منوعات
أوروبا تتطلع إلى تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق
ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد،
يقودها الذكاء الاصطناعي المتقدم والروبوتات، فقد نادى أعضاء البرلمان الأوروبي لوضع
تشريع يتعلق بهذا الوضع.
في 12 يناير، صوتت لجنة الشؤون القانونية
في البرلمان الأوروبي بأغلبية 17-2، مع امتناع عضوين عن التصويت، بالموافقة على تقرير
تمت صياغته في مايو بعنوان: اقتراح مشروع لقانون من البرلمان الأوروبي مع توصيات للجنة
القوانين المدنية للروبوتات. وفي الشهر المقبل، سيجتمع كامل البرلمان الأوروبي للتصويت
على المقترحات الأولية، والتي يجب أن تحصل على موافقة الأغلبية العظمى.
يقول التقرير إن العالم الذي نعرفه يوشك
على التغير بصورة جذرية، ويلحظ أن مستوى تعقيد التكنولوجيا الحالية "لن يترك أي
شريحة اجتماعية على حالها". ولهذا، من الضروري إيجاد تشريع يؤمن الاستقرار الاجتماعي
والأمان للبشر.
تقول مؤلفة التقرير مايدي ديلفو، عضو البرلمان
الأوروبي من اللوكسمبرج: "تؤثر الروبوتات بشكل متزايد على الكثير من نواحي حياتنا
اليومية، ومن أجل التعامل مع هذا الواقع، وضمان بقاء الروبوتات على الدوام في خدمة
البشر، فنحن بحاجة لتشكيل هيكلية قانونية أوروبية صلبة، وبشكل مستعجل".
ومن ضمن النقاط المهمة التي تضمنها التقرير:
إحداث وضع قانوني للروبوتات، بحيث يوصف
الروبوت بأنه "شخص إلكتروني"، مما يقتضي وجود حقوق وواجبات قانونية للآلات،
وهي إلزامية التحقيق. أي أن الروبوتات ستتحمل مسؤولية القرارات التي تتخذها، خصوصاً
إذا كانت مزودة بالتحكم الذاتي.
آلية إطفاء قسري لجميع الروبوتات، تقوم
بإطفاء جميع وظائفها وآلياتها بالكامل عند الضرورة.
قيود على الروبوتات لضمان إطاعتها كل الأوامر،
إلا إذا كانت تؤدي بها إلى إيذاء البشر أو إيذاء نفسها بشكل مادي، وذلك عبر تأدية فعل
معين أو الامتناع عن تأدية فعل آخر.
إضافة إلى ضمان نجاة البشر في حال وقوع
سيناريو تمرد آلي، كما في فيلم Terminator،
يقترح التقرير أيضاً تشريعات لأشياء قد تتأثر بالروبوتات بشكل غير مباشر.
يشير التقرير إلى أنه - وعلى الرغم من أن
الروبوتات والذكاء الاصطناعي قد تقود إلى "ازدهار يكاد يكون غير محدود" بأتمتة
العديد من الصناعات - فإن هذا سيؤثر على العمالة بشكل كبير. وفي الواقع، فقد بدأت إحدى
أكبر الشركات الصناعية في الصين بالانتقال إلى أسلوب العمل المؤتمت، وتسريح أعداد كبيرة
من الموظفين. ويقترح التقرير أن تطبيق الدخل الأساسي الشامل قد يكون وسيلة لمواجهة
هذه البطالة.
يعالج التقرير أيضاً مسائلَ حساسة، مثل
مسألة الخصوصية البشرية وذلك لأنه يمكن وضع أجهزة تسجيل داخل الآلات، ويعالج مسألة
الاحترام، لأن هذه الروبوتات قد يتم تكليفها بمهام الرعاية. ويقترح التقرير أيضاً أن
المسؤولية القانونية للروبوت يجب أن تكون متناسبة مع مستوى الأتمتة و"التعليم"
لها، بحيث يتحمل مالكو الروبوتات المزيد من المسؤولية عن أفعالها كلما طالت فترة تدريبهم
لهذه الروبوتات.
يقع جزء كبير من عبء المسؤولية أيضاً على
عاتق مصممي هذه الآلات المعقدة، ويقترح التقرير المزيد من المراقبة الدقيقة والشفافية،
ويمكن تحقيق هذا بتسجيل الآلات وتأمين الوصول إلى رمازاتها البرمجية الأساسية. ويقترح
التقرير تشكيل لجنة أخلاقية، بحيث يتم إلزام المصممين بتقديم تصاميمهم إليها قبل التنفيذ.
عموماً، ينظر الناس حالياً إلى الروبوتات
عالية الذكاء على أنها بدعة جديدة أكثر من كونها تهديداً. ولكن نظراً لوتيرة التطور
التقني في هذا الحقل، يعتقد الكثير من خبراء التكنولوجيا والاقتصاد أن استحواذ الروبوتات
على كافة نواحي الحياة قد يصبح حقيقة واقعة قريباً. وبالتأكيد، لا يمكن أن نلوم أعضاء
البرلمان الأوروبي على بذل الجهد للاستعداد لمستقبل قد لا نجد مهرباً منه.