طباعة
sada-elarab.com/697039
عندما كنا نبحث عن الدراسة في الخارج كنا نستعين بزملاء سبقونا إلى جامعات عربية وأجنبية، وكانوا جزاهم الله خيرًا يبذلون الجهود ليشرحوا لنا ميزات الدراسة في كل جامعة بحكم الخبرة والتجربة التي مروا بها، طبعًا وقتها كانت جامعات مصر فاتحة أبوابها للطلبة البحرينيين الذين لم يجدوا صعوبة في القبول كون مناهجنا مصرية من الابتدائي، فالإعدادي فالثانوي، وحتى جامعات القمة لم يلقَ طلبتنا صعوبة في القبول بكليات الطب بمختلف تخصصاتها، بالإضافة إلى كلية الآداب والحقوق، وكان هذا ربما التوجه في بعض جامعات الوطن العربي.
بطبيعة الحال تغيرت أساليب التعليم عندنا وبدأنا نستقبل الجامعات الخاصة التي تشترط مناهج معينة، كالتعليم بالفرنسية والتعليم بالألمانية، إضافة إلى مناهج الجامعات الأمريكية، وأصبح على الطلبة أن يختاروا التخصصات المناسبة لهم، وبدأ التحدي ماثلاً لأن يبدأ الطلبة عندنا الإقبال على هذه الجامعات رغبة في مواصلة تعليمهم الجامعي إلى آفاق أوسع، ربما لم تكن الصعوبة في قبول الطلبة في جامعات دولية ولكن بدأ الطلبة يتطلعون إلى التعلم في جامعات الصين وجامعات الهند وجامعات اليابان، وكان على طلبتنا أن يتخذوا الفهم لهذه اللغات التي تدرس مثلاً الطب بالصينية أو اليابانية، ومن هنا بدأ التحدي يواجهنا.. وطبعًا سيقضي طلبتنا ردحًا من الزمن لفهم اللغة الصينية وفك رموزها وأصبح التحدي ماثلاً، فنحن نعلم أن الصينيين يسعون جاهدين لتلقين طلبتنا الصينية. لكي تصل إليهم اللغة التي اختاروها لدراسة الطب مثلاً، وبالتأكيد أننا بحاجة إلى فهم واستيعاب هذه اللغة لتلقي العلوم من الصين وباللغة التي يفهمونها، وهذا بطبيعة الحال تحدي ماثل يحتاج إلى جهود مضنية، وبالتالي فإن اللغة الصينية نحن بحاجة إليها، ولعل الحكمة القديمة التي سمعناها «اطلبوا العلم ولو في الصين»، وهذا يقودنا إلى السعي لفهم لغة قوم لننهل من العلوم الصينية وفي نفس الوقت يتخصص أبناؤنا ليس في علوم الطب الصيني فقط، بل محتاجون إلى فهم لغتهم للتعارن معهم في أمور التجارة وفهم التقنية، وإذا كانت الحكمة تقول «من علم لغة قوم أمن شرهم»، ونحن لسنا بالضرورة نأمن شرهم، ولكن الغرض الأساسي فهم واستيعاب علومهم التي باتت ضرورية لتقدمنا ورقينا، وكذلك التخاطب الدبلوماسي وتبادل المصالح المشتركة.
أثناء تعاوننا العربي الصيني في نطاق جامعة الدول العربية بدأنا نشارك في ندوات ومحاضرات ومؤتمرات من شأنها تبادل الخبرة والتجربة وفهم واستيعاب المصطلحات التي تساعدنا على الفهم والإدراك من خلال الحوار وتبادل الرأي والمشورة. وبدأنا في إلقاء التحية عليهم بالصينية، كأن نقول مثلاً شي شي بلفظ عربي بالمعنى التحية الواجبة، والأمر يتطلب أكثر من ذلك في رسم الكلمات الإيحائية والتي تعبر من مكنون الذات، ونحتاج طبعًا إلى وقت لكي نتمكن من الفهم الصحيح للغتهم، الصبر الصيني بطبيعة الحال معروف بالانتظار لما يفيد في استيعاب اللغة الصينية التي هي بأشكال ورموز تحتاج بالفعل إلى استيعابها وفهمها، ولا يتأتى ذلك إلا بالممارسة والصبر والأناة، فالعلم والمعرفة تتطلب منا الصبر والانتظار لما يعود علينا بالخير ونحقق من خلالها الأهداف المبتغاة، بطبيعة الحال الاحتكاك والزيارات المتبادلة من شأنها أن تخلق التواصل بين الشعوب لما يخدم الأهداف المبتغاة من فهم اللغات.
لقد شعرت بفخر واعتزاز عندما علمت بأن شبابنا وأجيالنا المقبلة قد فهمت اللغة الصينية واللغة المختلفة لعدة لغات حية نتعامل معهم بها، ولغتنا العربية بفضل الجهود المضنية لدبلوماسيينا العرب ادخلنا ضمن اللغات التي تتكلم بها شعوب الأمم المتحدة، وأصبح ليس نقيصة أن يتكلم ممثلو دولنا باللغة العربية الفصحى التي يجيدونها، وأصبحنا نهتم كأبناء هذه اللغة بإيجاد المجامع للغة العربية في بلادنا ونتطلع نحن في مملكة البحرين أن يكون لدينا مستقبلاً مجمع للغة العربية نتعاون من خلاله مع المعاجم العربية الأخرى في جمهورية مصر العربية ولبنان والعراق والجزائر حفاظًا على لغتنا وفهمها واستيعابها لما يخلق من لغتنا لغة حية نفخر ونعتز بها، وهي جهود نرجو أن تُكلل بالنجاح لما فيه الخير للغة القرآن الكريم ولأمة لا يقل شأنها عن شأن غيرها من اللغات الحية.
إن الجهود وتضافر العمل المشترك التي تبذل بحاجة إلى تكاتف الجهود وتضافر العمل المشترك لما يخلق التوازن ونعلي من شأن لغتنا الكريمة التي نفخر ونعتز بها، وحتى مع فهم أبنائنا للغات العالم الحية ستظل لغتنا العربية تقاوم الزمن لما فيه الخير للعلوم والآداب والثقافة ولما يؤسس للتعاون المنشود بين أوطاننا العربية.
وعلى الخير والمحبة نلتقي...