الشارع السياسي
كلمة أمين عام المجلس العربي للطفولة والتنمية.. احتفالية تسليم جوائز الفائزين في الدورة الثانية من جائزة الملك عبد العزيز
الأربعاء 22/سبتمبر/2021 - 07:51 م
طباعة
sada-elarab.com/603477
أشاد الدكتور حسن الببلاوي الأمين العام للمجلس العربي للطفولة والتنمية بدور صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز، الذي يقودمسيره المجلس العربي للطفولة والتنمية.
داعماً وموجهاً لها لتحقيق أهدافها في تنشئة الطفل العربي تنشئة علمية عقلانية جديدة من أجل رفاه وكرامة الإنسان العربي.
وقال الدكتور الببلاوي اصبحت جائزة الملك عبد العزيز، التي يعلنها المجلس العربي للطفولة والتنمية رافداً قوياً في إثراء حركة البحث العلمي في مجال العلوم الاجتماعية بالمنطقة العربية. آخذين في الحسبان أن البحوث الاجتماعية لها أهمية قصوى في أي مجتمع يسعى إلى التقدم، إذ هي أحد المحركات الأساسية في تعظيم " رأس المال الثقافي " ورأس المال الاجتماعي، وهما ركيزة المجتمع للارتقاء بالمعرفة المتقدمة، والاتجاهات الراقية والمعتقدات المستنيرة للأفراد، إضافة الى الارتقاء بسلوكيات المؤسسات، الإنتاجية والاجتماعية.. بما يضمن نجاح مسيرة التقدم. وهذه الفكرة هي التي ينطلق منها الهدف الرئيسي للمجلس، وتسهم فيه بنجاح جائزة الملك عبد العزيز، منذ إعلانها عام 2017.
والجائزة، كما هو معرف تتم في دورات بحثية متتالية. وعنيت الدورة الأولى بقضية "المواطنة".
وتأتي أهمية قضية المواطنة بارتباطها بقضية أخرى غاية في الأهمية، وهـــــــــــي قضية " التماسك الاجتماعي " ، في وقت تتعرض فيها أوطاننا العربية لمخاطر الفكر المتطرف وفكر الإرهاب، الذي يفرز صعوبات في مسيرتنا نحو التقدم.
وكان خالد الذكر، صاحب السمو الملكي الأمير، طلال بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، يهتم بقضية التماسك الاجتماعي في كل بلادنا العربية، من أجل رفاه وكرامة الانسان العربي. كان سموه يرى أن تحقيق التماسك الاجتماعي في المجتمع، لا يتحقق إلا بسيادة القانون العادل الذي يقوم على مبدأ المساواة وإنفاذ القانون على الجميع دون تمييز على الإطلاق. لضمان حقوق الطفل، وحقوق المرأة في المساواة الاجتماعية والحياة العملية والسياسية، لتكريس مبادئ الإنصاف والعدل الاجتماعي. ومن هنا جاءت القضية الأولى في الدورة الأولى لجائزة الملك عبد العزيز متمثلة في قضية المواطنة. وحققت أهدافها بنجاح يفخر به المجلس العربي في منطقتنا العربية.
أما الدورة الثانية للجائزة، التي نحن بصددها الآن، فقد أعلن عنها صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز، حيث حمل مسئولية استمرار المسيرة على كاهله بقوة واقتدار، وأكد على استمرارها وتطورها في التفاعل مع مستجدات العصر المتسارعة، وما نشهده من ثورات علمية وتكنولوجية متلاحقة.
وقد كان، إذ أعلن سموه في عام 2019.. في حفل تسليم جوائز قضية المواطنة عن الدورة الثانية لجائزة الملك عبد العزيز، وموضوعها قضية: " تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة"، وذلك ما نحتفل به الآن، وسوف يتحدث عن فعاليات ونجاحات هذه الدورة، معالي الوزير الدكتور يسرى الجمل رئيس اللجنة العلمية الموقرة رفيعة المستوى، في كلمة تالية.
والثورة الصناعية الرابعة، ليست مجرد اختراعات وتكنولوجيا، إنها بالأحرى نمط حياة، انتظمت في فضاء تفاعلاتنا اليومية، وعلاقاتنا الاجتماعية، ومؤسساتنا الاجتماعية، والإنتاجية، والتعليمية.
فقد أعلن " كلاوس شواب Klaus Schwab " مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، في دافوس 2016، أن البشرية قد انتقلت إلى عصر جديد، أطلق عليه عصر الثورة الصناعية الرابعة. وفرَّق شواب بين هذه الثورة، وما قبلها من الثورات الصناعية الثلاث، من حيث تأثيرها غير المسبوق على شكل وطبيعة النظم الإدارية والسياسية والتعليم، بل وأساليب الحياة العامة نفسها.
تميزت الثورة الصناعية الرابعة بتكنولوجيات جديدة، وطفرات الذكاء الاصطناعي، وإلغاء الفواصل بين المجالات الفيزيائية والرقمية والبيولوجية، وتطورت الأتمته حتى مكنت من استخدام التكنولوجيا في مهام كان يقوم بها الإنسان، وتطورت الروبوتات الذكية، والسيارات ذاتية القيادة، وغيرت تماماً بيئة الحياة والعمل. حتى أن كلاوس شواب ذكر في أحد كتبه 2017، أن 65% من الأطفال المقيدين اليوم في المرحلة الابتدائية، قد يجدون أنفسهم في النهاية، داخلين إلى سوق عمل جديد بوظائف جديدة، لا نعلم عنها الآن شيئاً.
وعلى نفس الوتيرة الفكرية ذكر أحد رؤساء البنوك الكبرى في بريطانيا عام 2018، " أنه خلال سنوات قليلة ستصبح (80) وظيفة بنكية، يقوم بها روبوتات Robots.. إلا أنه في مقابل ذلك، توقع كثير من الخبراء نشأة وظائف جديدة بنمط جديد من العمالة يتسم بمهارات جديدة من الابداع وحل المشكلات. معنى ذلك أن ثمة انتقال يحدث من صيغة عمل تقليدي آخذ في الانتهاء، إلى أنماط عمل جديدة بازغة، في سياق الثورة الصناعية الرابعة، بأساليب إدارية جديدة ومؤسسات جديدة، بفكر كوني جديد.
وفي مجال التعليم سيكون التغيير مذهلاً في بيئة وأساليب التعليم. لقد تغيرت الآن بالفعل علاقة الإنسان بالمعرفة، وطرائق التعامل معها، واستخدامها فقد أصبحت المعرفة والتكنولوجيا هي ثروة الأمم الحقيقية، والدول التي تمتلك قوى بشرية متمكنة وجاهزة لهذه التحولات، سيصبح تعاظم المعرفة لديها أمراً ميسوراً، بتراكمات سريعة الوتيرة.
واستعرض أنطوني سيلدوم في كتابه عن الثورة الرابعة في التعليم ( 2018 ) تجارب بعض الدول الأكثر تقدماً في التعليم، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، وقد بينت دراسته، أن شكل التعليم في المدرسة والجامعة يتعرض للتغيير الشديد، ورغم ما قد يحدث للمدرسة من تغير تنظيماً وإدارة، فسوف تظل المدرسة كينونة اجتماعية، ولن تموت المدرسة، وستظل باقية ولكن ستتغير في نظم إدارتها وبنيتها الاجتماعية والمعرفية وطرائق البيداجوجيا بها. كذلك رغم التغيرات التي طرأت على أدوار المعلم، لكن أدواره الجديدة في السياق السيبراني ستعلى من أهمية وجوده عن ذي قبل. سيكون التقدم التكنولوجي داعماً له، وفي خدمته لأداء دوره في التعليم. سيظل المعلم معلماً، ولن يكون مجرد مُيسر، كما يدعى بعض دعاة التقدم الآن.
والسؤال المهم إذن: هل سيغيب الإنسان في مجاهل هذه التغييرات، ومجاهل هذه الأنماط الجديدة، التي لا نعرف عنها شيئاً في العمل، والإنتاج والتعليم، الحياة العامة.
إن تاريخ التطور البشري يؤكد أن طبيعة الإنسان تنطوي على العقلانية والسيبرانية .. وقد أنتجها الإنسان.. ومازال يطورها. وتظهر هذه الطبيعة الإنسانية داخل الإنسان، فيما امتلكه ويمتلكه من إبداعات ومهارات إنسانية وما أبداه من مرونة حتى الآن في التعامل مع البيئات الجديدة في كل ميادين الحياة في الإنتاج والتعليم والترفيه، أثبت فيها قدرته، ليس فقط على الاحتواء، بل قدرته على التطوير.
وفي هذا السياق، فإن المجلس العربي يؤدى رسالته في إنتاج المعرفة ونشرها، من أجل بناء وتنمية بنية ذهنية مفاهيمية جديدة مستنيرة للإنسان العربي، وشعارنا عقل جديد في مجتمعات عربية جديدة تسعى إلى التقدم ... في عالم ملئ بالمتغيرات المتسارعة، قوامها المعرفة والتكنولوجيا. علماً بأن المجلس أيضاً على وشك الانتهاء الآن من دراسة ميدانية في أكثر من دولة عربية للإجابة عن السؤال الرئيسي، ما مدى جاهزية أبنائنا وتمكنهم من امتلاك متطلبات الثورة الصناعية الرابعة من معرفة، ومهارات، وقيم، واتجاهات سلوكية.