فن وثقافة
أسامة أنور عكاشة عميد الدراما.. و«حورية البحر» التى فجّرت موهبته
الثلاثاء 10/نوفمبر/2020 - 06:16 م
طباعة
sada-elarab.com/552141
كان أسامة أنور عكاشة، عميد الدراما المصرية، يصف الإسكندرية بـ"رئة الوطن"، كان يعشقها لدرجة تفوق الجنون، وأبدع من أجلها دراما يكسوها العشق: "الراية البيضا"، "زيزينيا"، "عفاريت السيالة"، "النوة"، "ضمير أبلة حكمت".
ولكن ربما لا يعلم الكثيرون، سر عشق "عكاشة" للإسكندرية بهذه الصورة، فعندما كان يعيش فى طنطا فى مسقط رأسه، كان لهم جيران من الإسكندرية، يقيمون فى طنطا بحكم عمل الأب مديراً لأحد المستشفيات، ووقع "عكاشة" فى حب إحدى فتيات الأسرة السكندرية تدعى "عبير حمزة"، وكان يكتب لها قصص قصيرة عنها، وهى التى تكاد تكون فجرت موهبة الكتابة بداخله، وكان يصاب بسعادة غامرة لمجرد رؤيتها.
وفى يوم من "أسود أيام حياته"، عادت الأسرة إلى الإسكندرية بعد انتهاء مهمة الأب فى طنطا التى استمرت قرابة "3 سنوات"، ولم تكن وقتها هناك وسائل اتصال حديثة حتى يتمكن من الوصول إليها.
أصيب بحالة من الحزن، وأوجاع حب المرهقة، لكن "عبير" ظلت مطبوعة فى قلبه طيلة سنوات حياته، وكان يبحث عنها فى كل أنثى مرت بحياته.
وعندما بدأ طريق الشهرة، واستقال من وظيفته، وبدأت الأموال تنهمر عليه، قرر شراء شقة فى الإسكندرية على الكورنيش، بجوار فندق المحروسة، كان يكفيه أن يعيش فى المدينة التى تعيش فيها حبيبته، وهذا "السر الخفى" فى عشقه منقطع النظير للإسكندرية، والذى كتب عنها دراما متفردة.
الطريف أنه بعد مرور السنوات، وبعدما أوشك العمر على الانتهاء، كان يشاهد التلفاز، ففوجئ بالممثلة "عبير منير" التى تشبه حبيبته السكندرية، فى مسلسل من إخراج إنعام محمد على، فأجرى اتصالاً هاتفيا على الفور، بمخرجة المسلسل وسألها عنها، وقال لها: "أنا بعمل مسلسل المصراوية، وعايزها فى دور"، وعندما التقاها وعلم أنها اسكندرانية، اتخذ قرار الزواج منها دون تردد، لم يضع فى اعتباره العواقب الوخيمة فى مواجهة زوجته وأبنائه، بعد أن قام بـ"اصطياد حورية البحر".
تسببت هذه الزيجة فى القطيعة مع يحيى الفخرانى، الذى كان أقرب أصدقائه فى الوسط الفنى، والذى حذره من هذا الزواج. وكان هذا نص الحوار الأخير بينهما رغم صداقة العمر
*"الفخرانى": بلاش يا أسامة تسلم نفسك لـ"نزوة" فى آخر العمر.. متجرحش أم الولاد اللى وقفت جنبك.
*"عكاشة": الحياة بنعيشها مرة واحدة.. وزىّ ما انت قلت أنا فى آخر العمر.. يبقى ليه أحرم نفسى من حاجة كنت بدوّر عليها من سنين؟
*"الفخرانى": الكلام ده تقوله للناس فى مسلسلاتك.. انت هتتجوز واحدة أصغر منك بـ"30 سنة".. يعنى الغيرة هتنهش عضمك.. وبعدين انت حتى جسدياً مش قد الجوازة دى.. وانا دكتور وعارف بقولك ايه.
*"عكاشة": عارف يا يحيى لو قلت كلام بعدد كل نقطة فى مية البحر مش هغيّر رأيى.. فريّح نفسك وتعال أغلبك عشرة طاولة.
*"الفخرانى": لأ يا أسامة أنا هريّح نفسى وأمشى.
ومن بعدها لم يلتق الصديقان، ولم يعبأ "عكاشة" بتلك "القطيعة" بعد أن أبحرت به "عبير" إلى جزر "العشق المجنون" المليئة بـ"أشجار العاطفة" التى تتدلى منها ثمار "الحنيّة"، ورقص القبائل البدائية المهووسة حول نيران شهواته.
كان "عميد الدراما العربية" رومانسياً حالماً، كان يصب العشق المكبوت بداخله، على ورق السيناريوهات، كانت شخصية على البدرى، فى ليالى الحلمية، التى قام بأدائها النجم ممدوح عبد العليم، الأقرب إلى قلبه، والتى تعبر عن مخزون الرومانسية بداخله، كان "شيطان العشق" حاضراً دائماً فى أعماله.
عندما انتهى "عكاشة" من كتابة سيناريو مسلسل "زيزينيا"، عقد جلسة مع الشاعر أحمد فؤاد نجم، لكتابة أغنية تتر البداية والنهاية، وقال لـ"الفاجومى": "يا نجم أنا عايز أغنية عن عشق اسكندرية مختلفة رومانسية".
فأبدع "الفاجومى": "إسكندرية تانى.. وآه م العشق ياني.. والرمل الزعفرانى.. عالشط الكهرمانى.. وأنا المغرم صبابا.. باسكندرية يابا.. وفكرة كونى أنسى.. فى حكم الاستحالة".
ومن المواقف الغريبة، فى حياة "عميد الدراما"، قيام أحد أهم رجال الأعمال فى الإسكندرية فى عهد "السادات"، والمعروف عنه أنه جلب ثروته من تجارة المخدرات، بعرض شيك بـ"5 ملايين جنيه" لكتابة مسلسل عن قصة حياته، يمحو من خلاله الصورة السيئة المؤخوذة عن ثروته "سيئة السمعة"، فكان رد "عكاشة" غاضباً وعاصفاً: "أنت جاى تشترينى.. أنا ممكن اكتب مسلسل عنك بس هفضحك فيه". كان "عميد الدراما" ناصرياً، وكان ينتقد دائماً عصر الانفتاح "الساداتى" الذى أنشأ طبقة من أسوأ رجال الأعمال، الذين كان يصفهم بـ"الإقطاعيين الجدد".
ودخل "عكاشة" فى يوم ما، فى خلاف حاد مع عادل إمام، بسبب مسلسل "أرابيسك"، حيث كان من المفترض أن يقوم "الزعيم" ببطولة المسلسل، لكن فوجئ به "عكاشة"، يطلب تعديلات كثيرة على السيناريو، فاتصل به وقال له: "يا عادل أنا مش سيناريست مبتدئ عشان تطلب كل التعديلات دى.. وعموماً يا عادل أنت هتندم على المسلسل ده.. وفى يوم من الأيام هتيجى التليفزيون برجليك.. ومش هتلاقى عمل زى ده".
واستعان "عكاشة" بالعمدة صلاح السعدنى للقيام ببطولة المسلسل، والذى أبدع وتألق فيه، وندم "الزعيم" فعلاً فيما بعد. وفى أحد الحفلات، التقى عكاشة مع أحمد زكى، فى مطلع الألفية الجديدة، وقال لـ"زكى": "نفسى أعملك مسلسل يا أحمد.. بس مش هقدر عشان انت مجنون وممكن المسلسل يقعد 20 سنة عشان يتصور.. لأنك بتمل بسرعة".
وفى ليلة شتوية، كان يسير "عميد الدراما" على كورنيش الإسكندرية، ولم يكن التقى وقتها "عبير"، وصادفته سيدة "توشوش الودع" وقالت له: "هتجيلك حورية البحر اللى بتحلم بيها.. وهتموت فى حضنها".