طباعة
sada-elarab.com/111195
قيل قديماً إن السفر ميزان الأخلاق فتنكشف الأخلاق في ساعة الشِّدة، وقيل أيضا إن بداية الطريق الصحيح الأخلاق، ولكن واقع حياتنا الحالي هو ما عبر عنه المسرحي الألماني برتولت برشت بمقولته «في البدء يكون الخبز، ثم تكون الأخلاق» وهذا للأسف هو أصدق ما قيل عن الأخلاق في هذا الزمن.
الأخلاق هي التخصص الوحيد الذي لن تجده يدرس في أي من جامعات العالم، وقد يتفوق فيه عامل النظافة ويرسب فيه المتفوقون في الدراسة، ولقد تقدمت اليابان حين أقرت مادة إلزامية ضمن مناهج الدراسة للأطفال بعنوان الطريق إلى الأخلاق، وانعكست تلك المادة على تعامل اليابانيين مع بعضهم البعض ومن ثم مع الآخرين وكانت بداية العلم والتقدم لهم من نهج الأخلاق.
ولا أضيف معلومة حديثة عندما أؤكد أننا لدينا منهج أفضل من الذي في اليابان، لكننا نسيناه وابتعدنا عنه واستخدمناه في المظاهر وتم استغلاله لتحقيق مصالح دنيوية، ألا وهو ديننا الحنيف الذي بُعِث رسولنا صلى الله عليه وسلم به ليتمم مكارم الأخلاق، ففي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة المنهج الكامل والوافي الذي لا يضاهيه أي منهج دنيوي، لكن بسبب الاستغلال السيئ والانتهازية في استعماله من قبل البعض، حيث أصبح المظهر الأخلاقي لبعض الناس محل تشكيك لتنعكس الامور وتنقلب.
فالبعض استغلوا الدين والشرع ليلبسوا ويتلبسوا أثواب المتقين وأصحاب الخلق الحسن، فمع الاسف الشديد قد تجد تاجرا يطلق لحيته ليبيع من خلالها بضاعته مستغلا ثقة الناس في أخلاق ومكارم الملتحين وهناك أمثلة كثيرة على ذلك.
كما هو من المؤسف كثيرا ما تجد هذا النمط من البشر في بعض مواقع العمل وخاصة في القطاع العام، فعندما يعتقد بعض الموظفين أن وظيفتهم لا تستحق بذل الجهد الكافي لأن الراتب لا يستحق منهم التعب والإخلاص في العمل، ويصل لمرحلة الإهمال وعدم الاكتراث وبالتالي تعطيل مصالح الناس والجلوس في المكاتب فقط لمتابعة الهواتف والرسائل في وسائل التواصل الاجتماعي.
إن أخلاق الإنسان وخُلُقَه هما الفيصل فيما بين من يعرف دينه جيدا ومن يتلاعب به، فليس الدين إلا إتمام لمكارم الأخلاق وإعمال لها في كل ساعات اليوم، ففي إخلاص العمل عبادة، وفي حسن الخلق ومعاملة الناس بالحسنى وقضاء حوائجهم والسعي بصدق لمساعدتهم عبادة.
ودائماً ما نتساءل... لماذا لم نتقدم مثل الدول الأخرى، ولماذا هم أفضل منا في بعض مناحي الحياة، وننسى أننا فرطنا في مسببات التقدم وهي الأخلاق التي هي أساس الدين ومحور ارتكازه ودفتي كتاب الله تعالى، بينما تمسكوا هم بها دون أن يكونوا مسلمين، واحترموا القوانين الوضعية دون أن يحتكموا لكتاب سماوي.
ولو بحثنا في القرآن الكريم عن عدد تكرار قوله تعالى «الذين آمنوا وعملوا الصالحات» سنجدها جاءت في 20 موضعاً فتكررت 3 مرات في سورة البقرة ومثلها في سورة النساء، ومرتين في المائدة ويونس وهود والكهف، ومرة واحدة في سور آل عمران والأعراف والرعد ومريم والحج، وجاور الله تعالى الإيمان بالعمل الصالح وألزمهما ببعض لنعلم أن العمل الصالح هو الشرط التالي للإيمان ليتم به وعبره الجزاء بالجنة، التي وعدنا الله سبحانه وتعالى وإياكم بها.