منوعات
باحثون ينجحون في تشغيل الدوائر العصبية وإيقافها دون عمليات جراحية
الخميس 12/يوليو/2018 - 11:56 ص
طباعة
sada-elarab.com/104577
في متاهات أدمغتنا، تتعدد المسارات التي تسافر بها الإشارات العصبية، إلا أنها تنحرف لدى المصابين بالأمراض العصبية والنفسية والاضطرابات، كاضطراب الوسواس القهري أو الصرع أو باركنسون. وفي إطار الجهود الساعية لاستهداف المسارات المتسببة في تلك الأمراض بدقة أكبر، طور الباحثون استراتيجيات علاجية جديدة، غير أنها غالبًا تستدعي عمليات جراحية.
وفي هذا الصدد، بحث ميخائيل شابيرو في مختبره سبل تشغيل الدوائر العصبية، وهو أستاذ مساعد في الهندسة الكيميائية من معهد كاليفورنيا للتقنية «كالتيك» وأظهرت استنتاجاته الأخيرة إمكانية تشغيل الدوائر العصبية وإيقافها بصورة انتقائية مستقبلًا دون الحاجة إلى الجراحة. ونشر شابيرو دراسته في مجلة نيتشر بيوميديكال إنجينيرنج، وشرح من خلالها وسيلة تعديل تشكيل الذاكرة في الفأر، وتنطوي على ثلاث طرائق علاجية، وهي الموجات فوق الصوتية والعلاج الجيني والعقاقير.
وصرح شابيرو " اعتمادًا على الموجات الصوتية والتقنيات الجينية المعروفة، دون اللجوء إلى الجراحة، تحكّمنا للمرة الأولى في مناطق دماغية محددة وخلايا عصبية، وحددنا كذلك متى تعمل تلك الخلايا ومتى تتوقف عن العمل". وتشكل نتائج شابيروا فائدة كبيرة للعلاجات المستقبلية المتخصصة بالحالات العصبية والنفسية، وللأبحاث الأساسية على الحيوانات.
ليست فكرة تصويب الدوائر العصبية بدقة جديدة تمامًا، فمثلًا يستخدم الضوء في علم الوراثة البصري في التحكم بمناطق دماغية عبر ألياف بصرية مزروعة، وتمثل الموجات الصوتية الجانب الابتكاري الذي اتبعه شابيرو، فعلاوة على دراسته الأخيرة، استخدم شابيرو الموجات الصوتية في التحكم بوظائف الخلايا المحورة وراثيًا داخل الجسم وتصويرها.
وفي الدراسة الأخيرة، استخدمت الموجات الصوتية بالتزامن مع فقاعات صغيرة حقنت في الدم لفتح الحاجز الدموي الدماغي مؤقتًا؛ وهو طبقة واقية تمنع المواد الضارة في الدم من الوصول إلى الدماغ. وقال جيري شيبلاوسكي، وهو المؤلف الرئيس للدراسة وباحث ما بعد الدكتوراه في مختبر شابيرو "عندما تصطدم الفقاعات بالموجات الصوتية، تهتز الأولى، فتؤدي الحركة الناتجة إلى فتح الحاجز الدموي الدماغي لبرهة من الزمن".
والخطوة الأولى في تنفيذ الاستراتيجية الثلاثية هي فتح الحاجز الدموي الدماغي مؤقتًا، وعندما يبقى الحاجز مفتوحًا عند المنطقة التي استهدفتها الموجات فوق الصوتية، يبدأ الفريق استخدام العلاج الجيني، فيحقن فيروسًا في الدم، فيعبر الحاجز، ثم يقدم تعليمات جينية إلى الخلايا المستهدفة تقضي بتصنيع بروتينات تدعى مستقبلات كيموجينية؛ وهي أدوات قوية صممت للاستجابة لعقار مخبري محدد. وآخر خطوات الاستراتيجية هي في تقديم العقار وتشغيل الخلايا العصبية أو إيقافها.
وطبق الباحثون استراتيجيتهم على فأر، فاستهدفوا خلاياها العصبية المسؤولة عن تشكيل الذاكرة، والموجودة في جزء من الدماغ يدعى الهيبوكامبوس. وعندما حقن الفأر بعقار كيموجيني، توقفت خلاياه العصبية عن العمل، ونتيجة لذلك، فقد جزئيًا القدرة على تشكيل ذكريات جديدة.
تدمج استراتيجية مختبر شابيرو الجديدة العقارات الكيموجينية مع الموجات فوق الصوتية، ولذلك سماها الفريق العقارات الكيموجينية المستهدفة صوتيًا واختصارها " إيه تي إيه سي".
وقال برايان روث، وهو أستاذ في علم الأدوية من جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل "حقًا إنه نهج مذهل وابتكاري، وسيكون مفيدًا لعلماء الأعصاب". وعلى الرغم من أن برايان اخترع بعض أولى البروتينات الكيموجينية، لكنه لم ينخرط في هذه الدراسة.
وصرح شابيرو "تمثل وسيلتنا حصيلة تقنيات جُرّبت جميعًا على الحيوانات، وما فتئت تجد طريقًا إلى العيادة، وبفضل تلك الجهود السابقة، قطعنا شوطًا أطول مما كنا سنقطعه لو بدأنا من الصفر".
ويتطلع الباحثون إلى الاستمرار في الاختبار على نماذج حيوانية تحمل أمراضًا كالصرع. ويخضع كثير من مرضى الصرع حاليًا لعمليات جراحية لاستئصال المناطق الدماغية التي يعتقد أن منطلق نوبات الصرع. وإن اعتمدت وسيلة «إيه تي إيه سي» قد نتمكن نظريًا من إيقاف مناطق محددة في الدماغ دون عمليات جراحية.
وأضاف جيري "هذه الوسيلة قابلة للعكس، إذ تستطيع استخدام العقار في إيقاف الخلايا أو تشغيلها، لكن بمرور الوقت، ستعود الخلايا إلى العمل، ويمكنك أن تحسب الجرعة اللازمة لتحديد مدى الإيقاف التام لتلك المنطقة من الدماغ".