأصبح لديه مورد رزق، ولكن في صورة «زكاة أو صدقة»، وما حدث هو أن تعريفها الغربي أخرجها عن حقيقتها لدى الإنسان العربي المسلم، الذي يعلم تمامًا أن عليه واجب ملزم بأن يتصدق على الفقراء وأن يخرج الزكاة على أمواله، فما الفارق بين زكاة المال وضريبة الدخل؟ اللهم إلا المسمى وطريقة الجمع والصرف.
من المعلوم بأن يدفع كل مسلم زكاة عن أمواله حددتها الشريعة الإسلامية، بواقع 2.5% من الدخل السنوي، ولو قدر لنا أن نعلم صدقة السر، لاكتشفنا أن كثيرين يخرجون زكاة وصدقة تتجاوز أضعاف هذه النسبة، وأن الخير فينا كثير، ويظهر بجلاء في مواقع عديدة، منها المساهمة في بناء المساجد ومساعدة الجمعيات الخيرية وكافة الأنشطة الموازية.
وهنا يجب أن تبدأ الدولة في إطلاق حملة توعوية تربط ما يخرجه الإنسان من صدقة بضريبة الدخل، ووضع برامج دينية وثقافية وحتى مدرسية، تعرف معنى الضريبة بأسلوب جديد من خلال ربطها بمنهجية دينية تحث الإنسان على فعل الخيرات وتقديم المساعدات والصدقات، ولكن في شكل ضريبة على الدخل، ومتى ما استطعنا خلق جيل واعي بمفهوم الضريبة، لن نجد أي صعوبة في فرضها، بل إنها ستحصل على الدعم الشعبي والترحيب الكامل متى ما عرف المواطن مزاياها وكيفية صرفها.
الأمر يحدث في الغرب بصورة مماثلة ولكن عبر برامج توعية توضح للمواطن كيفية مساهمته في بناء الدولة بدفع الضريبة، ويعلم كل مواطن أن الضريبة التي يدفعها هي لصالحه ولا تمثل ضررًا عليه، على عكس المواطن في دولنا.
لا شك أن فرض الرسوم والتوسع فيها حاز على استياء كبير لدى المواطنين، بل ويحاول كثيرين الالتفاف حول دفعه بأي وسيلة، وهو رد فعل على إجراء تم اتخاذه دون استشارته فيه أو حتى مجرد إقناعه بدفعه، فقد اعتاد المواطن أن يستيقظ صباحا على خبر برفع الرسوم في قطاع معين، ودون إبداء أي سبب أو عذر مقبول، ويقابل ذلك بالطبع رفض وتذمر واستياء، تحاول الدولة تقليل مخاطره، ولكن للأسف بعد حدوثه.
وتبدأ «جهات أخرى» استغلال الأمر بإظهار الرفض والتنديد بالقرارات، بينما الواقع يؤكد أنها على علم مسبق بل وأنها شريك أساسي في فرض تلك الرسوم على المواطن.
ولا ريب أن هذا النهج المقترح سيدعم جهود الدولة في بناء الوطن، ولكن عندما يقتنع المواطن بأن صدقته او زكاته تعود بالنفع عليه وعلى وطنه وعلى المحتاجين من أبنائه، فلن يتردد في تصويب مسار صدقته لتكون هي زكاة ماله التي يعلم قدرها وإلى أين تذهب.
ولقد أثارني للكتابة في هذا الشأن خبر الاتفاقية الموقعة بين البحرين والولايات المتحدة الأمريكية والخاصة بتطبيق قانون الامتثال الضريبي التي تُلزم المواطنين الأمريكيين والشركات الأمريكية خارج أمريكا بدفع ضرائب الدخل على مدخراتهم واستثماراتهم التي يتم إيداعها خارج أمريكا.
فلماذا لا نأخذ المثل الأمريكي ونقوم بتعريبه وتوطينه، والعمل بالمثل، فكثير من المواطنين لديهم عقارات وشركات في أوروبا وأمريكا، ويدفعون عنها ضرائب هناك، دون أن تستفيد البحرين بشيء، فهل سنعاملهم بالمثل؟.