ملفات
ملف الأطفال المفقودة.. الـ"كيبورد" يعيد ما شتته القدر لعدة سنوات
أهالى
حيارى يفتشون بين ذرات الغبار عن خيط رفيع يرشدهم إلى مثوى أبنائهم التائهين، يقضون
الأيام والشهور والسنين فى البحث لم يتركوا محلًا إلا ودقوا بابه، اليأس وجد السبيل
ليتسلل إلى قلوبهم، الهمم وهنت وما عدت تقوى على الإنتظار إلا أن القلب مازالت نيرانه
ملتهبه تدفعه بقوة، ليجد طريقه لم يكن يتوقع أن صفحات مواقع التواصل الإجتماعى
"فيس بوك" هى المجمع لما شتته القدر.
نقضى ساعات وساعات على "فيس بوك" معتقدين
أنها وسيلة للترفية والتواصل مع الأصدقاء فى أمور شخصية أو للهو أحيانًا، ولكن لم يكن
أحد يعتقد أن تلك الأدوات البسيطة مثل "الكيبورد" لديها القوة التى تعيد
بها أطفال إلى أحضان ذويهم بعد سنوات من الفقد والبحث والفراق.
"صفحة
أطفال مفقودة" بدأت فى نشر صور أطفال ضلوا ذويهم وضاعت سنين العمر فى معزل عن
أحضانهم، وحينًا ثم الأخر بدأ رواد مواقع التواصل الأجتماعى فى التفاعل معها وتقديم
ما بوسعهم من مساعدات، حتى كلل الله عملهم بالنجاح بعودة محمد عبد الله احمد بعد تغيبة
عن أهله لمدة 22 عامًا.
"محمد"
طفل يلعب أمام بيته في قرية النواوره مركز البداري بأسيوط، ليختفى فى غضون لحظات و
تبدأ رحلة أهله فى البحث عنه ولكن طالت رحلتهم لتستمر 22 عامًا من عمره،عثرت عليه سيدة
تدعي "شادية" اعتنت به لفترة ثم سلمته لدار رعايه، وتتكفل به سيدة أعمال
حتى يكمل دراسته بكلية الحاسبات ونظم المعلومات.
تخرج
محمد فى الكلية أخذًا عهد على نفسه أن يبحث عن أهله، فأرسل قصته وصورته إلى بعض صفحات
"فيس بوك" وقام بدورهم فى نشرها حتى وصلت إلى الأيدى المطلوبة، أحد أفراد
عائلته تعرف عليه من خلال بعض العلامات المميزة فى جسمه والتى ذكرها محمد فى نص رسالته.
قصصًا أشبه بالخيال، الأم من سوريا والأب مصرى الجنسية
تزوجا بالعراق منذ 19 عامًا، تدور الأيام ويأخذ الأب ولديهسعد فايز عبد الحميد عمره
ثلاث سنوات وأخيه الأصغر عامين ونصف ويعود بهما إلى مصر، يتوفى الأخ الأصغر ويليه الأب،
ويتولى رعايته عمه الذى توفى بعدها بعشر أعوام.
أصبح
"سعد" وحيدًا بعدما وصل لعمر الثامنة عشر لا يجد من يؤنس وحشته، فقرر أن
يبحث عما دفنه الزمن والدته التى حرم من أحضانها فى عمر صغير، فبعد سماعه عن الصفحات
التى تساهم فى عودة الأطفال قرر أن ينشر قصته خلالها وبالفعل تعرف عليه أحد جيران الأسرة
القدامى والذى أخبر الأم بما رأه، لم تصدق للوهلة الأولى ولكن بعد رؤيته عرفت أنه ابنها
الذى حرمت من رؤيته لسنين طويلة.
لم
تقف قوة السوشيال ميديا عند هذا الحد، فما كان الطفل مروان الأن فى حضن والده إلا بفضلها،
نشرت صفحة "أطفال مفقودة" صورًا له مرارًا وتكرارًا حتى تعرف شخص ما على
صورته وأنه داخل دار رعاية بمنطقة أبو قتاتا، ذهب المسئول عن تلك الصفحة إلى الدار
وعرض صورته على المشرفين وعلى الفور تعرفوا عليه خاصة مع وجود علامة مميزة فى قدميه
أهداهم إليها والده.
"مروان جاب الله العزوني" ضل عن والدته خلال تسوقهما منذ 7 سنوات، سقطت أرضًا مصابه بالشلل فى نفس اللحظات التى اختفى فيها مروان ولم يكن يعلم أنه تم اصطحاب والدته إلى المستشفى حينها، وبعدها بفترة رحلت والدته إلى بارئها بعد سنين من اللام البحث والبعد.
ليس عبثًا إذا قلنا أن تلك الصفحات تقوم بدور جهاز الشرطة بل تفوقت عليه أحيانًا، الطفل عمرو لم يتخطى العامين من عمره تم اختطافه من قبل متسولة خلال قضاء عائلته العطلة الصيفية بمدينة رأس البر ظلت الأسرة تبحث عنه يوميًا محررين محضرًا بالواقعة وسجلت غيابيًا لعدم التعرف على هوية الخاطفة.
مرت ست سنوات حتى أصبح عمر الطفل 8 أعوام، ويشاهد خاله صورته على صفحة أطفال مفقودة ملاحظًا الشبه الكبير بينه وبين ابن أخته المفقود منذ 2010، وعلم خاله أنه تم العثور عليه بجوار متسولة لم تستطيع اثبات بنوته لها فتم القبض عليها ووضع الطفل فى دار رعاية، حتى ذهبت الأسرة إلى مقر ذلك الدار وتأكدوا من أن ذلك الطفل هو ابنهم عمرو.