طباعة
sada-elarab.com/156379
على الرغم من التحديات الاقتصادية في البحرين ودول المنطقة بل والعالم أجمع، إلا أن هناك أناسًا لا يعترفون باليأس ويبذلون جهودًا مخلصة تستطيع أن تحقق نجاحًا يتجاوز الأزمات كافة، ولو قرأنا سجلاتهم فسنجد قصصًا تصلح لأن تمثل طاقة إيجابية لمن امتطوا ناقة السلبية والتشاؤم.
إنها قصة نجاح وقعت بين يدي وقرأتها بالمصادفة، ومع أنها لم تكن مدونة بأسلوب أدبي، إلا أن أرقامها حملت في طياتها كفاح من سطروها واقعًا لمجموعة من المواطنين الشرفاء والمخلصين من أهل بحرين الخير والعطاء.. إنهم المعدن الأصيل لهذه الأرض، وسأظل أكتب عن تلك الكوادر لأنها تمثلنا نحن أبناء البحرين الاوفياء.
القصة عثرت عليها بين أرقام التقرير المالي للجمعية العمومية لجمعية الحد الاستهلاكية، والتي كانت قد نُسجت حولها قصة تفيد بأنها في طريقها للإغلاق بسبب الخسائر، وهو ما نفته الجمعية وردت عليه بأرقام موثقة وتقرير أدبي ومالي بمناسبة انعقاد جمعيتها العمومية، إذ أكدت أنها تحقق أرباحًا عامًا بعد آخر.
فقد جاء التقرير بأرقام ربحية صافية في عام 2017 بلغت 285 ألف دينار، وزادت الأرباح الصافية في الحساب الختامي للعام 2018 لتصل إلى 306 آلاف دينار، وذلك بعد خصم التكاليف والرواتب والإيجارات.
ولا بد قبل أن نسرد جهود مجلس إدارة والعاملين في تلك الجمعية الاستهلاكية، أن نشير هنا إلى كم التحديات التي واجهتها في العامين المشار إليهما في التقرير «2017-2018»، إذ واجهت الجمعية الاستهلاكية منافسة شديدة في السوق المحيط بها، بافتتاح أكبر مجمع تجاري ضخم وهو الأشهر عالميًا، فضلاً عن وجود شركتين لبيع للمواد الاستهلاكية في السوق البحريني معروفتين للجمهور بالقرب من مدينة الحد، أضف إلى ذلك تضاعف أعداد السوبرماركتات والبرادات في المنطقة، ما يزيد من حجم المنافسة ويضاعف التحديات أمام جمعية استهلاكية بسيطة.
لكن رغم كل هذه التحديات والظروف المعيشية الصعبة التي أثرت أيضًا على القوة الشرائية للمواطن، تواصل الجمعية تحقيق أرباح سنوية، وهو ما يجعلنا نثمّن جهود مجلس الإدارة الذي يُعد مثالاً يُحتذى به في مجالس الإدارة الناجحة والمخلصة في عملها التي تسعى لتحقيق مصالح المساهمين، فهذه الإدارة واجهت تحديًا عندما ألزمها القضاء برفع إيجار الفرع الشمالي أو إخلائه، واتخذت قرارًا شجاعًا بالاكتفاء بالفرع الجنوبي وإخلاء الشمالي؛ تفاديًا للخسائر وحفاظًا على مصالح المساهمين، وذلك بعد دراسة عملية للوضع الحالي في المنطقة، قرّرت على إثره الإدارة تركيز جهودها في فرع واحد يقلص النفقات ويحقق مكاسب مادية عالية ويحسن الأداء.
ولم تقف الجمعية عند حدود البحث عن الربح فقط، بل إنها طبقت مفهومًا يجب أن يُدرّس في منهجية عمل المؤسسات الصغيرة، خاصة الأهلية التشاركية، وقد طرحت في مقال سابق فكرة الجمعيات الأهلية التشاركية ودورها في تعزيز المجتمع وخلق حالة اجتماعية، خاصّة بين أهالي المناطق وبعضهم بعضًا.
فقد ألزم مجلس إدارة جمعية الحد الاستهلاكية نفسه بأن يخرج من أرباحه «زكاة المال للجمعية» التي رصدت بقيمة 16 ألف دينار عن أرباح العام 2018، وهي فكرة تبحث لها عن استنساخ في المؤسسات الربحية كافة؛ لأننا لم نسمع عنها كثيرًا إلا في سجل نجاح هذه الجمعية الأهلية.
وذكر الكتيب أيضًا مسارات صرف تلك الزكاة سواء في مملكة البحرين أو خارجها، فقد استفاد منها العاملون في محطة البترول والعاملون البسطاء في الجمعية، وخرج جزء كبير منها لمساعدة الفقراء بالتبرع إلى جمعيات خيرية كثيرة في البحرين، وتجاوزت الحدود لتصل إلى بعض الدول العربية وإغاثات في مناطق أخرى حول العالم.
شكرًا لجمعية الحد الاستهلاكية، والشكر موصول لمجلس إدارتها وللعاملين فيها، ونتمنى أن نرى أمثلة كثيرة منها في البحرين لتعطينا الأمل في المستقبل رغم الصعوبات والتحديات.
*محمود المحمود
رئيس تحرير جريدة الديلي تربيون الإنجليزية