ملفات
مطبعة بولاق عضوًا في الجمعية الدولية لمتاحف الطباعة بكوريا الجنوبية.. أكتوبر المقبل
الجمعة 31/أغسطس/2018 - 02:30 م
طباعة
sada-elarab.com/112015
"مطبعة بولاق" أخرجت المصريين من "ظلمة الجهل" إلى "نور المعرفة"
"مكتبة الإسكندرية" تدرس إنشاء متحف خاص بمقتنيات "بولاق" خارج المكتبة
تعد مطبعة بولاق أول مطبعة رسمية حكومية تنشأ على الإطلاق، أحدثت ثورة تنموية في الفكر، سواء الفكر الثقافي او العلمي، وأخرجت المصريين من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة، فتفتحت عقول المصريين مما أدى إلى حدوث ثورة عرابي، كما شكلت نهضة ثقافية ونقلة حضارة في الوطن العربي والعالم أيضًا، كما أحدثت طفرة في الصحف الورقية فطبعت أول جريدة رسمية في الدولة وهي "الوقائع المصرية"، ومازالت حتى هذه اللحظة الجريدة الرسمية فى مصر.
وتم إهداء مكتبة الإسكندرية مقتنيات مطبعة بولاق من آلات، ومعدات، وماكينات طباعة، وإصدارات المطبعة النادرة، بهدف الحفاظ على تراث المطبعة القديم، وتستقبل المطبعة سنويًا طلبة الجامعة الأمريكية في زيارة أكاديمية يتم من خلالها شرح تاريخ المطبعة وأهم الخطوط الطباعية المستخدمة في طباعة كتبها، ويستقبل المعرض بالمكتبة الباحثين من جامعة Reading البريطانية، والتي تعتبر مركز تطوير دراسة التقنيات الطباعية عبر التاريخ.
"بولاق" أول مطبعة "رسمية حكومية" في "الشرق الأوسط"
يقول الدكتور أحمد منصور، نائب مدير مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية، إن مطبعة بولاق أو المطبعة الأميرية، تعد أول مطبعة رسمية حكومية تنشأ على الأطلاق، عملت على إحداث نقلة ليست نوعية فحسب بل نقلة كمية ومعرفية للعلم في المنطقة العربية بأسرها، فأخرجت المصريين من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة، فتفتحت عقول المصريين مما أدى إلى حدوث ثورة عرابي.
وأوضح "منصور"، أن المطبعة أنشأها محمد علي باشا عام ١٨٢٠م، كما هو ثابت باللوحة التذكارية لتأسيس للمطبعة، مشيرًا، أن محمد على استهل حكمة بإنشاء جيش نظامي يحكم به سلطتة على البلاد، وكان لابد لهذا الجيش من كتب يتعلم فيها التقنيات والخطط الحربية، فظهرت الحاجة الملحة لإنشاء مطبعة، لطباعة ما يستلزم من كتب قوانين وتعليمات للجيش.
وأشار "نائب مركز الخطوط"، أن محمد على بدأ التفكير في إدخال فن الطباعة إلى مصر منذ عام ١٨١٥م، حينما أرسل أول بعثة رسمية إلى مدينة ميلان في إيطاليا برئاسة نيقولا المسابكي لتعلم فن الطباعة، وحينما عاد نيقولا من بعثتة كان قادرًا على تشييد أول مطبعة حكومية رسمية في مصر.
مراحل إنشاء مطبعة بولاق
أكد نائب "مركز الخطوط"، إنه تم البدء في إقامة بناء المطبعة في سنه ١٢٣٥ه/١٨٢٠م، ولم يأت شهر ذو الحجة من نفس العام إلا وكان البناء قد تم تشييده، أما تركييب الآلات ووضعها في أماكنها فقد تم البدء فيه في سبتمبر عام ١٨٢١م، وتم الانتهاء منه في يناير عام ١٨٢٢م.
وأضاف "منصور"، أن فترة تجربة الآلات والخروف وتوزيع العمال عليها وتدريبهم على أعمالهم، استغرقت مده ٧ شهور، وبعدها بدأ العمل في المطبعة، وكانت عملية الإنتاج الفعلي فيما بين أغسطس إلى ديسمبر عام ١٨٢٢م.
ولافت "نائب الخطوط"، أن أول إصدارات المطبعة جاءت في عام ١٢٣٨ه/١٨٢٢م، ممثلة في "قاموس إيطالي-عربي" ملبية لفكر محمد على في ضرورة الانفتاح على أوروبا لاقتباس أسباب تقدمها.
من "صاحب السعادة" و "المطبعة السنية" إلى "الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية"
أوضح "منصور"، أن مطبعة بولاق تم تغير أسمها أكثر من مرة عبر العصور، فذكر أول إسم للمطبعة في اللوحة التذكارية لإنشائها حين ذكرت باسم "دار الطباعة"، ثم نجد في أول مطبوعاتها وهو القاموس العربي الإيطالي، أن اسمها في الجزء العربي من القاموس "مطبعة صاحب السعادة"، واسمها في الجزء الإيطالي هو "المطبعة الأميرية"، ولكن الأهم هو الجزء الثابت من الاسم وهو "بولاق".
وتابع: أنه في عام ١٨٦٢م، أهداها سعيد باشا إلى عبد الرحمن رشدي فتغير اسمها إلى "مطبعة عبد الرحمن رشدي ببولاق"، أو "مطبعة بولاق السنية" وذلك في عهد الخديوي إسماعيل، وفي عهد الخديوي توفيق تغير اسمها للمرة الثالثة ليصبح "مطبعة بولاق الأميرية"، ثم في عام ١٩٠٣م تغير إلى "المطبعة الأميرية ببولاق"، وفي عام ١٩٠٥م أصبح اسمها "المطبعة الأميرية بالقاهرة"، وبعد قيام ثورة ١٩٥٢م اهتمت حكومة الثورة بضرورة الاهتمام بالمطبعة الأميرية، ففي عهد الرئيس جمال عبد الناصر أنشئت وزارة الصناعة في عام ١٩٥٦م، وصدر قرار رئيس الجمهورية بإنشاء هيئة عامة للمطابع يلحق بوزارة الصناعة يطلق عليها "الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية".
نقل المطبعة من "بولاق" ل"إمبابة" لكبر حجمها
يقول أحمد منصور، إن مطبعة بولاق شُيدت في أول الأمر في الترسانة البحرية في الجزء الممتد على ضفة النيل اليمنى من الشمال إلى الجنوب إلى الشمال قليلًا من موقعها المعدل ببولاق.
وأضاف منصور، أنه بعد قيام ثورة يوليو ١٩٥٢م وجدت حكومة الثورة ضرورة الاهتمام بالمطبعة الأميرية، وتم التفكير في إنشاء مبنى جديد للمطابع وذلك لتلبية جميع طلبات الهيئات والمصالح الحكومية، وكذلك مسايرة التقدم في فن الطباعة باستبدال الماكينات القديمة بماكينات أخرى حديثة ذات سرعات عالية، مشيرًا، أنه في عام ١٩٥٨م تم الاتفاق على إنشاء هذا المبنى الجديد للمطابع الأميرية، وتم تخصيص مساحة قدرها ٣٠,٠٠٠ متر مربع من أرض مشتل التنظيم بإمبابة لإقامة المطبعة الجديدة عليها.
الأزمات التي مرت بها "بولاق" حتي إنشاء وزارة الصناعة وتحويلها لشؤون المطابع الأميرية
كشف نائب مركز الخطوط، أن مطبعة بولاق مرت بفترة من الركود منذ عام ١٨٨١م حتى ١٨٩٦م، وبالرغم من قيامها بكل ما احتاجت إلية الحكومة من أعمال الطباعة، فإنها لم تتقدم في أي ناحية من النواحي التقنية والإقتصادية بل وتدهورت تمامًا، كما قاست مطبعة بولاق من انشغال الحكومة بالثورة العرابية، حيث توقفت مطبعة بولاق عن العمل لفترة خلال الثورة العرابية واحتلال الإنجليز للبلاد، ونزح عدد كبير من الأجانب عن مصر، ومن بينهم عمال المطبعة من الفنيين.
وأضاف "منصور"، أنه استمر حال المطبعة بين التدهور والازدهار إلى قيام ثورة ١٩٥٢م، فمع قيام الثورة أنشئت وزارة الصناعة عام ١٩٥٦م، وضمت إليها مطبعة بولاق تحت مسمى "الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية"، ومازالت المطبعة حتى هذه اللحظة تلبي احتياجات الدولة من كافة المطبوعات، من استمارات الدولة الرسمية وامتحانات الثانوية العامة وغيرها، إلى جانب إسهامها في تنشيط حركة الطباعة والنشر في مصر والشرق الأوسط من خلال إصداراتها المختلفة.
سبب تأخر طبع المصحف الشريف
أكد أحمد منصور، أن السلطان سليم الثالث والسلطان أحمد في عهد الدولة العثمانية كانوا غير مقتنعين بفكرة الطباعة، بناءًا على فتوى أن الأحبار تحتوى على مواد منافية للطهارة وهي "دهن الخنزير"، فكانت هذه الفتوى هي السبب الرئيسي لعدم طباعة القرآن الكريم، وانطبع في عهد سعيد باشا ولكنه كان يحتوي على أخطاء فتم سحب النسخ واعدامها، وظهر أول مصحف مطبوع فى العالم الإسلامي في عهد الملك فؤاد عام ١٩٢٣م، وكتبه خطاط مصري اسمه محمد جعفر، ويوجد نسخة منه في متحف الفن الإسلامي، وتم طبع منه نسخ عديدة بعد ذلك بمطبعة بولاق.
مكتبة الإسكندرية والحفاظ على تراث مطبعة بولاق
أكد "منصور"، أنه بفضل المناقشات المثمرة بين مكتبة الإسكندرية ووزارة التجارة الخارجية والصناعة عام ٢٠٠٤م، تم الاتفاق على إهداء مكتبة الإسكندرية مقتنيات مطبعة بولاق من آلات، ومعدات، وماكينات طباعة، وإصدارات المطبعة النادرة، بهدف الحفاظ على تراث المطبعة القديم، والبدء في تنفيذ متحف دائم يضم هذه المقتنيات النفيسة.
وأضاف، أنه بعد استلام المكتبة لهذه المقتنيات، بدأنا في وضع خطة عمل، والتي تضمنت: "ترميم الماكينات القديمة، واختيار أنسب القطع المكتملة والمجسدة لتطور مراحل العمل في المطبعة، قام الفريق البحثي بإعداد كتالوج مصور لهذه الماكينات، وتروها، وكيفية تشغيلها، ودورها في تطوير سياسة العمل بمطبعة بولاق على مدار تاريخها، ويوثق تاريخ الطباعة في مصر".
وتابع: "قام الفريق البحثي بفتح قنوات اتصال مباشرة مع متاحف الطباعة في العالم، وخاصة في إيطاليا، وفرنسا، حتى استطاع الحصول على بعض المواد العلمية المهمة في عملية توثيق مقتنيات المطبعة من الماكينات والآلات، مشيرًا، أنه إيمانًا من رسالة مكتبة الإسكندرية بدورها في نشر العلم والمعرفة؛ فقد قام الفريق البحثي بإعداد متحف لتاريخ مطبعة بولاق، تحت إشراف مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية، حيث اُفتتح رسميِّا للجمهور عام ٢٠٠٧.
وصف معرض مقتنيات مطبعة بولاق داخل مكتبة الإسكندرية
وقال منصور، إن المعرض يضم النص التأسيسي لمطبعة بولاق في عهد محمد علي، ثم نجد وحدة عرض تضم كل من العدد الأول من الوقائع المصرية، ونماذج الأحرف الخشبية ثم نجد خلفها خزينة الأختام الخاصة بمحمد علي وأسرتة وهي تعود إلى عصر إنشاء المطبعة، آلة الطباعة الحجرية Lithograph، أمامها نجد نموذج من قالب الطباعة الحجرية، وإلي الأمام منها نجد ماكينة الطباعة اليدوية "جولدينج"، ثم تدخل الطباعة مرحلة أخرى، وهي مرحلة الطباعة بالأحرف الرصاص لذلك نجد وحدة العرض خاصة بالأحرف الرصاص، وأمامها نجد مقص الأحرف الرصاص، ثم إلى الخلف نجد ماكينة الجمع الآلي اللينوتيب إلى جانبها نجد ماكينة آلة طبع الأظرف، ثم نجد أكلاشيه النسر والصقر ثم مكبس التذهيب، ثم نجد وحدات عرض تعرض مجموعة من الكتب، ثم في الصف الأمامي نجد ماكينة طبع البروفات، إلى جانبها خلف العمود نجد نص التجديد الخاص الخديوي توفيق، قم نجد وحدات عرض تعرض مجموعة من الكتب، وإلى الأمام نجد كشف الخصور والانثراف وبطاقة أحد العاملين، وإلى جانبها نجد العدد الأول من الجريدة الرسمية، وإلى الخلف منها نجد ماكينة التسطير.
مطبعة بولاق بمكتبة الإسكندرية بعضوية الجمعية الدولية لمتاحف ومعارض الطباعة
قال "منصور"، أنه تم اختيار المعرض الدائم لتاريخ الطباعة معرض مطبعة بولاق بمكتبة الإسكندرية عضوًا في الجمعية الدولية لمتاحف الطباعة في الافتتاح الرسمي لها بكوريا الجنوبية أكتوبر المقبل.
وأضاف، أن مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية، أصدر كتابًا توثيقيًا لتاريخ المطبعة، ونظرًا لدور مطبعة بولاق في توثيق تاريخ الطباعة وتاريخ الكتابة -الكتابة والطباعة وجهان لعملة واحدة- في مصر والعالم العربي، فقد تم اختيارها في عام ٢٠١٨ عضوًا مؤسسًا في الجمعية الدولية لمتاحف الطباعة على مستوى العالم.
مكتبة الإسكندرية تدرس مقترح لإنشاء متحف خاص ببولاق خارج المكتبة
كشف نائب مركز الخطوط، أن مكتبة الإسكندرية تدرس مقترح لإنشاء متحف خاص بمقتنيات مطبعة بولاق خارج المكتبة، وإضافة ٥ قطع جديدة تتبع المطبعة منها الآلات الكاتبة وماكينات الأوفست.
يذكر، أن الدكتور أحمد منصور حصل على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية في فرع آثار وتاريخ "مناصفة" عن كتاب "مطبعة بولاق" عام ٢٠٠٧م.