تحقيقات
«الزيادة السكانية».. جراد يأكل المواطن والتنمية
الخميس 21/يناير/2021 - 06:24 م
طباعة
sada-elarab.com/562909
وفي ظل تلك الزيادات المتسارعة فى أعداد السكان ستؤثر بالسلب على كافة مناحى الحياة للمواطنين وبصفة خاصة القطاعات التى هى الأساس فى تحقيق التنمية المنشودة كالتعليم والصحة والتشغيل وما يتطلبه ذلك من استثمارات ضخمة لمواجهة كل الأعداد المتزايدة فى الطلب على خدماتها ، وعلي الرغم من كل مشروعات التنمية التى تقوم بها الدولة إلا أن المواطن المصرى لا يشعر بمردودها، والسبب فى ذلك هو الزيادة السكانية التى أصبت كالجراد تلتهم الأخضر واليابس ، حيث أن هذا الملف يدق ناقوس الخطر بسبب الزيادة السكانية وخطورتها على التنمية المرجوة، ولهذا اتفق الخبراء مع الرؤية الحكومية التي تعتبر الزيادة السكانية غولًا يلتهم كل الموارد الاقتصادية، وتسببها في الكثير من المشكلات المجتمعية مثل انتشار نسب الفقر والجهل وزواج القاصرات وأطفال الشوارع وزيادة الجرائم الأسرية ، فإلي متي ؟! .
في البداية ، شدد الخبير الاقتصادى ، علاء رزق ، أنه يجب احتواء خطر الزيادة السكانية، كما حدث فى التسعينيات، تلك الحملة التى ستخاطب العقل والوجدان المصرى، ويجب عمل استراتيجية لا تصطدم بالعقيدة الإسلامية، والاستماع إلى الآخر فى كافة القطاعات على طاولة واحدة للخروج باستراتيجية جيدة، مع ضرورة وجود عقاب اجتماعى قانونى تتحمله الأسرة وليست الدولة، وإعطاء من ينجب طفلين امتيازات، وذلك للنهوض بالدولة، كإعطائهم قطعة أرض لإنشاء مشروعه الخاص، مطالبًا بإيجاد أفكار خارج الصندوق للحد من الزيادة السكانية .
أوضح " رزق " أن النمو الاقتصادى هو الزيادة فى الناتج المحلى الإجمالى، أما التنمية الاقتصادية فتعنى متوسط نصيب الفرد من الدخل، والنمو والتنمية يؤثران فى بعضهما البعض، ومن مظاهر التنمية الاقتصادية زيادة مستويات الخدمات المقدمة للمجتمع من تعليم وصحة ومواصلات وإسكان وغيرها، ومن أهداف التنمية زيادة فرص التشغيل ومحاربة البطالة، مشيراً إلى أن الزيادة السكانية تؤدى إلى انخفاض مستويات المعيشة، وتخفيض الدخول الحقيقة للفرد وبالتالى تسهم فى زيادة حدة الفقر، وتوقف التنمية الاقتصادية.
إستطرد الخبير الإقتصادي قائلاً : " أنه تم وضع مقياس عالمى لشعور أى دولة بالتنمية الاقتصادية ورفع مستويات المعيشة وتوفير الملايين من فرص العمل، ويشير هذا المقياس إلى ضرورة أن تكون معدلات النمو الاقتصادى 3 أمثال النمو السكانى، فإذا كان النمو السكانى 2.6، فالدولة مطالبة بتحقيق معدل نمو اقتصادى حقيقى 8% سنويًا، وهذا مستحيل فى ظل الظروف الحالية، لذا لابد من وضع خطة استراتيجية حقيقة طموحه تخاطب العقل الجمعى للمصريين، تعمل على احتواء الزيادة السكانية " .
و أكدت الدكتورة أميرة تواضروس ، مدير المركز الديموجرافي ، أنه من ضمن الخطة تدريب مليوني سيدة في الفئة "18: 45" عامًا على إدارة المشروعات ومحو الأمية، بالإضافة إلى تدريب مليون سيدة على ريادة الأعمال والتثقيف مع تجهيز وتشغيل 200 مشغل خياطة ملحقة بالمستشفيات التكاملية في 16 محافظة، والتدريب الإنتاجي على خط المنسوجات الطبية لسد حاجة المستشفيات ، مشيرة إلى أن الأهداف الفرعية للإستراتيجية تشمل تمكين السيدات في الفئة العمرية من 18 حتى 45 سنة من العمل وكسب الرزق والاستقلالية المالية، والعمل على الحد من النقص من احتياجات وسائل تنظيم الأسرة للسيدات وتوزيعها بالمجان .
أضافت " تواضروس" أنه أيضًا سيتم صياغة رسائل ثقافية تبث من خلال حملات توعوية، بالتنسيق مع وزارة الدولة للإعلام، كما سيتم تنفيذ 12 مليون زيارة منزلية، وعقد 30 ألف ندوة، و500 فعالية مسرح شارع، وهو ما يستهدف 6 ملايين سيدة في المحافظات التي تُمثل الأكثر احتياجًا ، إلى جانب زيادة وعى المواطن بالمفاهيم الأساسية للقضية السكانية وبالآثار الاجتماعية والاقتصادية للزيادة السكانية، والوصول للسيدات المستهدفة لتقديم الخدمة وتسهيل تقديم الخدمة ومتابعتها وتقييمها، وكذا وضع إطار تشريعي وتنظيمي حاكم للسياسات المتخذة لضبط النمو السكاني .
و دعا فهد شاكر ، مدرب تنمية بشرية، بضرورة إتباع طرق تنظيم الأسرة، بنشر الوعى، وعمل ندوات تثقيفية للأمهات والآباء فى القرى بمشاركة أجهزة الدوله، وتفعيل القدرات والمهارات، خاصة فى القرى الأكثر فى عدد السكان ، لافتاً إلى أن الزيادة السكانية بوجه عام نعمة وليست نقمة، ولكن للدول صاحبة الاقتصاديات القوية، لافتًا إلى أن الزيادة السكانية فى مصر تُعد نقمة، وذلك لعدم استغلال الزيادة السكانية بطريقة الصحيحة فى ثروات البلاد .
أشار " شاكر " إلي أن الاستثمار فى البشر، هو استثمار ضرورى للتنمية الشاملة، وحان الوقت لجعل المواطنين يشكلون رأس المال البشرى المتكون من المعارف والمهارات والقدرات االمتراكمة لدى الأفراد، بما يجعلهم قادرين على استغلال إمكانايتهم كأفراد منتجين فى المجتمع ، بالإضافة إلى أنه مع تبنى الأفكار الجديدة للشباب واستثمار الطاقات البشرية، ستصبح نعمة تعود على الوطن والمجتمع بالخير .
ويري الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة، أن الحملات الإعلامية في مواجهة الزيادة السكانية غير كافية، ويجب أن يكون هناك دور أكبر للتوعية في الشارع، خاصة في القرى والمناطق الشعبية التي تفتقر إلى الثقافة والوعي والتعليم، وترتفع بها نسبة الإنجاب، لقناعتهم بتقاليد مجتمعية ومفاهيم دينية خاطئة ، مؤكداً أنه على الحكومة اتخاذ إجراءات حاسمة للحد من الزيادة السكانية، سواء بفرض ضرائب أو رفع الدعم، لأن مشكلة الزيادة السكانية خطيرة جدًا .
لفت "صادق" إلي أهمية دور الأئمة في المساجد والخطاب الديني، لزيادة توعية المُواطنين بضبط النسل لخفض المواليد، موضحًا أنه لا طائل من كثرة الإنجاب دون قدرة مالية للإنفاق عليهم، وقدرة على تطوير مهاراتهم وقدراتهم لخدمة أنفسهم ومجتمعاتهم، فضلا عن أعبائها المضاعفة على الخدمات العامة كالتعليم والصحة والمرافق .
ونوه النائب حسن السيد ،عضو مجلس النواب ، إلي أنه يجب علي كل الوزارات المعنية بالصحة فى المقام الأول ووزارة الثقافة، التعليم، الصحة، الأوقاف والمنابر الدينية، لتوعية المواطنين خاصة فى القري والأرياف ومنطقة جنوب الوادي لتقليل هذه الزيادة، واتخاذ الإجراءات اللازمة، إلي جانب تفعيل دور الزائرات الصحيات لضرورة التوعية بهذه المشكلة التي نواجهها، والتي يُصعب حلها منفردًا بل تتطلب حلًا جماعيًا ، كما إنه فى ظل الظروف العالمية والتي يعاني منها العالم الأجمع، أصبحت الظروف متراجعة، والنمو لا يصل إلى ٤ % وهذا بدوره يؤدي إلي عبء ثقيل على الاقتصاد المصري ويلتهم أي نمو .
طالب " السيد " بضرورة توفير كل وسائل منع الحمل المتيسرة طبقا لاحتياج المرأة، على أن تتوفر لها فى الوحدات الصحية ومراكز رعاية الأسرة والأمومة والطفولة، وتوزيعها بالمجان .
وكشف اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن أنه للحد من الزيادة السكانية يجب تكثيف حملات الدعاية والتوعية ضد إخطار الزيادة السكانية في مختلف وسائل الإعلام، وعودة برامج التوعية الهادفة، والأفلام القصيرة، والفيديوهات وأفلام الكارتون للتوعية بتنظيم الأسرة، فضلا عن توفير استثمارات محلية لتصنيع وسائل منع الحمل في الداخل بدلا من الاعتماد على الاستيراد .
أضاف " بركات " أننا بحاجة إيضاً إلي تعزيز دور رجال الدين لمواجهة المعتقدات الخاطئة حول التكاثر لدى بعض المواطنين ، إلي جانب إصدار قانون خاص لمواجهة معدلات الزيادة السكانية، يُؤسس لأدوار الوزارات والهيئات الحكومية المعنية بقضية الزيادة السكانية، مع تدريس القضية السكانية في المناهج التعليمية .
تابع قائلاً : " أتوقع وصول عدد السكان مصر إلى 192 مليون نسمة عام 2052، حال استمرار وتيرة الزيادة السكانية الحالية، لكن إذ كثفت مصر جهودها للحد من المشكلة السكانية سيقل العدد إلى 143 مليون نسمة " .