ملفات
أبوالغيط: الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالمنطقة مهدد بشح المياه
جفاف الأراضي الزراعية لعب دورًا في إشعال الحرب في سوريا
تُشير تقارير إلى أن صنعاء يُمكن
أن تصير بلا ماء في عام 2019
قضية المياه تُمثل أولوية وطنية
وقومية
حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط من خطورة الشح المائي في المنطقة وتأثيره على الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي والاجتماعي .
وأشار أبو الغيط ، في كلمته أمام الدورة
الثامنة لمجلس وزراء المياه العرب التي انطلقت أعمالها اليوم الأربعاء بمقر الأمانة
العامة للجامعة العربية برئاسة السودان، إلى أن هناك ما يُشبه الاجماع في الوسط العلمي
على أن جفاف الأراضي الزراعية وفساد المحاصيل لعب دوراً في إشعال الحرب في سوريا.
وقال أبو الغيط " إن الجفاف دفع
1.5 مليون فلاح سوري للهجرة من الريف إلى المدن، مما أصاب البنية الاجتماعية باضطراب
شديد وذلك انعكاسا لما يُمكن أن يتسبب فيه نقص المياه من قلاقل سياسية واجتماعية".
ونبه أبو الغيط في الإطار ذاته إلى أن الوضع
في صنعاء لا يختلف كثيراً حيث تُشير تقارير إلى أن العاصمة اليمنية يُمكن أن تصير بلا
ماء في عام 2019.
وحذر أبو الغيط من مكامن الخطر في الأحواض
النهرية الأخرى، سواء في دجلة والفُرات الذي يفقد ماء أكثر من أي مكان آخر في العالم،
ربما باستثناء شمال الهند، أو في نهر الأردن أو غيرها، مؤكدا خطورة هذه الملفات وخطورتها
على الحاضر والمستقبل.
وأكد أبو الغيط أن قضية المياه تُمثل أولوية
وطنية وقومية لدى كل دولة من دولنا، ولدى الأمة العربية في مجموعها، معتبرا أن مسألة
نُدرة المياه لم تعد فقط من قضايا المُستقبل، بل من هموم الحاضر المُلحة والضاغطة.
وأوضح أن موارد المياه العذبة في العالم
العربي تُعد ضمن الأقل في العالم من بين 33 دولة تُمثل الدول الأكثر معاناة من الشُح
المائي في العالم حيث أن هناك 14 دولة عربية تراجعت حصصها من المياه بنسبة الثلثين
خلال الأربعين عاماً الماضية، ومن المتوقع أن تنخفض بنسبة 50 في المئة أخرى بحلول عام
2015.
وقال أبو الغيط " إن أبعاد الأزمة
لم تعد خافية على أحد، فالسُكان يتزايدون بمعدلاتٍ مُتسارعة في أغلب بلدان العالم العربي
بينما الموارد المائية ثابتة، بل إنها تتراجع في بعض الأحيان سواء في حجمها أو نوعيتها،
مشيرا إلى أن النتيجة هي أن نصيب الفرد من المياه يُدخل معظم بلدان المنطقة، إن لم
يكن كلها في دائرة الفقر المائي ، لافتا إلى أن نصيب الفرد من المياه في مصر تراجع
من 2500 متر مكعب في عام 1947، إلى 660 مترا مكعبا حاليا.
وقال أبو الغيط إن "المسألة المائية
صارت وثيقة الصلة بالاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي والاجتماعي في بلداننا"،
مشيرا إلى أنه منذ عام 1998 تعرضت منطقة الشام لموجة حادة من الجفاف ليس لها سابقة
منذ 900 عام تقريباً.
ولفت إلى أن الاتصال بين المياه والسياسة
ليس جديداً على المنطقة حيث أن المياه تُمثل وجهاً رئيسياً من أوجه الصراع العربي-الإسرائيلي،
مشيرا إلى أن مؤتمر القمة العربي الأول الذي عُقد في عام 1964 جاء في الأساس رداً على
محاولات إسرائيلية لسرقة المياه العربية في نهر الأردن.
وأشار إلى أن القادة العرب أقروا في القمة
العادية التي عُقدت في موريتانيا في يوليو الماضي خطة تنفيذية لاستراتيجية الأمن المائي
في المنطقة العربية، بهدف مواجهة تحديات ومتطلبات التنمية المُستدامة، داعيا وزراء
المياه العمل بكل سبيل على تنفيذ ما جاء بهذه الخطة بالتعاون مع المنظمات العربية المتخصصة
والدول المانحة والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة.
وأكد أبو الغيط أن الطاقة والماء والغذاء
تشكل ثلاثية متصلة مترابطة تحتاج إلى تعاطٍ حديث ورؤية مُستقبلية تأخذ في الاعتبار
مصالح الأجيال الحالية، والمُستقبلية ورفاهتها، منوها إلى ان هناك مُباردة إقليمية
تسعى إلى الربط بين هذه العناصر الثلاثة، وانخراط الدول العربية في هذه المبادرة سيهيء
لها التعاطي مع تحديات التنمية المُستدامة بصورة تستند إلى الأسلوب العلمي والتخطيط
الدقيق.
ودعا أبو الغيط إلى تعزيز القدرات التفاوضية
للدول العربية بشأن الموارد المائية المُشتركة مع الدول غير العربية خاصة في ضوء كون
عدد من الدول العربية الرئيسية دول مصب وعبور للأنهار التي تقع منابعها خارج حدود العالم
العربي، كما دعا إلى بحماية الحقوق المائية العربية.
ومن جانبه ، أكد معتز موسى وزير الموارد
المائية والري والكهرباء رئيس الدورة الجديدة للمجلس أهمية تعزيز التعاون في مجالات
المياه والزراعة والطاقة باعتبارها "فريضة الساعة" من أجل النهوض بالتنمية
في المنطقة العربية خاصة في ظل التحديات الراهنة.
وأشار إلى أهمية البنود التي يبحثها المجلس
وفي مقدمتها استراتيجية الأمن المائي العربي، مؤكدا على أهمية هذه الاستراتيجة كونها
تمثل خارطة طريق وافية تساعد في النهوض بالموارد المائية العربية.
وبدوره، دعا الدكتور عبد الحسين بن علي
ميرزا وزير شؤون الكهرباء والماء في مملكة البحرين "رئيس الدورة السابقة للمجلس"،
إلى العمل على توفير شبكة معلومات متكاملة على الموارد المائية وإعداد "بنك معلومات"
متطور يتم من خلاله جمع البيانات والمعلومات ويكون بمثابة الأساس العلمي السليم لتقييم
الموارد ووضع تخطيط متكامل لاستعمال الموارد المائية .
وعبر "ميرزا" ، في كلمته أمام
المجلس، عن تهنئة بلاده لقرار القمة العربية الأخيرة في نواكشوط باعتماد الخطة التنفيذية
لاستراتيجية الأمن المائي العربي لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة
في الوطن العربي والتي اعتبرها "خارطة طريق للدول العربية للنهوض بقطاع المياه
وأمنه وأداة لتحقيق الاستدامة من خلال تعاون الدول العربية ودعم المبادرات المشتركة
وتعزيز قدرات كل دولة من أجل تحقيق إدارة رشيدة ومتكاملة وفعالة للموارد المائية .
ودعا "ميرزا" المجلس للتوصل إلى
توافق عام بشأن مشروع الاتفاقية الإطارية الخاصة بتنظيم الموارد المائية المشتركة بين
الدول العربية والاستمرار في عرض التجارب الرائدة والناجحة التي قامت بها الدول في
مجال الموارد المائية حتى يتثنى من الجميع الاستفادة منها في نقل الخبرات والتجارب.
ومن ناحيته، حذر حسن الجنابي وزير الموارد
المائية العراقي ، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمجلس ، من الانتهاكات التي تتعرض
لها مياه الرافدين وعمليات التدمير بسبب أعمال الإرهاب التي يمارسها تنظيم "داعش"
.
كما حذر "الجنابي"، من السيطرة
المفرطة لتركيا على منابع الرافدين وتعثر التوصل إلى اتفاق دائم حول قسمة المياه.
وقال "الجنابي" إن السنوات الثلاث
الماضية شهدت استهدافا لمنشآت الري وتوليد الكهرباء على أيدي تنظيم "داعش"
الإرهابي الذي يقود حربا ضد المدنيين وعرّض ممتلكات السكان لأخطار الغرق والجفاف والموت
فضلا عن النزوح والهجرة.
وحذر "الجنابي" من أن تركيا أوشكت
على تشغيل سد "أليسو" على نهر دجلة والذي سيستهلك أكثر من نصف الموارد المائية
للعراق ، معلنا استعداد بلاده للتفاوض مع تركيا لتقليق ودرء مخاطر هذا السد على العراق
، وقال "إننا نرغب في الحفاظ على مسار العلاقات المائية مع تركيا "باردا"
ومنفصلا عن الجوانب السياسية والأمنية" .
وطالب "الجنابي" في مشروع قرار
قدمه إلى المجلس بضرورة الحفاظ على الحصص المائية والتوصل إلى حلول بشأن تقسيم المياه
وفق أسس متفق عليها ، كما طالب المجلس الوزاري العربي للمياه بإصدار قرار يجرم استخدام
منشآت الري في الحروب خاصة "الأحواض المشتركة" طالما لم يتم التوصل إلى اتفاق
بهذا الشأن.
ودعا إلى خلق موقف عربي موحد أمام المحافل
الدولية لمواجهة التحديات المختلفة بشأن الموارد المائية وتعزيز التعاون العربي في
هذا المجال والاستفادة من نقل التكنولوجيا في هذا المجال.
على صعيد آخر، تم الإعلان، خلال الجلسة
الافتتاحية للمجلس ، عن فوز باحثين مصريين بالجائزة الثالثة للمجلس الوزاري العربي
للمياه للعام 2016 "مناصفة" تحت عنوان "الإدارة الذكية للموارد المائية
" من بين 28 بحثا من مختلف الدول العربية فيما تم حجب الجائزتين الأولى والثانية.