عربي وعالمي
هيفاء أبوغزالة تفتتح الدورة الخامسة لمنتديات القمة العربية التنموية
الأربعاء 25/أكتوبر/2023 - 12:41 م
طباعة
sada-elarab.com/703640
مع تصاعد الأحداث الطاغية على الساحة الإقليمية، وتحديدا في فلسطين، فكرت مليا في كيف لي أن أنشغل بغير جرحنا الأعمق؛
كيف لي أن أركز على أمور غير تلك التي نشهدها هناك تحت سماء قريبة منا؛هكذا بدأت معالي السفيرة هيفاء ابوغزالة الامين العام المساعد للشؤون الإجتماعية بالجامعة العربية خلال افتتاح الدورة الخامسة لمنتديات القمة العربية التنموية:الاقتصـــادية والاجتماعيــة المقررة بالجمهورية الإسلامية الموريتانية / نواكشوط الشهر المقبل.
هناك، حيث تقتل قوات الاحتلال الإسرائيلي الأطفال والشباب والنساء؛
هناك، حيث جرحى وقتلى على مدار الساعة؛
هناك، حيث إبادة جماعية ممنهجة؛
هناك، حيث الحصار المستمر لسنوات طويلة؛
هناك، حيث أحكمت السيطرة بوقف إمدادات الغذاء والمياه والوقود والدواء؛
هناك، حيث مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني على يد قوة شيطانية قائمة بالاحتلال؛
وحين وصلت مكتبي صباح اليوم وفتحت ملف المنتدى، انتابني شعور وكأنني أقرأه للمرة الأولى، أو أن الكلمات تغير معناها مع واقعنا اليوم؛
فالمنتدى قائم على ثلاث عناصر رئيسية وهي: المجتمع المدني والشباب العربي والأمن الغذائي، كل منها لا يمكن أن يتبلور سوى مع حفظ الحق في الحياة الذي ينتهك يوميا تحت سماء فلسطين الأبية على يد قوة الاستعمار الإحلالي؛
السيدات والسادة الحضور الكريم
دور المجتمع المدني في هذه اللحظة الفارقة من تاريخنا يتجسد مليا في المنظمات الأهلية التي تعمل في فلسطين على مر العقود الماضية؛
في فلسطين، يقدم المجتمع المدني مساعدات إنسانية؛
في فلسطين، يدعم المجتمع المدني عوائل الأسرى والشهداء، دعما نفسيا وأيضا ماديا من خلال المستشفيات والمدارس الأهلية؛
في فلسطين، ترصد وتوثق المنظمات الحقوقية جرائم الاحتلال وتفضحهم أمام المحافل الدولية التي تتعمد الصمم أمام كل هذه الأحداث؛
نعم، المنظومة الأهلية في الأراضي الفلسطينية تتحمل ببسالة وبلا توقف، جيلا بعد جيل، مسؤولية إبقاء هذا الشعب الأبي، ولم يسعوا يوما لصناعة مجد شخصي، ولم يكن أمام أعينهم إلا منح الحياة لأهلهم؛
نجاح منظمات المجتمع المدني في فلسطين في هذا الدور المتفرد دفع الاحتلال إلى إدراج العديد من هذه المنظمات على قوائم الإرهاب، زورا وبهتانا، ومصادرة أموالها وأموال القائمين عليها، ظلما وعدوانا، ومنعهم من السفر واعتقال العديد منهم، في انتهاك سافر للحقوق الأساسية؛
ما تقدم رصدته لجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان بجنيف والتي دعت لإنهاء هذا الوضع، وهذا الوضع في تقديرنا بمثابة مهزلة؛
إن المجتمع المدني الذي تحرك في كل أركان الدول العربية، واثبا من أجل تقديم مختلف أنواع الدعم للشعب الفلسطيني، تحركا شعبيا إنسانيا، مدرك أبعاد قضيته، ومحيط بمعاناة إخوته، مؤمنا أن لكل طريق نهاية.
السيدات والسادة الحضور الكريم
العنصر الثاني في منتدياتنا هو الشباب العربي، وفي القلب منهم شباب فلسطين؛
إن المُتأمِل في معطيات الأرقام والإحصاءات عن شباب غزة ينتابه التعجب، فعلى الرغم من أن نسبة الشباب في فلسطين أقل من النسبة العالمية ومن أقل النسب في وطننا العربي، إذ تتجاوز 20% بقليل، إلا أننا نرى وجوههم وجهدهم في كل مفاصل الأحداث، أسرى تمتلئ بهم سجون العدو، وهم أيضا درع المقاومة الأول؛
تحت قصف العدو نرى شباب فلسطين بين شهيد وجريح وبين منقذ ومسعف وطبيب في نشاط لا يتوقف على مختلف الأصعدة وفي كافة مفاصل الأحداث؛
شباب فلسطين هم الأمل، وندرك مع متابعتنا للأحداث أن بمثل هؤلاء لن تضيع القضية، ليس في الأراضي الفلسطينية فقط، بل في كل أركان وطننا العربي؛
في كل البقاع خرج الشباب العربي في مسيرات ضخمة معلنين عن الرفض الشعبي لممارسات الاحتلال وجرائمه، ووجدنا الشباب أمام معبر رفح متطوعين بأجسادهم وأرواحهم يرغبون في الدخول إلى غزة، إما أن يتمكنوا من تقديم الدعم لأهلهم بالداخل أو يرقوا شهداء معهم؛
السيدات والسادة الحضور الكريم
أما العنصر الثالث، وهو الأمن الغذائي، فقد أصبح بعيد المنال مع ما يرتكبه العدو من جرائم الحصار والدمار في حق فلسطين؛
إننا وإذ نجتمع اليوم لبحث ما يمكن إنجازه من تقدم لتحقيق الأمن الغذائي، نصطدم بممارسات الاحتلال والتي تؤكد للمجتمع الدولي البربرية والوحشية التي لا تزال قائمة في الحياة المعاصرة؛
إننا وإذ نجتمع اليوم لبحث سبل توفير الغذاء الصحي المناسب في كل وقت وأن يكون متاحا للجميع، إذ بقوات الاحتلال تقطع الغذاء والمياه والدواء بشكل كامل عن قطاع غزة.
إن القوة القائمة بالاحتلال ترتكب جريمة إبادة جماعية بدم بارد أمام أعين المجتمع الدولي، وكأن هذه الجريمة هي إنذار للجميع بإعادة ترتيب الأولويات؛
السيدات والسادة
هذه الأحداث تؤكد لكم أنكم قادرون، وأن عناصر النجاح متوفرة، وما بيننا وبين تحقق الأهداف هو الاعتماد على ما لدينا، وعدم فقدان الأمل؛
أدعوكم خلال أعمال المنتديين أن تُعيدوا قراءة الواقع من منظور ما نشهده
من أحداث.
الأمن الغذائي لدولنا العربية ممكن، في ظل وجود مجتمع مدني قادر على التمدد، فاعل على الأرض، مدرك للتحديات، ويعمل وفق أولوياتنا المشتركة؛
الأمن الغذائي ممكن أيضا على أيدي الشباب العرب، المبدع والقادر. الشباب لا يفقد الأمل، فهم الأمل، ووجب إشراكهم في تحليل الإشكاليات وخلق الحلول الشاملة والمستدامة.