منوعات
منبر الحضارة.. يستعرض دراسة أثرية تؤكد أن مصر علمت العالم أول أبجدية فى التاريخ
الأربعاء 15/نوفمبر/2017 - 09:37 م
طباعة
sada-elarab.com/70861
قال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بوجه بحري وسيناء بوزارة الآثار إن الدراسة أثرية أكدت علي أن النقوش السينائية للدكتور خالد شوقي البسيونى أستاذ الآثار المصرية القديمة بكلية السياحة والفنادق جامعة قناة السويس أن نقوش سيناء الصخرية بمنطقة سرابيت الخادم وما حولها والمعروفة بالأبجدية السينائية أو البروتوسينائية هي أصل اللفات العروبية وهى لغات الشرق الأدنى القديم كتصحيح لخطأ إطلاق اللغات السامية عليها وقد اتفق على ذلك المصطلح العلمي اللغوي كبار علماء اللغات ومنهم الدكتور محمد بهجت القبيصى وتوفيق سليمان من سوريا والدكتور محمد أحمد مظهر من باكستان والدكتور على فهمى خشيم من ليبيا والدكتور جاسر أبو صفية الأردن وأحمد كمال باشا من مصر.
وأكد الدكتور خالد شوقى البسيونى أن النقوش السينائية اكتشفت فى أوائل القرن العشرين على يد عالم الآثار البريطاني فلندرز بترى بمنطقة سرابيت الخادم وقد تحدث عنها الرحالة الأوروبيون الذين زاروا سيناء فى طريقهم لبيت المقدس واعتقدوا خطأ أنها من كتابات العبرانيين وربطوا بينها وبين خروج بني إسرائيل وقد جمعت هذه الكتابة بين الشكل التصويري والشكل الخطى أى الكتابة التصويرية والكتابة الخطية.
بعثات الآثار
ويوضح ريحان أن الدكتور خالد شوقى أكد أن فلندرز بترى اكتشف 12 نقش من النقوش السينائية بمنطقة سرابيت الخادم عام 1905 وربط بترى بين هذه النقوش وبين مكتشفات منطقة سرابيت الخادم الأثرية وخاصة التي تعود لعصر الدولة الحديثة القرن الخامس عشر قبل الميلاد عصر الإمبراطورية المصرية فى غرب آسيا والشرق الأدنى القديم وفى عام 1917 أرسلت جامعة هارفارد الأمريكية بعثتها الأولى وعثرت على العديد من الأحجار والنقوش قرب ثلاثة مناجم بسرابيت الخادم وبعثتها الثانية عام 1930 والثالثة 1935 وأرسلت جامعة كاليفورنيا عام 1948 بعثة تحت اسم البعثة الأفريقية وقام بدراسة هذه النقوش عالم الآثار المصرية وليم أولبرايت وفى عام 1917 استطاع عالم الآثار جاردنر حل رموز النصوص القصيرة قليلة الكلمات وأعلن أن هذه النصوص هى مصدر كثير من الأبجديات ومنها السامية " الذى صححها علماء اللغات للعروبية " وأيضاً اللاتينية والإغريقية.
تأريخ النقوش
ويتابع الدكتور خالد شوقى بأن جاردنر قد أرخ النقوش السينائية بعصر الأسرة الثانية عشر الدولة الوسطى فى القرن الثامن عشر قبل الميلاد العصر الذهبي لاستغلال مناجم النحاس بمنطقة سرابيت الخادم وقد وصل عدد النقوش المكتشفة إلى 25 نقش بينما أرخ وليم أولبرايت بعد أعمال البعثة الأفريقية لجامعة كاليفورنيا النقوش السينائية لعام 1500 ق.م عصر الدولة الحديثة عصر الإمبراطورية المصرية مثلما ارتأى فلندرز بترى وهذه النقوش تسجل ذكرى البعثات التعدينية التي جاءت للعمل فى هذه المناطق منطقة سرابيت ومنطقة المغارة ودعوات تيمناً وتبركاً بسيدة الفيروز المعبودة حتحور وكان موقع سيناء الطبوغرافى والاستراتيجي المميز بمثابة قنطرة حضارية بين قارتي آسيا وأفريقيا عند حدود مصر الشرقية جعلها بوتقة تزاوج وجسر لعبور واتصال كثير من الشعوب والثقافات والحضارات مما كان له الأثر الكبير والفعال فى حركة كثير من المدنيات فى مصر وأقاليم ودويلات الشرق الأدنى القديم وأن الأصول المشتركة وعمليات التأثير بين اللغة المصرية القديمة واللغات العروبية كانت مستمرة ولم تنقطع.
لغة الكنعانيون
ويضيف الدكتور ريحان أن الدكتور خالد شوقى يشير إلى أن الكنعانيون سكان فلسطين والساحل الفينيقي وأجزاء كبيرة من الإقليم السوري كانوا ملمين ومتمكنين فى العصر البروزى المتأخر " عصر الدولة الحديثة فى مصر القديمة " بخمسة نظم للكتابة استخدموها كلها فى بعض الأحيان لكتابة وتسجيل لغتهم وثقافتهم ووثائقهم الخاصة وهذه الخطوط هي المسماري الأكادي خط اللغة البابلية الأشورية فى بلاد ما بين النهرين وهى رموز مسمارية أفقية ورأسية ومائلة والثاني الهيروغليفي المصري " الكتابة التصويرية " والثالثة الأبجدية الخطية " الفينيقية " التي انحدرت منها فى النهاية الأبجدية الإفرنجية " الأبجدية ذات الخطوط المستقيمة " والرابعة هي الأبجدية المسمارية فى أوجاريت " رأس الشمرا بشمال سوريا " والمعروفة باسم أبجدية أوجاريت " الكتابة الأوجاريتية " والخامسة الكتابة ذات المقاطع فى جبيل " كبن " على الساحل الفينيقي " مدينة بيبلوس شمال بيروت " .
وتعتبر الأبجدية الخطية " الخطوط الفينيقية " والأبجدية المسمارية فى أوجاريت هي الخطوط التي استخدمت بصفة منتظمة لكتابة اللغة الكنعانية وفى نفس الوقت أثناء العصر البرونزي المتأخر سجل الكنعانيون معظم كتاباتهم بالخط المسماري الأكادي الخاص باللغة الأكادية البابلية كما ظهر فى لوحات العمارنة كدليل وشاهد أثرى ولغوى حول هذا المضمون.
الأبجدية الفينيقية
ويوضح الدكتور خالد شوقى أن معرفة واحتياج الكنعانيين فى فلسطين وفينيقيا وسوريا إلى نظم وطرق كتابية متباينة من بلاد ما بين النهرين " الخط المسماري " ومن مصر " الكتابة التصويرية " جعل أرضهم منطقة عبور بين قارات العالم القديم وبذلك تمكنوا من اختراع نظم كتابية جديدة ومتطورة ومرنة لتسجيل وكتابة لغاتهم ووثائقهم وتلبية احتياجاتهم الإدارية والثقافية والفكرية.
وأن أبجدية أوجاريت المسمارية التي تم اكتشافها بواسطة شيفر عام 1929 وقام بتأريخها للقرن الرابع عشر قبل الميلاد تدل على أن مخترع هذا الخط كان يعرف شيئًا عن الخط المسماري الأكادي الشائع كما كان على علم بالأبجدية المصرية ويرجع كثير من علماء اللغة ظهور حرف التاء فى اللغات والكتابات العروبية إلى تأثيرات اللغة والخط المصري القديم.
ويتابع الدكتور خالد شوقى أن الخط الثاني الذي تم اختراعه فى نفس العصر البرونزي المتأخر فى الأقاليم السورية والفلسطينية هو الأبجدية الفينيقية ذات الخطوط المستقيمة التي انحدرت منها الخطوط الآرامية والعربية والعبرية والأمهرية وغيرها من الخطوط الشرقية إلى جانب الخطوط الإغريقية واللاتينية وجميع الخطوط الأوروبية المأخوذة عنها.
وكان من المعروف أن أقدم خطوط الأبجدية الفينيقية " الكنعانية " تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد حتى تم اكتشاف تابوت حيرام فى بيبلوس ميناء كبن فى النصوص المصرية القديمة على يد عالم الآثار الفرنسي مونتيه عام 1923 تم تعديل التأريخ ليصبح القرن العاشر قبل الميلاد.
وبذلك تعتبر نقوش سيناء الصخرية كما توصل إليها الباحث مرحلة هامة وبارعة فى سلسلة التطورات والتغيرات والمراحل الخاصة بالتحول من النظام الكتابي التصويري إلى النظام الكتابي الخطى بالإضافة إلى أنها كانت مرحلة فارقة على الطريق نحو ظهور الأبجديات وكل منهما يكمل الآخر فى تاريخ الكتابة والانتقال من عصر النقوش والرموز والعلامات التصويرية إلى عصر الخطوط والحروف الأبجدية مما كان له الأثر الضخم والكبير على الشكل والمضمون للثقافة والهوية الحضارية إقليميًا وعمليًا.