ملفات
محطة الضبعة النووية.. قفزة هائلة لبناء مصر الحديثة وحماية البيئة
قال الدكتور عبد العاطي بدر سالمان ، رئيس هيئة المواد النووية الأسبق: بينما تقف مصر على بُعد خطوات قليلة من تحقيق حلمها النووي، مازال بعض المشككين يرون أنّ مصر ينبغي عليها الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية لإنتاج الطاقة في المستقبل.
واوضح
أنّ ذلك الوضع لا ينطبق على مصر، ويؤكد أن محطة الضبعة النووية التي من المقرر
أن تقيمها شركة روس أتوم الروسية، ستعمل على تغيير الاقتصاد المصري بصورة جذرية، مع
محافظتها على البيئة بكل مكوناتها.
فمن الناحية البيئية، من المعروف أن مفاعلات
القوي النووية لا تنبعث منها غازات ضارة بأية كميات، وذلك على العكس من محطات الوقود
التقليدية التي تنبعث منها غازات ضارة بالبيئة لعل من أكثرها خطورة ثاني أكسيد الكربون
الذي يؤثر بشكل ملحوظ على التغيرات المناخية ويتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري، وبالتالي
ارتفاع درجة حرارة الأرض. لذلك أؤكد أنّ محطات الطاقة النووية تمتلك القدرة على تعويض
الخلل الناتج عن انبعاث الغازات الضارة بالبيئة، حيث تمكنت تلك المحطات من إعادة التوازن
البيئي وفقا للمستويات المطلوبة خلال الفترة من 2008 – 2012 طبقا لبروتوكول كيوتو الخاص
بالحد من انبعاثات الغازات الضارة. وتجدر الإشارة إلي أن الحفاظ علي البيئة ليس نوعا
من الرفاهية، ولكنه أمر هام جداً للإنسان والبيئة المحيطة به على حد سواء.
إنّ مصر وروس أتوم لديهما القدرات المادية
والبشرية للبدء في إقامة محطة الضبعة النووية بخطي ثابتة وفعالة. وعلي ذلك، تُعتبر
محطة الضبعة النووية التي تُعد جزءا من البرنامج النووي المصري، من المشروعات الاقتصادية
الصديقة للبيئة والتي تتسم بمزايا متعددة. ويعتقد الكثيرون أنّ مصر يمكنها الاستفادة
من الثروة الهائلة التي تمتلكها من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بدلا من إقامة محطة
للطاقة النووية بالضبعة، والحقيقة أنّ إقامة مشروع لإنتاج الطاقة النووية بالضبعة لا يعني عدم الاستفادة من مصادر الطاقة الأخرى،
ولكن إضافة الطاقة النووية لهذا المزيج يمثل شكلاً من أشكال التنويع لمصادر الطاقة،
إلى جانب المزايا الأخرى للطاقة النووية ومنها على سبيل المثال الاستدامة وضآلة كمية
النفايات الناتجة عن الطاقة النووية، بالإضافة لجدواها الاقتصادية الكبيرة. من ناحية
أخرى، مازالت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح محدودة الانتاج، مع ارتفاع تكاليف إنتاجها
إذا ما قورنت بالطاقة النووية التي تُعتبر أرخص مصادر الطاقة، حيث يصل سعر الكيلو وات/
ساعة الذي يتم إنتاجه من الطاقة النووية إلى 3,2 سنت، بينما أغلاها هي الكهرباء الناتجة
من البترول والغاز (11.2 – 13.00 للكيلو وات/ساعة).
في سياق متصل، تُعتبر روس أتوم من أكثر
الشركات تقدماً في إقامة وتشغيل محطات الطاقة النووية على مستوى العالم، حيث أقامت
العديد من مفاعلات الطاقة النووية داخل وخارج روسيا، كما أن أي شركة تعمل في هذا المجال
لابد أن تُراعي الحصول علي طاقة نظيفة ومستدامة بأقل انبعاثات كربونية. ليس هذا فقط
، ولكنها تراعي أيضاً دراسات المواقع الجيولوجية والهندسية والخرائط الزلزالية والتاريخ
الزلزالي للمنطقة التي يقام بها المشروع، وما إذا كانت تلك المنطقة تحتوي علي فوالق
زلزالية نشطة.
ومن المؤكد أيضاً مراعاة التوزيع السكاني
والكثافة السكانية حول موقع محطة الضبعة. كل هذه الدراسات وغيرها تدخل ضمن الاشتراطات
اللازمة لإقامة محطات الطاقة النووية، كما أن جميع الدراسات التي أجريت علي الموقع
لابد أن تتوافق مع الاشتراطات اللازمة لإقامة المحطات النووية والصادرة عن الوكالة
الدولية للطاقة الذرية. كل هذه الدراسات يشترط تنفيذها من أجل سلامة المحطة النووية
أثناء الإنشاء والتشغيل وفي حالة حدوث أي حادث نووي، أي أن هذه الدراسات جميعها تخدم
الإنسان والبيئة في المنطقة التي تقع بها المحطة النووية. تجدر الإشارة أيضاً إلي أنّ
جهاز الأمان النووي بمصر سيتابع تنفيذ جميع الاشتراطات اللازمة لتحقيق أكبر قدر من
الأمان في محطة الضبعة النووية أثناء عمليات الإنشاء والتشغيل.
إن العلاقات بين مصر وروسيا علاقات تعاون
وصداقة تاريخية ممتدة عبر عشرات السنين وخاصة في المجال الفني والتكنولوجي. ولا زلنا
نتذكر مساهمات روسيا في إقامة السد العالي ووقوفها إلي جانب مصر في كثير من المجالات.
ولهذا من الضروري نقل الخبرات الفنية والتكنولوجية للجانب المصري المشارك في هذا المشروع
العملاق، وأن يتم توطين نسبة كبيرة من المستلزمات التقنية المستخدمة في إقامة المحطات
النووية في مصر، لأن ذلك سيعود بالخير علي الجانب المصري والجانب الروسي، حيث أنّ نجاح
روس أتوم في إقامة محطة الضبعة النووية بمصر سيفتح لها فرصاً جديدة في العديد من الدول
العربية والإفريقية.